اجتاحت حالةٌ من الغضب أطباء مصر، بسبب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الثلاثاء 23 يونيو/حزيران 2020، هدَّد فيها الأطباء بالعقاب، بعد أن اتَّهمهم بالتسبب في انتشار فيروس كورونا، وهي التصريحات التي رفضها مجلس نقابة أطباء مصر، وطالبوا المسؤول المصري بالاعتذار للكوادر الطبية.
رفض تصريحات رئيس الوزراء: قال مجلس النقابة في بيان، الثلاثاء، إن رئيس الوزراء "تجاهل الأسباب الحقيقية لانتشار الوباء، بدءاً من عجز الإمكانات وقلة المستلزمات الطبية، إلى النقص الحادِّ في أسرَّة الرعاية المركّزة".
أضاف البيان أن أطباء مصر ظلوا منذ بداية الجائحة "يقدمون أروع مثال للتضحية والعمل، وسط ظروف صعبة، بدءاً من نقص معدات الوقاية في بعض المستشفيات إلى اعتداءات مستمرة على الأطقم الطبية على مسمع ومرأى الجميع، من دون إصدار قانونٍ حتى لتجريمها".
كما أوضح البيان أنه من بين الضغوط الأخرى التي يتعرَّض لها الأطباء "التعسف الإداري، ومنع الإجازات الوجوبية، الأمر الذي لطالما طالبت بتعديله نقابة الأطباء في مخاطبات ولقاءات متكررة مع رئيس الوزراء نفسه"، حسب البيان.
الأطباء يطالبونه بالاعتذار: بينما حذَّر البيان بأن تصريحات رئيس الوزراء المصري هذه "تؤجِّج حالة الغضب ضدَّ الأطباء، وتؤدي لزيادة تعدي المرضى ومرافقيهم على الأطقم الطبية، وبسببها يتسلل الإحباط إلى جميع الأطباء".
كما طالب البيان رئيسَ الوزراء "بالاعتذار والتراجع عن هذه التصريحات، منعاً لحالة الفتنة".
وأكد مجلس نقابة أطباء مصر أن الأطباء سيواصلون أداء مهمتهم التاريخية في علاج مرضى كورونا، رغم كل تلك العقبات.
ماذا قال مدبولي؟ خلال حديثه، الثلاثاء، عن آخر مستجدات انتشار فيروس كورونا في مصر، استهلّ رئيس الوزراء مصطفى مدبولي كلامه بالإشادة بنجاح الحكومة في التعامل مع أزمة كورونا، وعملها من أجل الحفاظ على أرواح المصريين.
غير أنه شدّد على أن الحكومة تتعامل مع أي قصور بصورة فورية، وتحرص على تقييم الأوضاع على الأرض يومياً، موجهاً الشكر للأطقم الطبية على جهودها، ولكن هناك تقصير من بعض الأطقم الطبية في بعض المحافظات من تغيبات، وسيتم اتخاذ كافة الإجراءات ضد المتقاعسين.
كما قال رئيس الوزراء، إنه فيما يتعلق بالأدوية المتعلقة بفيروس كورونا فإن الدولة توفر كافة الأدوية، ولا داعي لشراء المواطنين لأدوية ليسوا بحاجة إليها.
الحكومة تحاول تدارُك الموقف: بعد الغضب الذي عبَّر عنه أطباء مصر من تصريحات رئيس الوزراء، حاولت الحكومة على لسان المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، توضيح تصريحات مدبولي.
إذ قال إن أطباء مصر أبطال، ووجه منير للقطاع الصحي، ويستحقون بالفعل لقب "جيش مصر الأبيض"، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قصد في كلمته اليوم توجيه اللوم لقلة قليلة من الأطقم الطبية غير الملتزمة.
أضاف سعد، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "كل يوم"، المذاع على فضائية "on e"، مساء الثلاثاء، أنه من خلال الرصد والمتابعة جرى رصد نسبة يعتدّ بها من عدم التزام الأطقم الطبية، وعدم وجودها في أماكن عملها، ما نتج عنه قصور في الخدمات الطبية والتسبب في حالتي وفاة، وأُحيلت الوقائع إلى النيابة العامة للتحقيق.
كما أشار المتحدث باسم مجلس الوزراء بأن الدكتور مصطفى مدبولي لم يعمم، وما حدث من عدم التزام مفهوم في الإطار الطبي والصحي، وليس تعميماً.
التضييق على الأطباء: حالة من الكرّ والفرّ تسيطر على العلاقة بين الأمن والأطباء في مصر، تجاوزت مرحلة إجبارهم على العمل دون توفير مستلزمات الحماية من العدوى، إلى مرحلة الاعتقال لمجرد توجيه الانتقاد لوزارة الصحة أو المنظومة الطبية عموماً، عبر الحسابات الشخصية للأطباء على مواقع التواصل.
تحوّلت جائحة فيروس كورونا من ظرف عام فَرَضَ قيوده وتبعاته على كل بلدان العالم، إلى جائحة في العلاقة بين المؤسسات الأمنية ونقابة الأطباء، إذ تفجّرت أزمة "بدل العدوى" الذي يتقاضاه الأطباء منذ عقود بواقع 19 جنيهاً، أي بحدود حوالي دولار واحد فقط، وهم الأكثر عرضة للعدوى بسبب تعاملهم المباشر مع المصابين بالفيروس، دون توفير وسائل طبية تحميهم.
ما دفع الأطباء وغيرهم لرفض هذه القيمة التي يرونها متدنية مقابل ما يتقاضاه ضباط الشرطة والجيش والقضاة من بدل العدوى، إذ لا مقارنة نهائياً بين هذا وذاك، فالقضاة مثلاً يتقاضون أكثر من 3000 جنيه، أي ما يزيد عن 188 دولاراً شهرياً، بدلاً للعدوى.
إضافة إلى ذلك فالأطباء هم الأقرب للعدوى، وقد سقط من بينهم العديد من الأطباء موتى بفعل تعرضهم للعدوى، وحرمانهم من الحق في العلاج كما تفعل الدولة مع مشاهير الصف الأول من النخبة والنجوم.
بالرغم من ذلك، تتعامل الأجهزة الأمنية مع شكاوى الأطباء من سوء إدارة منظومة القطاع الصحي باعتبارها شكاوى تضر بالأمن العام، وترى أن ما يبثونه من انتقادات على حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي هو مادة تستوجب اعتقالهم.