قالت الرئاسة الفرنسية، الأربعاء 2 ديسمبر/كانون الثاني 2020، إنه لن يُقدم دعم مالي دولي للبنان حتى تشكيل حكومة، وحذرت من أن التدقيق في حسابات مصرف لبنان المركزي أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
يأتي ذلك قبل ساعات من إشراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على مؤتمر دولي افتراضي من أجل "دعم الشعب اللبناني".
فقد أدت أزمة مالية إلى انهيار العملة اللبنانية وإصابة البنوك بالشلل وارتفاع التضخم وانتشار الفقر. وأدت تلميحات إلى أن وقف الدعم يلوح في الأفق إلى عمليات شراء بدافع الخوف.
الوضع يزداد سوءاً ويتجه نحو مشاكل أسوأ
إذ قال مسؤول بالرئاسة الفرنسية قبيل انعقاد مؤتمر عبر دائرة تلفزيونية لتقييم الوضع الإنساني "تحتاج إلى الثقة من أجل اقتراض أو إقراض المال، والثقة ليست موجودة".
كما أضاف "سنظل هكذا ما دامت لا توجد حكومة ذات مصداقية"، وتابع المسؤول قائلاً إنه لم تُنفذ أي إجراءات بموجب خارطة الطريق الفرنسية المقترحة لمساعدة بيروت.
فيما قال أيضاً: "ما لدينا من معلومات يفيد بأن الوضع يزداد سوءاً، ويتجه نحو مشاكل أسوأ، وهذا يزيد من أهمية إجراء تدقيق حقيقي (في حسابات المصرف المركزي)".
أضاف أن القوى العالمية ستواصل ممارسة ضغوط سياسية على الساسة في بيروت، لكنه شكك في فاعلية العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة واستهدفت حلفاء لحزب الله المدعوم من إيران.
فيما يخص العقوبات الأمريكية قال المسؤول الفرنسي إنها لم تغير شيئاً على أرض الواقع، وأضاف "نحتاج إلى مواصلة فرض حملة من الضغوط السياسية العامة، فيما ندعم الشعب".
حشد الدعم لمساعدة لبنان
فقد دُعي رؤساء دول ومنظمات دولية وجهات مانحة متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية وممثلون للمجتمع المدني اللبناني، للمشاركة بهذا المؤتمر الذي ستتم إدارته من الإليزيه اعتباراً من الساعة (17:30 بتوقيت غرينتش)، كما أكدت الرئاسة الفرنسية.
الرئاسة قالت إن المؤتمر "يهدف إلى تقييم المساعدات التي قدمها المجتمع الدولي وتقييم ترتيبات توزيعها منذ مؤتمر 9 آب/أغسطس 2020، والنظر في الاحتياجات الجديدة والعمل على تلبيتها، في سياق الأزمة التي يعانيها البلاد".
كان مؤتمر 9 آب/أغسطس الذي نُظم بشكل طارئ بعد خمسة أيام فقط من انفجار بيروت، قد أتاح تحريك مساعدات بقيمة 250 مليون يورو للبنان.
بينما أبقى ماكرون على عقد المؤتمر الجديد رغم عدم إيفاء الطبقة السياسية اللبنانية بتعهداتها بتشكيل حكومة جديدة من اختصاصيين مستقلين، من أجل إطلاق إصلاحات هيكلية يطالب بها المجتمع الدولي مقابل دعم طويل الأمد.
الأزمة الاقتصادية متصاعدة
خلال الأشهر الأخيرة، ازدادت حدة الأزمة الاقتصادية التي وصفها البنك الدولي بـ"الكساد المتعمد" في تقرير نُشر الثلاثاء الفائت، مندداً بـ"غياب التوافق السياسي حول الأولويات الوطنية" الذي "يعوق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات إنمائية متبصرة طويلة الأجل".
من جانبه، رجّح البنك الدولي تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد إلى -19,2% عام 2020، بعد انكماشه بنسبة -6,7% عام 2019. وقال إنّ انهيار العملة أدى إلى "معدلات تضخم تجاوزت حد الـ100%".
إضافة إلى تراجع غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية والتضخم، لا تزال القوى السياسية جراء الانقسامات والخلاف على الحصص عاجزة عن تشكيل حكومة بعد ثلاثة أشهر من استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، رغم الضغوط الدولية التي تقودها فرنسا.
كما أن دعم السلع في خطر
يتزامن عقد المؤتمر الدولي حول لبنان مع تحذيرات أطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي قال الثلاثاء إن البنك المركزي غير قادر على إبقاء دعم السلع الأساسية لأكثر من شهرين آخرين، وإن على الدولة أن تضع خطة في ظل تفاقم الأزمة المالية.
فخلال مقابلة مع قناة "العربية الحدث"، قال سلامة إن البنك المركزي سيلتزم بتسليم حسابات الدولة في إطار أي تدقيق جنائي، لكن تسليم حسابات البنوك المحلية يتطلب تعديل القانون.
نظراً لكون لبنان يشهد انهياراً مالياً غير مسبوق، ومع نضوب تدفقات الدولار من الخارج، استخدم البنك المركزي الاحتياطات المتناقصة لتوفير النقد الأجنبي لتمويل الواردات الأساسية من الوقود والقمح والأدوية.
سلامة قال في المقابلة "عندنا إمكانية أن نظل على الدعم لشهرين (…) مصرف لبنان اليوم يؤمن كل شيء بحاجة له الدولة (…) كل التمويل للكهرباء وللماء وللوقود وللدواء وللقمح والاتصالات". وأضاف أن المشرعين سيجتمعون هذا الأسبوع للشروع في وضع خطة.
كما تساءل سلامة بخصوص الدعم "ألا يوجد في البلاد غير مصرف لبنان؟ هذا السؤال يجب أن يُسأل للمسؤولين عن البلد"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.