“غدامس” يقرب الفرقاء الليبيين.. لكن لابد من حسم هذه النقاط أولاً

عربي بوست
تم النشر: 2020/11/06 الساعة 09:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/06 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
هل ينجح عقيلة صالح في تكوين حلف عربي يساهم في تحجيم الدور التركي في ليبيا/رويترز

حققت اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) خطوة ثانية مهمة نحو بناء الثقة بين الفرقاء الليبيين، بعد أن وضعت بمدينة غدامس، 2-4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق نار دائم، الموقع في جنيف، 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 

هذه المرة الأولى منذ 2019، التي يجتمع فيها الفرقاء الليبيون داخل بلادهم، وبالضبط في مدينة غدامس (450 كلم جنوب غرب طرابلس)، ومن المتوقع أن تتواصل هذه الاجتماعات في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) مستقبلاً.

إحدى أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها؛ تشكيل لجنة فرعية، تابعة للجنة "5+5″، تكون مهمتها الرئيسية الإشراف على "عودة القوات إلى مقراتها"، و"سحب القوات الأجنبية من خطوط التماس".

والملاحظ أنه لم يتم تحديد مواقع هذه المقرات العسكرية، خاصة بالنسبة لقوات حفتر، التي تسيطر على عدة معسكرات في المنطقة ما بين محافظتي سرت والجفرة (وسط)، والتي يفترض أن تكون منزوعة السلاح، وفق المبادرة الأمريكية-الأممية.

كما تم الاتفاق على "سحب القوات الأجنبية من خطوط التماس"، بدل "انسحاب كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من (كامل) البلاد في موعد أقصاه ثلاثة أشهر اعتباراً من يوم إبرامه"، كما جاء في اتفاق جنيف.

المرتزقة الروس في ليبيا/رويترز

إذ حذفت كلمة مرتزقة من ديباجة اتفاق غدامس، التي كانت عادة ما تشير إلى مرتزقة شركة فاغنر الروسية وأيضاً المرتزقة التشاديين والسودانيين والسوريين، خاصة المتواجدين في سرت وقاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس) لدعم قوات حفتر.

وتحدثت تفاهمات غدامس عن سحب القوات الأجنبية من "خطوط التماس" وليس من كامل البلاد، كما جاء في اتفاق جنيف.

حيث سبق أن نبه وزير الدفاع الليبي صلاح الدين النمروش إلى أن "اتفاق جنيف لا يشمل اتفاقية التعاون العسكري مع تركيا".

إحدى المهام الأخرى للجنة العسكرية الفرعية، التي أكد عليها اتفاق غدامس، استمرار تبادل المحتجزين (الأسرى) إلى حين إتمام الملف، وتحرير كامل المعتقلين لدى الطرفين.

سرت تستعد لتكون عاصمة مؤقتة

اتفقت لجنة "5+5" العسكرية على أن يكون مقرها الدائم في قاعات واغادوغو بسرت، والتي احتضنت قمة إفريقية وأخرى عربية في عهد نظام معمر القذافي (1969-2011).

حيث ستعقد لجنة "5+5" اجتماعها القادم في سرت، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ومن المنتظر أيضاً أن تعقد اللجنة العسكرية الفرعية اجتماعها الأول في سرت، في القريب العاجل، بحضور لجنة "5+5″، مع وجود ممثلي البعثة الأممية. 

أما اللجنة الأمنية المشتركة، فسيكون لها مقران في سرت وفي مدينة هون، مركز محافظة الجفرة، التي لا يوجد بها أي مدينة بنفس الاسم.

وهذه اللجنة مكلفة بوضع الترتيبات الأمنية في "المنطقة المحددة"، والمقصود بها سرت-الجفرة، مما يؤكد أن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) ماضية نحو توفير الترتيبات الأمنية اللازمة في سرت، لتكون العاصمة المؤقتة للبلاد خلال المرحلة الانتقالية المقبلة.

قوات تابعة لحكومة الوفاق على تخوم مدينة سرت/ رويترز

وتتولى اللجنة الأمنية المشتركة تأمين مقرات السيادة، مثل المجلس الرئاسي الجديد، والحكومة والبرلمان، وربما حتى المجلس الأعلى للدولة، والبنك المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط.

كما سيكون من مهامها حماية الشخصيات المهمة، بعد سحب الميليشيات والمرتزقة والأسلحة الثقيلة من سرت.

نزار كعوان، نائب رئيس حزب العدالة والبناء (إسلامي)، عضو لجنة الحوار بتونس، نفى أن يكون تم الاتفاق بشكل نهائي على نقل مؤسسات السيادة من العاصمة طرابلس إلى سرت.

مراقبون دوليون.. الأوروبيون ينتظرون دورهم

اللافت في تفاهمات غدامس أنه لأول مرة يتم الاتفاق بشكل "رسمي" على إشراك "مراقبين دوليين"، على وقف إطلاق النار، وسحب المرتزقة والقوات الأجنبية من منطقة سرت-الجفرة.

رغم أنه سبق للجيش الليبي أن دعا الأمم المتحدة لإرسال مراقبين دوليين، في ظل تحشيد ميليشيات حفتر ومرتزقته لعناصرها في سرت وقاعدة الجفرة الجوية وأيضاً قاعدة براك الشاطئ (700 كلم جنوب طرابلس).

الاتحاد الأوروبي أبدى رغبة في نشر مراقبين عسكريين لتثبيت وقف إطلاق النار، لتستعيد أوروبا دورها التاريخي في حديقتها الخلفية (ليبيا) وسحب البساط من تحت أرجل تركيا وروسيا.

لكن خطة رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، "بنشر مراقبين عسكريين أوروبيين في ليبيا"، وإمكانية القيام بمهمة عسكرية عمادها لواءان، من 5 إلى 10 آلاف جندي، لا تحظى بإجماع وزراء الدفاع الأوروبيين، بحسب موقع "بوليتيكو" الأوروبي.

بعد خروقات حفتر المتكررة لوقف إطلاق النار.. هل يرسل الأوروبيون قوات حفظ سلام دولية إلى ليبيا؟

فالاتحاد يخطط بأن يكون له الثقل الأكبر على الأرض، بعد أن أخفقت مهمة إيريني البحرية، التي أطلقها رسمياً في أبريل/نيسان الماضي، في تحقيق أهدافها، لكن دول الاتحاد مازالت مترددة بشأن إنفاق مزيد من الموارد ومواجهة العديد من الأخطار.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، قال بوريل، لمجلة دير شبيغل الألمانية "إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في ليبيا، فيجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعداً للمساعدة في تنفيذ ومراقبة وقف إطلاق النار، ربما أيضاً مع (إرسال) جنود، على سبيل المثال كجزء من مهمة الاتحاد الأوروبي".

توحيد حرس النفط

إحدى النقاط المهمة التي تم الاتفاق عليها في غدامس، توحيد حرس المنشآت النفطية، والذي شكل منذ 2013 صداعاً كبيراً لمؤسسة النفط، لدوره في وقف نشاط هذا القطاع الحيوي عدة مرات، مكلفاً خزينة البلاد عشرات المليارات من الدولارات.

وفي هذا الصدد، تم تحديد 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لعقد أول اجتماع لتوحيد حرس المنشآت النفطية بمدينة البريقة (شرق)، التي تضم أحد موانئ الهلال النفطي الخاضع لسيطرة ميليشيات حفتر.

ويشارك في هذا الاجتماع، قائدا حرس المنشآت النفطية، التابعان لحفتر وللحكومة الشرعية، ومدير المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، بالإضافة إلى ممثلي البعثة الأممية، على أن يرفع المجتمعون أعمالهم إلى لجنة "5+5" العسكرية.

نزع الألغام وفتح المطارات

ومن النقاط التقنية المعنية مباشرة بحياة المواطن الليبي، تقرر في غدامس تشكيل فرق هندسية لإزالة الألغام، بالتعاون مع فريق الأمم المتحدة، وجهاز المخابرات العامة.

حيث مازالت إلى اليوم الألغام التي زرعتها ميليشيات حفتر ومرتزقة فاغنر في الأحياء الجنوبية لطرابلس، تحصد حياة المزيد من الأرواح، آخرها مقتل طفلين في حي وادي الربيع، قبل أكثر من أسبوع.

لذلك فمن الضروري أن تسلم ميليشيات حفتر خرائط حقول الألغام ليس فقط في طرابلس بل أيضاً في سرت والجفرة، لوقف هذه المآسي "النائمة".

تهدف كل المساعي لإعادة انتاج النفط الليبي وتصديره / رويترز

وبالنسبة للمطارات، فقررت لجنة "5+5" العمل الفوري على تشغيل رحلات دورية إلى مطاري سبها وغدامس.

وتعاني هذه المناطق الصحراوية النائية من عزلة كبيرة، تفاقمت مع وقف ميليشيات حفتر للرحلات الجوية القادمة من طرابلس ومطارات الغرب الليبي.

ومؤخراً، شهدت سبها (750 كلم جنوب طرابلس) عدة مظاهرات واحتجاجات ضد وقف الرحلات من وإلى العاصمة.

كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مختصة بمتابعة ومكافحة خطاب الكراهية، ذات طابع مدني. 

وجددت اللجنة العسكرية "5+5" مطالبة مجلس الأمن بالتعجيل لإصدار قرار ملزم لتنفيذ بنود اتفاق جنيف، وهو ما دعا إليه أيضاً، المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك لتدعيم الاتفاق.

وتمهد تفاهمات غدامس وقبلها اتفاق جنيف الطريق أمام اتفاق سياسي محتمل في مؤتمر تونس، والذي من شأنه إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وفصل الحكومة عنه، وتحديد أسماء من سيتولون المناصب السيادية السبعة.

تحميل المزيد