زعم تقرير لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية، الأربعاء 8 يوليو/تموز 2020، أن شحنة المخدرات الضخمة التي صادرتها الشرطة الإيطالية الأسبوع الماضي، أُنتجت في معامل سورية بمباركة النظام الذي يقوده بشار الأسد، وليست من إنتاج تنظيم الدولة "داعش"، وفق ما أعلنته تقارير إعلامية وقتها نقلاً عن مصادر في الشرطة الإيطالية.
إذ أعلنت الشرطة الإيطالية يوم 1 يوليو/تموز عن مصادرة كمية قياسية من الأمفيتامين تبلغ 14 طناً على شكل 84 مليون حبة كبتاغون، موزعة على ثلاث حاويات "أنتجها تنظيم داعش في سوريا"، لكن أثيرت الكثير من الشكوك حول هذه الرواية، وخصوصاً بشأن قدرة التنظيم على تصنيع هذه الكمية الكبيرة من المخدر.
كمية ضخمة من المخدرات: كانت الشرطة الإيطالية أوضحت، في بيان، أن هذه العملية تمت في مرفأ ساليرنو في جنوب نابولي، وتقدَّر قيمة المضبوطات في السوق بنحو مليار يورو، ما أهَّلها لتكون "أكبر عملية مصادرة أمفيتامين على المستوى العالمي".
أشارت السلطات إلى أن المضبوطات كانت موجودة داخل ثلاث حاويات تحتوي على أسطوانات ورقية للاستخدام الصناعي، قادمة من سوريا وموجهة إلى شركة مقرها في مدينة لوغانو السويسرية، وفقاً لما نقلت وكالة "آكي" الإيطالية.
خلال فترة سيطرة داعش على مساحات كبيرة من العراق وسوريا بين عامي 2014 و2018، كان من المعروف أن داعش يستورد الكبتاغون، وهو مزيج من الأمفيتامين ومجموعة من المواد الكيميائية الأخرى، يُشار إليها أحياناً باسم "الجندي الفائق"، حيث تجعل المقاتلين يشعرون بالقوة الفائقة، وغالباً، ما تجعلهم يشعرون بأنهم لا يقهرون في ساحة المعركة، ومع ذلك، لم يكن معروفاً أن الجماعة الإرهابية قامت بتصنيع المخدرات، حتى في ذروتها الإقليمية.
تورُّط الأسد: قالت مصادر متعددة لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية إن كل الأصابع تشير إلى حكومة بشار الأسد في سوريا وحليفه حزب الله اللبناني، الذين عُرفوا منذ فترة طويلة بالتعامل مع دوائر تهريب المخدرات ولهما تاريخ في تجارة الكبتاغون العالمية.
إذ ذكر الصحفي والمحلل السياسي السوري المقيم في تركيا مروان فرزات للقناة: "داعش اليوم مجموعات صغيرة منفصلة جغرافياً في صحاري العراق وسوريا، حيث لم يعد لديه القدرة على إنتاج هذه الكمية الضخمة من المخدرات"، مضيفاً: "كما أنه ليس لدى داعش القدرة على استيراد المادة الفعالة التي تدخل في صنع الكبتاغون، ولا القدرة على جلب هذا النوع من الورق المستخدم في لف المخدرات ولا على تعبئة الأدوية بداخله لأنها بحاجة إلى آلات ضخمة وتقنية عالية".
كما أشارت القناة إلى أن الشحنة التي تم ضبطها في نابولي خرجت من ميناء اللاذقية السوري، الذي يخضع بالكامل لسيطرة الأسد، استأجرت إيران أيضاً جزءاً من الميناء العام الماضي، ويمكن أن تستفيد أيضاً من الاتجار، وأكد فرزات أن "التصدير عبر ميناء اللاذقية شيء لا يستطيع تنظيم داعش القيام به حتى في أوج قوته".
مصنع "آل الأسد" للمخدرات: بحسب بحث لمجلة دير شبيغل، فإن سامر كمال الأسد، عم الرئيس السوري، يملك أحد مصانع الكبتاغون في قرية البضة جنوبي اللاذقية، متخفياً تحت ستار مصنع لمواد التعبئة والتغليف، مشيرة إلى أن عملية النقل يتولاها رجل الأعمال السوري عبداللطيف حميد، الذي افتتح مصنعاً للورق في حلب منذ أسابيع .
بدوره، كشف دريد رفعت الأسد ابن عم الرئيس السوري أنه تم إنشاء هذا المصنع ليستخدم في تهريب المخدرات، وكتب على صفحته على فيسبوك: "هلق إذا بدنا نصنّع ورق لنقول "تحيا الصناعات الوطنية" وهي بلشت عجلة الاقتصاد الوطني بالدوران من جديد! وبعدها نقوم ندحش جوّات الرولات تبع هاد الورق حبوب الكبتاغون والمخدرات وبعدين نصدّرها لدول العالم! بلاها كل هل صنعه لأنه فعلاً صار راس السوري بالأرض".
بينما لم ترد وزارة الداخلية الإيطالية على طلب لمزيد من التعليقات لقناة فوكس نيوز، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان أي تحقيق آخر لا يزال جارياً. ومع ذلك، خلص الخبراء إلى أن هناك أسباباً متعددة لتوجيه أصابع الاتهام بسرعة إلى داعش وليس دمشق.
شحنات مشابهة: هذه ليست الشحنة الأولى التي تم إحباطها قادمة من هذا الموقع نفسه، وليست المرة الأولى التي ترتبط فيها عائلة الأسد بالصناعة غير المشروعة.
في أبريل/نيسان الماضي، اكتشفت السلطات في مصر كميات من مخدر الحشيش مخبأة في علب الحليب التي صنعها رجل الأعمال السوري البارز رامي مخلوف، قريب الأسد، وكان وقتها من أبرز المدافعين عن نظامه، كما ضبطت دبي 5.6 مليون طن من كبتاغون، وكلتا الشحنتين خرجت من ميناء اللاذقية.
كما أشار رويس دي ميلو، مستشار الأمن والدفاع في الشرق الأوسط إلى أن "الملياردير رامي مخلوف وشقيق الأسد ماهر وعائلات أخرى شاركوا منذ فترة طويلة في تجارة المخدرات. ماهر يعمل على نطاق واسع مع حزب الله وله تاريخ طويل في تجارة المخدرات".
في يوليو/تموز الماضي، عقب نصيحة من إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA)، اكتشفت السلطات اليونانية 5.25 طن من حبوب الكبتاغون في بيرايوس، وأظهرت وثائق مصاحبة أن المخدرات خرجت من ميناء اللاذقية، كما أعلن حرس الحدود السعوديون أنهم أحبطوا محاولة تهريب حبوب كبتاغون إلى المملكة الأحد الماضي قادمة من سوريا.