أعلن المتمردون الشماليون في إقليم تيغراي، الأربعاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، التحدي ضد حكومة إثيوبيا، وتوعّدوا "بالجحيم" في الحرب المستمرة منذ أسبوعين، فيما ذكر التلفزيون الرسمي أن السلطات أصدرت مذكرات اعتقال بحق 76 ضابطاً من الجيش بتهمة "الخيانة"، لصلتهم بقادة الإقليم.
حيث أودى الصراع بحياة المئات، ودفع نحو 30 ألفاً للفرار إلى السودان، وأثار الشكوك حول ما إذا كان رئيس الوزراء آبي أحمد، أصغر زعماء إفريقيا سناً، والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019، يمكن أن يوحد الجماعات العرقية المنقسمة كثيرة العدد في بلاده.
القوات وعاصمة تيغراي: وفي تجاهل للنداءات الدولية لإجراء محادثات مع قادة الإقليم، أعلنت الحكومة الإثيوبية أن قواتها تتقدم صوب ميكيلي عاصمة تيغراي، وستعلن النصر قريباً على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي يتهمها آبي بالتمرد.
في المقابل يقول المتمردون إنهم استولوا على دبابات ومدفعية خلال سلسلة انتصارات رغم التفوق العددي للقوات الإثيوبية. وقالوا في بيان "تيغراي هي الآن جحيم لأعدائها، شعب تيغراي لن يركع أبداً".
فيما تقول الجبهة إن آبي الذي كان قائداً عسكرياً سابقاً بالإقليم، وشريكاً سياسياً يضطهد جماعتهم العرقية، ويعزل المسؤولين الذين ينتمون لها من المناصب الأمنية والحكومية البارزة، منذ توليه السلطة في 2018، ويريد الآن السيطرة عليهم بالكامل.
محاكمة مسؤولين سابقين: من ناحية اخرى، قامت حكومة آبي بمحاكمة مسؤولين سابقين كثير منهم من التيغراي على جرائم مثل التعذيب والقتل والفساد، لكنها تنفي أي محاولة للهيمنة العرقية.
كما قالت لجنة الطوارئ الحكومية المشكلة للتعامل مع الأزمة في بيان الأربعاء "الحكومة الاتحادية تشجب بأقوى العبارات التوصيف الخاطئ لهذه العملية، بأن لها أي انحياز عرقي أو أي انحياز آخر".
فيما قال دبرصيون جبراميكائيل، الرئيس المنتخب لتيغراي في انتخابات لا تعترف بها الحكومة، لرويترز، في رسالة نصية، إن قواته تراجعت، لكنه نفى تدمير جسور أو طرق مؤدية إلى العاصمة. وأضاف "غيرنا خط دفاعنا، ونتيجة لذلك فهم يدخلون بعض بلدات جنوب تيغراي".
من ناحية أخرى اتهم زعماء تيغراي في بيان مطول القوات الحكومية باستهداف مدنيين وكنائس ومنازل. وتقول الحكومة إنها لا تستهدف سوى الأهداف التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وتتهم قوات تيغراي باستخدام المدنيين دروعاً بشرية.
عزل كامل للإقليم: في سياق متصل أصبح إقليم تيغراي الشمالي معزولاً بدرجة كبيرة عن بقية العالم، مع حظر الإعلام وانقطاع الاتصالات، وسحب عمال الإغاثة، ما يعني أن رويترز لا يمكنها التحقق بشكل مستقل من مزاعم أي من الطرفين.
وتم اقتلاع مئات الألوف من منازلهم، بينما تم وقف خدمات الإنترنت والكهرباء والبنوك. وأضاف بيان حكام تيغراي "محاولة حكم شعب تيغراي بالقوة أشبه بالسير على الجمر… تيغراي ستكون مقبرة المعتدين وليس ساحتهم".
من جانبهم قال لاجئون إن ميليشيات من إقليم أمهرة المجاور هاجمتهم لاعتبارات عرقية، وإن الغارات الجوية الحكومية تقتل مدنيين. ووردت تقارير كذلك عن فقد أبناء الإقليم لوظائفهم، وتعرضهم للتمييز في مختلف أرجاء إثيوبيا.
واستخدم حكام تيغراي تعبير "إبادة جماعية"، لكن حكومة أبي نفت مراراً أي نوايا عرقية خفية، قائلة إن كل ما تقوم به هو استعادة حكم القانون وملاحقة المجرمين وضمان وحدة البلاد.
وأصول آبي مختلطة، فهو ولد لأبوين أحدهما من عرقية أورومو والآخر من أمهرا، وهما أكبر وثاني أكبر عرقيتين في البلاد.
إجمالي سكان إثيوبيا: يمثل سكان تيغراي 5% من إجمالي سكان إثيوبيا. وهيمنت جماعتهم العرقية على القيادة السياسية في البلاد منذ 1991 حتى 2018، قبل أن يتولى رئاسة الوزراء ويبدأ في فتح الاقتصاد والتعامل مع نظام سياسي قمعي قاد إلى سجن عشرات الألوف من السجناء السياسيين.
وفي تعليق نادر على أنشطة أحد الفائزين السابقين بجائزة نوبل، عبرت لجنة نوبل في أوسلو عن قلقها العميق هذا الأسبوع، ودعت إلى حل سلمي للصراع.
من جانبها أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي صواريخ على إريتريا المجاورة، ما أدى إلى تصعيد الحرب خارج الحدود الوطنية. وللجبهة الشعبية عداء طويل الأمد مع حكومة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
يذكر أن آبي فاز بجائزة نوبل في عام 2019، لإبرامه اتفاقية سلام مع أفورقي.
قوة جيش إثيوبيا: أما جيش إثيوبيا فهو من أقوى الجيوش في إفريقيا، لكن العديد من كبار الضباط من تيغراي، وينشر الكثير من أسلحته الثقيلة في الإقليم الذي كان على خط المواجهة في صراع استمر نحو 20 عاماً مع إريتريا، بعد حرب دارت رحاها بين 1998 و2000.
في حين تتمتع قوات تيغراي أيضاً بالصلابة القتالية، ولديها خبرة من القتال ضد إريتريا، ولعبت دوراً بارزاً في الإطاحة بالديكتاتورية الماركسية عام 1991.
من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن منشآت الرعاية الصحية في تيغراي وأمهرة تعاني من نقص الإمدادات والمساعدات للعديد من الجرحى. وقالت رئيسة اللجنة كاتيا سورين "نشهد أزمة إنسانية مدمرة، ليس فقط داخل إثيوبيا، ولكن عبر حدودها".