رفضت ناميبيا عرضاً تقدمت به ألمانيا للتعويض عن جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد سكانها في أوائل القرن العشرين، واصفة إياه بـ"غير المقبول"، وحسب بيان للرئاسة النابية، الأربعاء 12 أغسطس/آب 2020، فإن سبب الرفض يعود إلى كون ألمانيا امتنعت عن استخدام كلمة "تعويض"، وبدلاً من ذلك فضلت مصطلح "تضميد الجروح".
"تضميد الجراح" غير كافٍ: فقد أفاد بيان صادر عن الرئاسة الناميبية بأن المباحثات متواصلة بين ألمانيا وناميبيا حول تقديم برلين اعتذاراً، ودفع تعويضات عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها شعبا الهيريرو وناما على يد القوات الألمانية خلال الفترة ما بين 1904 و1908.
أضاف البيان أن ألمانيا امتنعت عن استخدام كلمة "تعويض"، وبدلاً من ذلك فضلت مصطلح "تضميد الجروح" للمبلغ الذي يتعين دفعه، ووجدت ناميبيا أن هذا التعبير غير ملائم.
كما أردف البيان أن "عرض التعويض الحالي المقدم من قِبل الحكومة الألمانية هو مسألة معلقة، ولا يمكن قبوله من قِبل حكومة ناميبيا، وإن حكومتي البلدين ستعقدان اجتماعاً نهائياً حول الموضوع قريباً".
ألمانيا التي وافقت على تقديم اعتذار عن الإبادة الجماعية تعقد اجتماعات بشأن التعويضات مع حكومة ناميبيا منذ عام 2015.
إعادة جماجم بشرية: في عام 2018 أعادت ألمانيا بقايا بشرية لسكان أصليين قُتلوا خلال إبادة جماعية في ناميبيا أثناء فترة الاستعمار قبل ما يزيد على مئة عام. وتسلم وفد حكومي من ناميبيا البقايا البشرية خلال مراسم دينية في كنيسة في العاصمة الألمانية برلين.
كانت العظام قد أرسلت إلى ألمانيا في بدايات القرن العشرين بغية إجراء دراسة تهدف إلى إثبات أن الأوروبيين البيض يتفوقون على باقي الأعراق.
كان عشرات الآلاف من مواطني قبيلتي "هيريرو وناما" قد قتلوا خلال انتفاضة مناهضة للاستعمار. بينما ينتظر أحفاد الضحايا اعتذاراً من الحكومة الألمانية.
إبادة جماعية: بدأت حملة الإبادة الجماعية عام 1904 بعد تمرد نظمه أفراد قبيلتي هيريرو وناما رداً على استغلال الألمان لأراضيهم وماشيتهم.
أصدر لوثار فون تروثا، الحاكم العسكري فيما كان يعرف في ذلك الوقت بجنوب غرب إفريقيا الألماني، أمراً بالإبادة في أكتوبر/تشرين الأول عام 1904.
أُجبرت قبائل هيريرو وناما على المغادرة إلى الصحراء، ومن عاد منهم إلى أراضيه إما قُتل أو وضع في معسكرات الاعتقال.
فيما لا يوجد رقم متفق عليه يشير إلى عدد من قُتلوا في الإبادة، غير أن بعض التقديرات تقول إنهم 100 ألف شخص. ويعتقد أن 75٪ من عدد أفراد هيريرو ونصف عدد أفراد ناما قُتلوا في الإبادة الجماعية.
كما استخدمت جماجم من مستعمرات إفريقيا أخرى كانت تابعة لألمانيا، من بينها الكاميرون حالياً وتنزانيا ورواندا وتوغو، في الدراسات.
دعاوى قضائية: قالت ألمانيا في عام 2016 إنها تعد لتقديم اعتذار من حيث المبدأ، غير أن مفاوضات مع الحكومة الناميبية لا تزال جارية بشأن شكل الاعتذار، وكيفية التعامل مع التراث والإبادة الجماعية.
كان البعض قد رفع دعوى قضائية جماعية ضد ألمانيا أملاً في الحصول على تعويضات. وتقول ألمانيا إنها أعطت ناميبيا ملايين الدولارات في شكل مساعدات إنمائية لدعم جميع الشعب في البلاد.
يشعر أحفاد الضحايا بغضب من عدم الاعتذار أو الاتفاق على دفع تعويضات، فضلاً عن عدم مشاركتهم كطرف في المفاوضات. وقال فيكوي روكورو، رئيس قبيلة هيريرو، أثناء المراسم في برلين: "لا تزال الحكومتان تتفاوضان على صيغة مناسبة للاعتذار. إنه شيء مثير للضحك. إن هؤلاء الرجال يضيعون الوقت بلا طائل".