قالت صحيفة The Independent البريطانية، الجمعة 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى "إصلاح عميق" فيما يتعلق بالقواعد المنظمة لمنطقة دول "الشنغن" الأوروبية المفتوحة حدودياً، ويشمل ذلك إنشاء "قوة حدودية مناسبة" لإحكام السيطرة على الحدود الخارجية للمنطقة.
تأتي تعليقات ماكرون في أعقاب هجومين إرهابيين شنَّهما متطرفون يشتبه في كونهم ذوي انتماءات إسلامية في مدينتي نيس الفرنسية وفيينا النمساوية، حيث سافر الجناة المزعومون مؤخراً بحرية بين دول الدول الأعضاء في منطقة الشنغن.
إجراءات جديدة لمنع الهجرة: إذ قال الرئيس الفرنسي إن التغييرات ضرورية لمنع الهجرة السرية وتضييق الخناق على شبكات التهريب المسؤولة عن الهجرة غير الشرعية والتي زعم أن لها صلات متنامية بالإرهاب، وإن كان من غير الواضح ما هو دليله على هذا الادعاء.
أثناء زيارة للحدود الفرنسية الإسبانية يوم الخميس 5 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن ماكرون أنه سيُقدم مقترحاته إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي في القمة المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول، وأنه سيسعى إلى تعزيز العمل عليها خلال رئاسة فرنسا لمجلس الاتحاد الأوروبي في عام 2022.
في حين يقول ماكرون إن إجراءاته ترمي بالأساس إلى مواجهة "التهديد المتفاقم" للإرهاب، أخبر وزير دولة فرنسي وكالةَ Reuters أن المقترحات التي سيتقدّم بها ماكرون ستستند إلى المبادئ التي سبق أن طرحها في رسالته إلى المواطنين قبل انتخابات البرلمان الأوروبي 2019.
في تلك الرسالة، كتب ماكرون أن أوروبا بحاجة إلى قوة حدودية مشتركة ومكتبٍ واحد لتنظيم عمليات اللجوء، وبالإضافة إلى التزامات صارمة بمراقبة الحدود، وأن تقدم كل دولة معلوماتها الاستخباراتية ذات الصلة تحت سلطة المجلس الأوروبي للأمن الداخلي.
إصلاح منطقة شنغن: على المنوال ذاته، قال ماكرون يوم الخميس 5 نوفمبر/تشرين الثاني: "أنا أدعو إلى إجراء إصلاح عميق [لقواعد] منطقة الشنغن وإعادة التفكير في تنظيمها وتعزيز أمن الحدود الأوروبية المشتركة بإنشاء قوة حدودية مناسبة".
تتكون منطقة الشنغن من 22 دولة، من أصل 27 دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أيسلندا والنرويج وسويسرا وليختنشتاين، التي لا توجد بينها قيود حدودية. أما بريطانيا وأيرلندا فليستا جزءاً منها.
إضافةً إلى تلك المقترحات، أعلن ماكرون، برفقة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانين ووزير الشؤون الأوروبية كليمنت بون، أنه سيُضاعف عدد أفراد الشرطة على الحدود الفرنسية.
بحسب ماكرون، فإن قائد شرطة الحدود الفرنسية كان قد أبلغهم أن هناك زيادةً في محاولات عبور الحدود الفرنسية الإسبانية بعد أن أُعيد فتحها في يونيو/حزيران مع رفع قيود الإغلاق المرتبطة بجائحة كورونا.
أرقام قياسية للملفات المرفوضة: في غضون ذلك، بلغ عدد الأشخاص الذين رُفض دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي رقماً قياسياً في عام 2019، إذ أُبعد أكثر من 717 ألف شخص.
كما تشير بيانات "يوروستات" Eurostat التابعة للمفوضية الأوروبية، إلى أنه قد تبين أن هناك أكثر من 627 ألف شخص من خارج الاتحاد الأوروبي موجودون بطريقة غير قانونية في الكتلة الأوروبية التي تضم 446 مليون شخص، بزيادة بلغت 10% عن العام السابق.
في حين أنه ليس من الواضح ما هو الدليل الذي استند إليه ماكرون في ادعائه أن مهربي البشر لديهم صلات متنامية بالجماعات الإرهابية، فإن بحثاً أجراه "معهد دراسة الحرب" الأمريكي في عام 2017 كان قد كشف أنه لم يجد أي دليل على أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يسعى إلى تجنيد طالبي اللجوء أو يبث دعوات التطرف فيهم على نحو منظّم.
يقول الرئيس الفرنسي إن الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية في فرنسا والنمسا كانت بمثابة تحذير لأوروبا بأن "خطر الإرهاب موجود في كل مكان".
محاولات ماكرون لتهدئة المسلمين: من جانب آخر، تأتي تعليقات ماكرون الأقل حدة في وقت يُقال إنه يسعى فيه إلى تهدئة موجة المشاعر المعادية للفرنسيين التي أثارها تصريحه السابق بأن الإسلام "دين يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم اليوم".
كانت تصريحات ماكرون قد جُوبهت برفض واسع النطاق شعبياً ومن قبل بعض الزعماء العرب، إضافة إلى الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، وكان الاستثناء من ذلك وزير الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، الذي أعلن دعم سلطات بلاده لماكرون وقال إن كلماته "قد أُخرجت عمداً عن سياقها"، وإن "على المسلمين أن يُنصتوا بعناية إلى ما قاله ماكرون في خطابه، من جهة أنه لا يريد عزل المسلمين في الغرب"، بحسب رأيه.