أكدت مصادر عسكرية ليبية لـ"عربي بوست"، الأربعاء 15 يوليو/تموز 2020، وصول مئات المقاتلين من مصر إلى مدينة سرت في ليبيا، لدعم مقاتلي قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، في وقت أكدت فيه قوات حكومة "الوفاق" وصول تعزيزات عسكرية من مصر إلى ليبيا، وسط أحاديث عن معركة كبيرة مُحتملة ستندلع في محيط مدينتي سرت، والجفرة.
مقاتلون لاستخدام المدفعية: المصادر الليبية -التي فضلت عدم الكشف عن اسمها- قالت إن "التعزيزات التي وصلت إلى ليبيا هي مجموعة من أبناء القبائل الليبية في مصر، ويصل عددها إلى 2000 مقاتل، ووصلت إلى مدينة طبرق خلال الفترة الماضية، وانتقل 800 منهم بالفعل إلى مدينة سرت.
أشارت المصادر أيضاً إلى أن هؤلاء الـ800 مقاتل تم توزيعهم على محاور غرب، وجنوب غرب سرت، موضحةً أن مهامهم الرئيسية تتمثل في استخدام المدفعية الثقيلة، مضيفةً أنهم يعملون تحت إمرة قوات مرتزقة فاغنر الروس، الذين أعادوا تموضعهم في بعض مناطق المدينة.
وتستند قوات حفتر في جزء من قوتها بمدينة سرت على قوات مرتزقة فاغنر، وكانت معلومات قد حصل عليها "عربي بوست" في وقت سابق من داخل ليبيا، بيّنت أن مرتزقة فاغنر يتمركزون على حدود مدينة سرت الغربية والجنوبية الغربية، حيث يشكلون طوقاً على المدينة بمنطقة جارف والغربيات والقرضابية، وبالتالي هم يشكلون خط المواجهة مع قوات حكومة الوفاق القادمة في حال شاركوا بالمعركة.
يُقدر عدد المرتزقة الروس في سرت بـ2000 عنصر، يسيطرون على قاعدة القرضابية وبعض المنازل والمزارع الخاصة بالمواطنين الذين تم إجلاؤهم من بيوتهم بأمر من قادة المرتزقة.
ولا يأتمر مرتزقة فاغنر بأوامر غرفة عمليات سرت التابعة لحفتر، بل يتبعون تعليمات قادة روس لهم غرفة عمليات في قاعدة القرضابية.
أسلحة وعتاد حربي من مصر: في سياق متصل، قال الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق إنه رصد وصول إمدادات عسكرية من مصر إلى مدينة طبرق، ونشر المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة للجيش الليبي، صورة لسيارات نقل مخصصة لحمل الأسلحة والعتاد الحربي، يقف بمحاذاتها أشخاص يرتدون زياً عسكرياً وقال إنها قادمة مصر.
يأتي وصول التعزيزات العسكرية من مصر إلى ليبيا بعد تلميح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في 20 يونيو/حزيران 2020، إلى إمكانية تنفيذ جيش بلاده "مهام عسكرية خارجية إذا تطلب الأمر ذلك"، معتبراً أن أي "تدخل مباشر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية".
السيسي أضاف آنذاك أن "تجاوز سرت والجفرة خط أحمر"، في تصريح اعتبرته الحكومة الليبية المعترف بها دولياً "إعلان حرب" و"تعدياً على سيادة ليبيا"، مشيراً في ذات الوقت إلى استعداد بلاده لتسليح أبناء القبائل الليبية.
وكان المركز الإعلامي لـ"بركان الغضب" قد نشر في وقت سابق صوراً تُظهر وصول سفينة من مصر إلى ميناء طبرق شمال شرق ليبيا، على متنها 40 حاوية تحمل إمدادات عسكرية وذخائر لدعم ميليشيا حفتر.
كما سبق أن نشر أيضاً، في 6 يوليو/تموز 2019، صوراً تُظهر وصول إمدادات عسكرية وذخائر براً من مصر إلى ميليشيا حفتر، بحسب المصدر ذاته.
معركة محتملة بسرت: وتتزامن التعزيزات العسكرية مع إعلان قوات الجنرال الليبي عن اقتراب "معركة كبرى" في محيط سرت شمال ليبيا، والجفرة وسطها، وفقاً لما قاله المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، الثلاثاء 14 يوليو/تموز 2020.
المسماري زعم وجود تحركات كبيرة لقوات حكومة الوفاق المُعترف بها دولياً -والمدعومة من تركيا- في المنطقة، مشيراً إلى أنهم يتوقعون اندلاع المعركة في سرت، والجفرة في أي لحظة، مضيفاً أن المعركة "القادمة لن تكون ليبية فقط، بل ستدخل فيها أطراف عربية وأجنبية"، وفق تعبيره.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قد ذكر الإثنين 13 يوليو/ تموز 2020، أن حكومة الوفاق الليبية تقوم بالتحضيرات لاستعادة مدينة سرت من قوات حفتر، وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول أن "الحكومة تريد من قوات الجنرال الانقلابي حفتر الانسحاب من المدينة الساحلية".
أهمية سرت: تقع سرت في الشطر الطرابلسي من المنطقة الوسطى، ويعطيها هذا ميزات جغرافية مهمة للغاية، فهي تمثل نهاية الغرب الليبي، ونقطة انطلاق للشرق، إذ إنها نقطة مواصلات تربط إقليم طرابلس بإقليم برقة وكذلك إقليم فزان الجنوبي.
تقع المدينة على بعد نحو 450 كلم من العاصمة طرابلس ونحو 400 كلم جنوب شرق مدينة مصراتة و600 كلم إلى الجنوب الغربي من بنغازي، كما تحتوي على قاعدة القرضابية الجوية وميناء بحري، وغير بعيد عنها تقع قاعدة الجفرة الجوية وهي من أكبر القواعد العسكرية الليبية، وتشكل غرفة عمليات رئيسية لقوات الجيش الليبي وغرفة وصل بين مناطق شرق ليبيا وغربها.
لذا فإن المدينة تمنح من يسيطر عليها منفذاً إلى قاعدة الجفرة العسكرية الرئيسية التي تقع جنوب سرت، فضلاً عن أن سرت تفتح الطريق باتجاه منطقة الهلال النفطي في وسط البلاد، بعدما أوقف حفتر إنتاج النفط.
وبالتالي فإن سيطرة حكومة الوفاق على هذه المنطقة من شأنها استئناف إنتاج النفط، وضخ المال في أروقة حكومة الوفاق لتستكمل دورها، وهذا من شأنه أيضاً إعطاء حكومة الوفاق زخماً أكبر في علاقتها مع الدول المتطلعة إلى النفط الليبي مثل فرنسا وإيطاليا وروسيا وأمريكا، ويقوي موقفها التفاوضي.