استغل فلسطينيون فرقاً بين النسختين الإنجليزية والعربية من بيان ثلاثي صدر بعد رحلة جوية تاريخية من إسرائيل إلى الإمارات، للإشارة إلى أن الإمارات بالغت في استعداد إسرائيل للتخلي عن خططها لضم أراضٍ في الضفة الغربية.
فقد قالت النسخة الإنجليزية وفق تقرير لوكالة رويترز، الأربعاء 2 سبتمبر/أيلول 2020، من بيان مشترك أصدرته الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة يوم الإثنين، إن الاتفاق "أدى إلى تعليق خطط إسرائيل لبسط سيادتها" على أراضٍ في الضفة الغربية.
غير أن النسخة العربية التي نشرتها وكالة أنباء الإمارات، قالت إن الاتفاق أدى "إلى وقف خطط ضم دولة إسرائيل الأراضي الفلسطينية".
تباين في بيان اتفاق التطبيع: وسلط فلسطينيون الضوء على هذا التباين بعد أن سافر جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب، مع وفدين أمريكي وإسرائيلي، على أول رحلة جوية تجارية إسرائيلية إلى الإمارات، لتدعيم اتفاق التطبيع وهو أول اتفاق من نوعه تبرمه دولة خليجية مع إسرائيل.
حيث طلب صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم الثلاثاء، في تعليق على تويتر، من متابعيه، أن يقارنوا بأنفسهم بين النسختين، مشدداً على الفرق بين كلمتي "وقف" و"تعليق".
كانت الإمارات قد صورت الاتفاق الذي أعلن عنه ترامب يوم 13 أغسطس/آب 2020، على أنه وسيلة لوقف خطط إسرائيل لضم أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة التي يأمل الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقلة عليها.
فيما قال جمال المشرخ رئيس إدارة التخطيط السياسي والتعاون الدولي بوزارة الخارجية الإماراتية، إن الفرق في الصياغة مسألة ترجمة فحسب. وقال للصحفيين، إنه "إذا كان أحد يستطيع أن يأتي بمفردةٍ أفضل من (إيقاف) للكلمة الإنجليزية موضع الخلاف فليتفضل".
وأضاف أن أحد شروط بدء العلاقات الثنائية كان وقف الضم.
فيما لم تردَّ حكومة الإمارات على طلب للتعليق على هذا الأمر.
محاولة للتضليل: غير أن حنان عشراوي، وهي من كبار مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية، وصفت الأمر بأنه محاولة "مضللة" للتأثير في الرأي العام بالعالم العربي.
حيث قالت عشراوي لـ"رويترز": "لا أعتقد أنها مشكلة ترجمة؛ بل أعتقد أنها وسيلة غير أمينة للتلاعب بالخطاب". وأضافت أن الترجمة العربية وسيلة لتضليل الرأي العام العربي بالقول إن الإمارات نجحت في وقف ضم الأراضي، في حين أن ما حدث هو مجرد التعليق.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد وعد في حملات الدعاية الانتخابية الأخيرة ببسط السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية تضم المستوطنات اليهودية، لكنه قال إنه بحاجة للضوء الأخضر من واشنطن.
حيث قال نتنياهو بالعبرية للإسرائيليين، في 13 أغسطس/آب، عقب إعلان الاتفاق، مستخدماً الاسم التوراتي للضفة الغربية: "لا تغيير في خطتي لبسط سيادتنا في يهودا والسامرة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة. وأنا ملتزم بها. لم تتغير".
محاولات الضم: ويرى كثيرون أن الإبقاء على آمال الضم محاولةٌ من جانب نتنياهو لتهدئة قاعدة ناخبيه من اليمينيين. وقد اتهمه زعماء المستوطنين مراراً بطرح فكرة الضم ثم التراجع عنها تحت ضغط دولي.
فيما قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم الأربعاء، إن الوزارة ليس لديها ما تضيفه للتصريح الأصلي، الذي قالت فيه يوم 13 أغسطس/آب: "نتيجة للانفراجة الدبلوماسية… ستعلّق إسرائيل إعلان السيادة على مناطق تحددت مواقعها في رؤية الرئيس للسلام".
وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على البيان الذي صدر عقب الرحلة إلى الإمارات، غير أن مصدراً أمريكياً مطلعاً قال إن البيت الأبيض ليس مسؤولاً عن الترجمة العربية.
ففي إفادة للصحفيين بواشنطن بعد الإعلان الصادر في 13 أغسطس/آب، قال ترامب إن الضم "لم يعد مطروحاً الآن". وأضاف السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان: "كلمة تعليق اختيرت بعناية من جانب كل الأطراف. كلمة (تعليق) في جوهرها تعني الوقف المؤقت. فالأمر غير مطروحٍ الآن، لكنه ليس غير مطروح على الدوام".
لكن وخلال رحلته إلى الإمارات هذا الأسبوع، استخدم كوشنر أيضاً كلمة "تعليق"، وقال لوكالة أنباء الإمارات (وام): "إسرائيل وافقت على تعليق الضم، تعليق تطبيق القانون الإسرائيلي على تلك المناطق في الوقت الحالي".
وأضاف مستدركاً: "لكن أنا متأكدٌ أن هذا الأمر سيُطرح في المستقبل. لكن ليس في المستقبل القريب".