كشف موقع Axios الأمريكي، الأربعاء 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن إسرائيل مارست كافة ضغوطها وعلاقاتها لتطبيع العلاقات مع السودان، وهي من ساهمت في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية، بحسب شهادات أربعة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين شاركوا في التحضير لاتفاق التطبيع.
فقد أكد الموقع أن إسرائيل هي التي سهّلت المحادثات بين الولايات المتحدة والسودان حول الصفقة الأوسع التي شملت إزالة السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وليس العكس.
كواليس الاتفاق: ففي زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لإسرائيل في أبريل/نيسان، ضغط عليه نتنياهو للنظر في أمر السودان بوصفها فرصة لا بد من اغتنامها، حيث أكد الموقع أن نتنياهو هو مَن فتح قناة تواصل مباشرة بين بومبيو والبرهان.
كما أكد المسؤولون، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن الإسرائيليين هم مَن اقترحوا أن تدمج إدارة ترامب حوارها السوداني مع المحادثات السودانية-الإسرائيلية حول التطبيع.
وفي أول زيارة لبومبيو إلى السودان، وذلك في طريقه لتل أبيب أواخر أغسطس/آب، كانت تلك الزيارة بتنسيق وترتيب من الإسرائيليين، حيث أطلع مساعدو نتنياهو مستشاري بومبيو على التفاصيل، كما منحوهم بعض النصائح حول كيفية إدارة المحادثات، حسبما أشار الموقع.
في تلك الزيارة، أشار الموقع إلى أن البرهان كان حريصاً على إبرام الصفقة التي تضمنت قائمة الإرهاب والتطبيع معاً، ولكنّه كان بحاجةٍ إلى موافقة حمدوك.
حين التقى بومبيو حمدوك، تقدّم إليه بالعرض التالي: إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، والحصول على حزمة مساعدات أمريكية، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مخبراً إياه "أنّ ترامب جاهزٌ لعقد الصفقة مباشرةً، لدرجة أنّه اقترح مكالمةً مع ترامب ونتنياهو لإبرامها في حينها، لكن حمدوك اعترض"، بحسب الموقع.
وبحلول الـ21 من سبتمبر/أيلول، بدا أنّ الصفقة باتت وشيكة، فنظّم الإماراتيون والإسرائيليون اجتماعاً في أبوظبي بين وفدٍ سوداني رفيع المستوى وفريقٍ من البيت الأبيض بقيادة الجنرال ميغيل كوريا، مدير شؤون إفريقيا والخليج بمجلس الأمن القومي، لكن المحادثات انهارت بعد يومين من المفاوضات.
من جانبهم، عمل الإسرائيليون والإماراتيون على تهدئة التوترات وتقريب وجهات النظر، محذرين السودانيين من أنّهم لن يحصلوا على صفقةٍ جيدة بهذه الدرجة بعد الانتخابات الأمريكية، مع الضغط على واشنطن لتحسين مزايا الصفقة، حيث استُؤنِفَت المحادثات بعد توقف قصير.
وخلال ما تبيّن أنّه اجتماعٌ حاسم يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول في الخرطوم، كادت المحادثات تنهار مرةً أخرى بسبب تسلسل عناصر الاتفاق، إذ أرادت الولايات المتحدة أن تُعلِن السودان اتفاقية التطبيع مع إسرائيل أولاً، أو على الأقل بالتزامن مع إعلان إزالة اسمها من قوائم الإرهاب، لكنّهم استسلموا في النهاية للإصرار السوداني على رفع التصنيف الإرهابي أولاً.
وبعد يومين، أعلن ترامب الصفقة مع نتنياهو والقادة السودانيين على الهاتف، وأمام شاشات التلفاز.
رغبة إسرائيلية: يُشار إلى أنه منذ اللحظة الأولى للإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، اقترح نتنياهو عقد اجتماعٍ مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان لمناقشة التطبيع.
حيث وصل المحامي البريطاني-الإسرائيلي نيك كوفمان، الذي كان يُقدم المشورة للحكومة السودانية بشأن تسليم البشير المحتمل إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلى الخرطوم حاملاً رسالةً من نتنياهو، وعاد بردّ إيجابي من البرهان.
بينما عملت المستشارة المقربة من البرهان، نجوى قدح الدم، التي كانت مستشارةً أيضاً للرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، عن قربٍ مع ماعوز، المسؤول في جهاز الموساد عن العلاقات مع الدول العربية، من أجل ترتيب اجتماعٍ سري في أوغندا برعاية موسيفيني.
ومثّل الاجتماع الذي عُقِدَ في الثالث من فبراير/شباط، في أوغندا، انفراجةً تاريخية في العلاقات السودانية-الإسرائيلية. وكان البرهان على استعدادٍ للمضي قُدُماً في التطبيع على الفور، لكن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك -الذي لم يعلم بأمر الاجتماع- عارض الفكرة بشدة، وفقاً للمسؤولين الإسرائيليين.
إلى أن سمحت السودان للطائرات الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السوداني للمرة الأولى في مارس/آذار، من أجل إجلاء الإسرائيليين من دول جنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعادت فكرة التطبيع مع إسرائيل للنقاش في الدوائر السياسية في السودان.