كشف تحقيق أجرته صحيفة Guardian البريطانية، أن 1500 شخصٍ من طالبي اللجوء الذين أبعدتهم أستراليا، لا يزالون محتجزين في ناورو وجزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة، على الرغم من مرور سنوات على قرار ترحيلهم، في انتظار البت بطلبات لجوئهم.
تحقيق الصحيفة البريطانية الذي نُشر الأربعاء 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، أشار إلى أنه منذ أكثر من سبع سنوات؛ تجلّت سياسة أستراليا متمثّلة في ما يلي: إذا جئت طالباً للجوء عبر قارب، فلن تستقر هنا. ستُرحَّل إلى خارج البلاد وتعرف قرار البتّ في طلب لجوئك هناك.
في الفترة بين إعلان تلك السياسة على لسان رئيس الوزراء كيفن رود، في 19 يوليو/تموز 2013، وآخر عملية ترحيل إلى خارج أراضيها في ديسمبر/كانون الأوّل 2014، أرسلت أستراليا 3127 شخصاً كانوا يطلبون حمايتها الدولية كطالبي لجوء، إلى ناورو وجزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة.
لاجئون محتجزون بعد إبعادهم من أستراليا
كشف تحقيق أجرته صحيفة Guardian البريطانية، أن 1500 شخصٍ، أي قرابة نصف هذا العدد (نحو 47%) لم يُحسم أمرهم بعد؛ فلم يحصلوا على حق الإقامة الدائمة ويُحرمون من حقوق أساسية. وذلك رغم الاعتراف بأغلبهم (86.7%) كلاجئين.
رغم مزاعم الحكومة بأنها تعمل ليلاً ونهاراً، على إخراج الناس من ناورو وبابوا غينيا الجديدة، ظل 290 شخصاً مُبعداً هناك في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وهو آخر توقيت أُتيحت بشأنه بيانات رسمية.
ينقسم العدد مناصفةً بين بابوا غينيا الجديدة وناورو- 145 شخصاً في كل منهما- وقد ظل هؤلاء بالبلدين الناميَين، وقضى من هم في ناورو ما لا يقل عن ست سنوات بمراكز الاحتجاز هناك، فيما قبع من هم في بابوا غينيا الجديدة بمراكز الاحتجاز ما لا يقل عن خمس سنوات ونصف السنة.
التحقيق أشار إلى أن هناك أكثر من 1000 شخص في أستراليا بعد إجلائهم من البلاد لغرض تلقّي العلاج الطبي أو لمرافقة أحد المرضى من أفراد الأسرة أو الأصدقاء. ويُحتجز حالياً مئات منهم بالفنادق ومراكز الاحتجاز لمدة تزيد على عام، فيما أُطلق سراح آخرين بشروط صارمة.
ممنوعون من السفر أو العمل
تحظر أستراليا على هؤلاء العودة إلى ناورو أو بابوا غينيا الجديدة في أي وقت، كما لا يُسمح لهم بالتقدّم للحصول على أي تأشيرة، وضمن ذلك تأشيرات الحماية المؤقتة.
بينما يقبع بعضهم رهن الاحتجاز المجتمعي، أي تخضع تحركاتهم للمراقبة والحد من السفر. كما يُحرمون من حق العمل، فضلاً عن قيود أخرى. لكن توفّر لهم البلاد مساكن للإقامة.
تقول وزارة الشؤون الداخلية إن اللاجئين وطالبي اللجوء الذين أرسلتهم البلاد إلى ناورو وبابوا غينيا الجديدة، أمامهم خيارات هجرة دائمة؛ إذ يمكن إعادة توطينهم في الولايات المتحدة أو أي بلدٍ آخر، خلاف دولتهم وأستراليا، أو الاستقرار رسمياً في بابوا غينيا الجديدة أو العودة طواعيةً إلى بلدانهم أو أي بلد آخر يُسمح لهم بدخوله.
وهو الأمر الذي وصفه منسق شؤون اللاجئين في منظمة العفو الدولية، غراهام ثوم، بأنه "محض هراء"، وقال: "إنهم لاجئون، لذا لا يمكنهم العودة إلى ديارهم، ولا يُردّ أحد إلى خارج البلاد سواء أراد ذلك أو لم يرد. والخيار الوحيد المتاح في هذه اللحظة هو الولايات المتحدة، وليس بإمكان الجميع الذهاب إلى هناك".
الحكومة الأسترالية فشلت في حل الأزمة
لطالما بُررت المعاملة القاسية التي يعانيها هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 3127، بالردع.
إذ تعد سياسة الإبعاد والإقصاء من بين دعائم محاولات الحكومة صدّ القوارب التي تحمل طالبي اللجوء، وقد ازداد عددها على نحو هائل خلال عام 2012؛ مما أدّى إلى غرق المئات.
لكن بعدما توقَّف تدفق القوارب إلى البلاد في عامَي 2013 و2014، فشلت أستراليا في حل المشكلة التي صنعتها بنفسها وتتمثّل في أولئك الذين أبعدتهم عن أراضيها.
فيما تعثّرت خطى محاولات الحكومة التعامل مع المسألة خلال السنوات الأولى من تطبيق سياسة رود، وأبرمت حكومة رئيس الوزراء توني أبوت، صفقة بقيمة 55 مليون دولار مع كمبوديا؛ لعرض توطين اللاجئين.
بينما شهدت القضية التطور الأبرز في عام 2016، عندما أعلن رئيس الوزراء آنذاك، مالكولم تورنبول، عن صفقة مع الولايات المتحدة لإعادة توطين نحو 1200 لاجئ. ورغم معارضة الرئيس دونالد ترامب للاتفاق الذي أُبرم في عهد أوباما، فإنه وافق على تنفيذه.
لتنتهي المساعي بعد أربع سنوات بإعادة توطين 870 شخصاً، أي أقل من ربع الذين أرسلتهم أستراليا إلى المعتقلات خارج أراضيها، فيما حصل 260 على موافقة مشروطة على الذهاب إلى بابوا غينيا الجديدة (20 شخصاً)، وناورو (30 شخصاً)، وأستراليا (220 شخصاً). وظل مئات اللاجئين خلاف هؤلاء قيد مستقبل غامض.