قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، في كلمة نقلتها وسائل إعلام فرنسية، إن الدين الإسلامي "يمر بأزمة في كل مكان في العالم اليوم" مرتبطة بـ"التوترات مع الأصوليين".
تصريحات الرئيس الفرنسي سبقت خطاباً متلفزاً له منظّراً بقوة، سيكشف فيه عن تفاصيل خطته ضد "النَّزعات الانفصالية" خاصة ما أطلقت عليه وسائل الإعلام "النَّزعة الإسلاموية المتطرفة".
العلمانية في مواجهة "الإسلام المتطرف": أكد ماكرون أن "الإسلام دين يمر اليوم بأزمة في جميع أنحاء العالم، ولا نراها في بلادنا فقط"، مشدداً على كونها "أزمة عميقة مرتبطة بالتوترات بين الأصولية والمشاريع الدينية والسياسية التي تؤدي إلى تصلب شديد للغاية".
كما قال ماكرون إن على الدولة الفرنسية "مكافحة الانفصالية الإسلاموية"، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تأسيس مجتمع مضاد، داعياً في الوقت عينه إلى "فهم أفضل للإسلام" وتعليم اللغة العربية.
أضاف ماكرون أيضاً أن هناك في هذا الإسلام الراديكالي، "الذي هو صلب موضوعنا.. إرادة علنية لإظهار تنظيم منهجي يهدف إلى الالتفاف على قوانين الجمهورية وخلق قانون موازٍ له قيم أخرى، وتطوير تنظيم آخر للمجتمع".
كما شدد على أن على كل جمعية ومؤسسة تطلب تمويلاً حكومياً أن توقع على ميثاق علماني.
ما الذي يتضمنه مشروع ماكرون؟ يأتي إعلان الرئيس الفرنسي في سياق مشحون عقب هجوم بسلاح أبيض الأسبوع الماضي في باريس نفذه شاب باكستاني، ومحاكمة المتهمين في الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة الذي أودى بحياة عدد من موظفيها عام 2015.
بينما يهدف مشروع القانون المستقبلي الذي يفترض أن توضع تفاصيله الأخيرة بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول إلى "مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية"، وفق ما أفاد قصر الإليزيه.
جاء في بيان للرئاسة أن "هذا التهديد يتطلب رداً مزدوجاً: دفاعي عبر مشروع قانون، وآخر إيجابي لأنه يتمثل في إحياء الجمهورية، وقيمها حول التحرر والمساواة". ووعد الرئيس بالذهاب "أبعد وأقوى" لتعزيز "المساواة في الفرص" في الأشهر القادمة.
من المفترض أن يعلن خاصة تعزيز وتعديل قانون عام 1905 حول فصل الكنيسة عن الدولة الذي يمثل عماد العلمانية الفرنسية، وفرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية، لا سيما تلك التي تحتضن أطفالاً وتؤسس "مدارس" ذات تأثير أصولي وتستهدف عشرات آلاف الأطفال الذين يتلقون تعليمهم في المنزل.
تدابير مثيرة للجدل: من الممكن أن يعلن أيضاً تفاصيل تدابير أكثر إثارة للجدل للتصدي لشهادات العذرية التي يسلمها بعض الأطباء قبل عقد زواج ديني، وتعدد الزوجات وحرمان النساء من الإرث.
يتوقع أيضاً أن يفصّل الرئيس الفرنسي تصريحاته التي ألقاها في فبراير/شباط حول وضع حد لاستجلاب أئمة من الخارج، وفرض رقابة مالية أكثر صرامة على المساجد الخاضعة لـ"تدخل خارجي".
كما شدد الإليزيه أن "هذا القانون يهدف لحماية المسلمين الذين يمثلون الضحايا الرئيسيين للإسلام المتطرف".
عند استقباله الأربعاء في القصر الرئاسي مع ممثلين آخرين للمسلمين الفرنسيين، أكد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد الموسوي أنه "يتشارك تماماً أهداف" الوثيقة، ومنها مكافحة "من يوظفون الديانة الإسلامية لغايات سياسية" لكنه حذر كذلك من وقوع "أضرار جانبية" مستقبلية.
أما عميد مسجد باريس شمس الدين حافظ فقال إنه "يجب أن نكون متنبهين جيداً لمحاولات وصم الجالية المسلمة".
من المزمع تقديم مشروع القانون لمجلس الوزراء بداية ديسمبر/كانون الأول ثم مناقشته في البرلمان في النصف الأول من عام 2021، أي قبل الانتخابات الرئاسية عام 2022.