تسود تخوفات واسعة في المغرب من ارتفاع معدلات البطالة، بعد إصدار رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قراراً يدعو إلى "التقشف" في التوظيف بمؤسسات الدولة، خاصة في السنة المالية 2021، وذلك في وقتٍ تلقي فيه جائحة فيروس كورونا بآثار سلبية على اقتصادات الدول.
تتزامن المخاوف مع ارتفاع في نسبة العاطلين عن العمل إلى 10.5% من إجمالي القوى العاملة بالمملكة، خلال الربع الأول من العام الجاري، مقابل 9.1% خلال الفترة نفسها من 2019، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول.
تأثير كورونا: في مطلع يوليو/تموز 2020، أصدر العثماني قراراً وجّهه إلى الوزراء ورؤساء المؤسسات الحكومية، بشأن المقترحات المتعلقة بتجهيز الميزانية للسنوات الثلاث المقبلة، وطالب القرار القطاعات الوزارية والمؤسساتية بتحديث مقترحاتها المتعلقة بميزانية الأعوام 2021 ـ 2023، مع التقيد الصارم بتوجيهات التدبير الأمثل للنفقات العمومية، وإعادة تقييمها وحصرها في الحاجات الضرورية والملحّة.
أرجع العثماني أسباب تقليل الوظائف الجديدة بالحكومة إلى "التداعيات الاقتصادية للأزمة المرتبطة بجائحة كورونا، وانعكاساتها على المالية العمومية"، وقال إنه "باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والقطاعات الأمنية، فإنه يتعين على القطاعات الوزارية والمؤسسات عدم إحداث مناصب مالية جديدة برسم السنة المالية 2021 على الخصوص".
كان لفيروس كورونا تأثير في تعطيل عجلة السياحة بالمغرب، وتعليق جزئي لأنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وإيقاف عدد من القطاعات، ما أدى إلى تراجع الصادرات، إضافة إلى تراجع الطلب العالمي بسبب الجائحة.
كما شهدت المملكة موسم جفاف أثر على أغلب الفرضيات التي اعتمدتها الحكومة لإقرار موازنة العام الحالي، إذ تعد الزراعة من أعمدة الناتج المحلي الإجمالي بالمغرب.
لكن لتدارك الأوضاع، أقرّ البرلمان في 8 يوليو/تموز 2020 مشروع قانون معدل لموازنة 2020، صدّق عليه مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي، وترأسه العاهل المغربي محمد السادس، للتخفيف من أثر الجائحة.
ورفع القانون المعدل للموازنة سقف الاقتراض إلى 93.55%، من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، بقيمة تصل 60 مليار درهم (حوالي 6.2 مليارات دولار) في 2020، من 30 مليار درهم (حوالي 3.1 مليار دولار) قبل التعديل.
التقشف المفروض: رشيد أوراز، الباحث الرئيسي في المعهد المغربي لتحليل السياسات (غير حكومي)، يقول إن "السياق الحالي أفقد مالية الدولة حتى 30 يونيو/حزيران، جزءاً كبيراً من مواردها، ما يستعصي معه مواكبتها التوظيف بنفس الوتيرة".
أضاف أوزار في تصريح للأناضول أن "الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا خلفت أزمة اقتصادية عالمية وليست محلية، تفرض تبني سياسات تقشفية"، وأوضح أن هنالك "حلاً يتمثل في الاستدانة، لكن الحكومة لن تقوم بالاستدانة إلى ما لا نهاية، ما يجعل الحل الأمثل أمامها هو نوع من التقشف في إنفاقها العام".
كذلك اعتبر أوراز أن "أهم إجراءات التقشف تقليص معدل التوظيف في القطاع العمومي (الحكومي)، رغم انعكاساته الاجتماعية الكبيرة، خصوصاً في صفوف حاملي الشهادات العليا".
ورأى أوزار أن التقشف الحكومي المعلن في التوظيف "ليس هو المشكلة"، بل الخطر هو عجز القطاع الخاص عن توفير فرص الشغل؛ لأن ذلك سيساهم في رفع معدلات البطالة أكثر.
رسالة طمأنة: في المقابل، قال إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير السابق والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إنه "على عكس ما تم تداوله من طرف البعض فإن سنة 2021 ستعرف أكبر عدد من المناصب المالية للشغل بالدولة".
الأزمي وفي منشور عبر صفحته على فيسبوك أوضح أن القرار "يستثني قطاعات الصحة والتعليم والأمن، التي تمثل وحدها أكثر من 90% (في المتوسط بين سنتي 2016 و2019) من مجموع المناصب المستحدثة من طرف مجموع القطاعات الوزارية".
أضاف الأزمي أنه طبقاً للمادة 32 من قانون المالية لسنة 2012، فإن "كل القطاعات الوزارية سيكون بإمكانها توظيف 44 ألف منصب مالي، المحدث برسم قانون المالية لسنة 2020، وذلك حتى 30 يونيو 2021، تضاف إليها المناصب المالية التي سيتم إحداثها لصالح المؤسسات العمومية مثل المراكز الاستشفائية".