انتشر شعور الخوف والهلع بين الآلاف من الأشخاص والمزارعين في عدد من البلدان، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، ونيوزيلندا، بالإضافة إلى عدد من البلدان الأوروبية، بعد أن وصلتهم طرود غامضة وغريبة، تحتوي على بذور لم يعرف مصدرها، على الرغم من أنها تبدو وكأنها قادمة من سنغافورة.
وفق تقرير لصحيفة "The Guardian" البريطانية، الأحد 2 أغسطس/آب 2020 فإن هناك آلاف الشحنات المحتملة التي جرى الإبلاغ عنها هذا الأسبوع في الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا وأوروبا، إلى جانب نحو 100 حالة في المملكة المتحدة. وأثارت تلك الطرود مخاوف تتعلّق بالأمن البيولوجي وتحقيقات دولية حول أصولها.
حيرة المزارعين: تزرع جان غوارد الكثير من المحاصيل داخل حديقتها الصغيرة في بلدة إيستبورن. وتقول: "أنا أزرع كل شيء. إذ لديّ أنواعٌ مثل الباذنجان والفلفل وغيرها".
لكنّها تسلّمت بعض البذور الغامضة عبر البريد خلال الأسبوع الجاري -تبدو ظاهرياً من سنغافورة وتحمل وصف الأقراط المرصعة بالمجوهرات-، ولن تضمها إلى محاصيلها.
وأردفت جان بحسم: "ليست لدي أدنى فكرة عن ماهيتها، لذا لن أزرعها. ولن أزرع شيئاً قط إن لم أعرف أصله".
وفي يوم الثلاثاء 28 يوليو/تموز، أصدر مسؤولو الزراعة في أمريكا تحذيرات بشأن موجة من البذور "المشبوهة وغير المرغوبة"، التي جرى الإبلاغ عنها في أكثر من 10 ولايات وجاءت من الصين على ما يبدو.
تحذير رسمي: في حين سجّلت فلوريدا أكثر من 630 حالة، من بينها رجلٌ زعم تسلُّمه ثلاث شحنات خلال أسبوعٍ واحد. بينما قالت امرأةٌ في تكساس إنّها تسلّمت بذوراً في أبريل/نيسان وزرعتها ظناً منّها أنّها هدية -لكنّها لم تخرج بأي نتائج.
كما طلبت وزارة الزراعة الأمريكية من مستلمي الطرود عدم زراعة البذور، إبان تعاونها مع هيئة الجمارك وحماية الحدود والوكالات الفيدرالية من أجل الكشف عن مصدر تلك الطرود. وفي المملكة المتحدة، فتحت وكالة صحة الحيوان والنبات بوزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية تحقيقاً في تقارير حول شحنات مُشابهة بطول البلاد.
بعد أن نشرت جان صورةً في مجموعة فيسبوك لبستانيي المملكة المتحدة، تواصلت معها إحدى عضوات المجموعة التي قالت إنّها تسلّمت "نفس البذور بالضبط، ونفس الطرد، وفي نفس الوقت. وكانت حينها في البرتغال".
تفسيرات متعددة: ينص التفسير الأقرب للصحة الذي وضعته وزارة الزراعة الأمريكية على أنّ البذور هي مجرد ملحق منخفض التكلفة في "حيلة غش"، حيث يستقبل الناس عناصر غير مطلوبة بواسطة البائعين عبر الإنترنت بهدف إنشاء مُعاملة لدعم المراجعات المُزيّفة وتعزيز سير الأعمال.
كما نقلت وكالة الأنباء المركزية في تايوان يوم الأربعاء 29 يوليو/تموز أنّ البذور التي أُرسِلت على ما يبدو من هناك إلى كندا هي في الواقع بذور أُعيد شحنها عبر تايوان نيابةً عن عميل من أصل ثالث. وتعتزم خدمة البريد التايوانية فرض غرامة قدرها نحو 3,400 دولار أمريكي ضد شركة خدمات لوجستية مجهولة لإرسالها عناصر محظورة.
إرهاب بيولوجي؟ في مؤتمرٍ صحفي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إنّ بطاقات العناوين الصينية جرى تزويرها، وإنّ البريد الصيني طلب من خدمة البريد الأمريكية إعادة الطرود من أجل التحقيق في أمرها.
بينما تنُصُّ النظرية الأكثر شناعة على أنّ البذور هي من الأنواع الغازية -مثل البطباط الياباني- أو مُجرّد مُحاولة لإدخال مسببات الأمراض والأمراض، أو تهديد الأمن القومي.
بينما يقول جيرارد كلوفر، رئيس صحة النبات في جمعية Royal Horticultural Society، إنّه من الصعب الإدلاء بتعليق دون تحديد نوع أو أصول البذور. وأردف: "كل شيء يستطيع النمو يُمكن أن يُمثّل تهديداً".
لكنّه استبعد احتمالية الإرهاب البيولوجي، واستخدام الآفات والأمراض النباتية لتعطيل التجارة والاقتصاد.
وأقرت جان بأنّ الوضع يبدو مضطرباً. وأردفت: "الأمر مُثيرٌ للقلق بعض الشيء في الواقع. إذ تسلّم الكثير من الناس تلك البذور -وليس في إنجلترا فقط، بل في مختلف أنحاء العالم. وهذه الحبوب الكبيرة يُمكن أن تكون من النباتات الغازية -أليس كذلك؟".