بعد أسبوعين من إعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، واصل الرئيس دونالد ترامب، السبت 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ترديد مزاعمه بحدوث تزوير واسع النطاق في الانتخابات الأمريكية، وذلك رغم الانتكاسات القانونية المتتالية التي مُني بها في محاولاته المضنية غير المسبوقة لإبطال النتيجة.
يرفض ترامب، المنتمي إلى الحزب الجمهوري، التسليم بالخسارة، ويسعى لإبطال أو قلب نتائج الانتخابات الأمريكية من خلال الطعون وإعادة فرز الأصوات في عدد من الولايات الحاسمة، زاعماً دون دليلٍ حدوث تزوير منسق وواسع النطاق، لكنَّ حملته لم تتمكن من تقديم أي دليل.
انتكاسة جديدة لترامب: هذا المسعى الذي وصفه منتقدوه بأنه محاولة فريدة من رئيس لدحض إرادة الناخبين، لم يلقَ نجاحاً يُذكر حتى الآن، فقد مُنيت حملته بسلسلة من الانتكاسات القضائية، ويبدو أنها أخفقت في إقناع الجمهوريين في الولايات التي خسرها، مثل ميشيغان، بتصديق نظريات المؤامرة التي يروج لها دون سند.
بدا مسعى ترامب للتشبث بالسلطة أضعف من أي وقت مضى، الجمعة 20 نوفمبر/تشرين الثاني، بعدما أعلن براد رافينسبرجر، سكرتير جورجيا المسؤول عن العملية الانتخابية بالولاية، أن الفرز اليدوي ومراجعة كل الأصوات بالولاية الجنوبية يؤكدان فوز بايدن بأصوات الولاية.
إذ وجَّه اثنان من القيادات الجمهورية بولاية ميشيغان صفعة أخرى حينما قالا مساء الجمعة، بعد اجتماع في البيت الأبيض مع ترامب: "لم نطّلع بعد على أي معلومات من شأنها تغيير نتيجة الانتخابات في ميشيغان".
فقد قال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ في ميشيغان، مايك شيركي، ورئيس مجلس النواب بالولاية لي تشاتفيلد، في بيان مشترك: "سنتبع القانون والعملية الطبيعية فيما يخص أعضاء المجمع الانتخابي عن ميشيغان".
مزاعم جديدة بالتزوير: بينما قال ترامب، السبت، إن وسائل الإعلام أخطأت في قراءة البيان، الذي قال فيه المشرعان أيضاً، إنهما يثقان بمراجعة نتيجة الانتخابات الأمريكية التي أجراها عدد من النواب في الولاية. وأضاف: "سيظهر تزوير هائل".
فيما ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة، أن فريق ترامب يعلق آماله على محاولة لدفع المجالس التشريعية الخاضعة لسيطرة الجمهوريين في الولايات الحاسمة التي فاز بها بايدن، إلى تنحية النتائج جانباً وإعلان ترامب فائزاً بالتصويت.
هذا مسعى طويل المدى يركز حالياً على بنسلفانيا وميشيغان، لكن حتى وإن تحولت الولايتان لصالح ترامب فسيحتاج قلب نتيجة التصويت بولاية ثالثة للتفوق على بايدن في المجمع الانتخابي. وإجراء كهذا سيكون سابقةً في التاريخ الأمريكي الحديث.
ضغوط لبدء الانتقال الرسمي: بعدما أصبح بايدن الرئيسَ المنتخب في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، إثر فوزه في بنسلفانيا الذي دفع شبكات تلفزيونية رئيسية إلى إعلانه الفائز في الانتخابات الأمريكية، من المقرر أن يقضي السبت في الاجتماع مع كامالا هاريس نائبته المنتخبة، ومع مستشاريه خلال الفترة الانتقالية.
كثيراً ما أثار نهج "أمريكا أولاً" الذي تبناه ترامب، جدلاً في اجتماعات قمة مثل مجموعة العشرين، وأبدى كثير من حلفاء الولايات المتحدة ترحيباً هادئاً بتغيير القيادة في واشنطن.
فيما تزايد الضغط على ترامب لبدء عملية الانتقال الرسمي، وعبّر مزيد من الجمهوريين عن تشكُّكهم في مزاعمه غير المستندة إلى أدلة عن تزوير الانتخابات.
إذ لا تزال إدارة الخدمات العامة، التي يديرها مسؤول عيَّنه ترامب، لا تعترف بفوز بايدن في الانتخابات الأمريكية وتمنع فريقه من دخول المقار الحكومية ومن استخدام التمويل المتاح عادة للإدارة القادمة.
بينما يقول منتقدو ترامب، إنَّ رفضه الإذعان للنتيجة ستترتب عليه آثار خطيرة على الأمن القومي وعلى مواجهة جائحة كورونا التي أودت بحياة أكثر من 250 ألفاً بالولايات المتحدة.
مرشح غير "اعتيادي": بالنسبة للأمريكيين، كان دونالد ترامب مرشحاً رئيسياً غير اعتيادي، كسر العديد من التابوهات السياسية وتجاهل العديد من الأعراف الدبلوماسية، مثل زعمه المتكرر بتزوير الانتخابات الأمريكية، ورفضه في المناظرة الرئاسية الثالثة، القول إنه سيقبل بالنتيجة مهما كانت، حين وعد: "سأُبقيكم في حالة ترقب"، خصوصاً أن حجة التزوير هذه كانت من ركائز حملته في الانتخابات التمهيدية عام 2016.
تزوير الانتخابات الأمريكية الذي يقصده ترامب ينقسم إلى مستويين: الأول يدور حول انحياز وسائل الإعلام ضده وتأثير ذلك على أصوات الناخبين، والثاني قاله صريحاً بأن الانتخابات قد "تُسرق" منه، وحذَّر مؤيديه، مطالباً إياهم "بمراقبة مراكز الاقتراع".
ترامب يعد أول مرشحٍ رئاسي من حزب كبير، يجعل الادعاءات بوجود تزوير منهجي ركيزةً محورية لحملته الانتخابية، وقد مسَّ هذا التوجه تقليداً قديم الأزل في السياسة الأمريكية وهو "الانتقال السلمي للسلطة"، الذي يعود تاريخه إلى أيام تأسيس البلاد.