قال مصدران مطلعان إن شركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو السعودية" شرعت في تسريح مئات الموظفين هذا الشهر، مع تقليص شركات الطاقة العالمية أعداد عامليها في مواجهة أزمة فيروس كورونا، وفق ما ذكرته وكالة رويترز الخميس 18 يونيو/حزيران 2020.
تأثيرات كورونا وتراجع الطلب العالمي: شأنها شأن شركات النفط الكبيرة الأخرى، قلَّصت "أرامكو" الإنفاق الرأسمالي للعام 2020 بعد أن تسببت الجائحة في تراجع غير مسبوق للطلب على النفط وعصفت بأسعار الخام. وخفضت شركات النفط الكبرى أعداد عامليها بنسبة عشرة إلى 15%، بهدف الحد من النفقات وفي إطار خطط إعادة هيكلة.
وقالت المصادر إن معظم من فقدوا وظائفهم في "أرامكو" من الأجانب. وقدَّر مصدر أن التسريحات شملت نحو 500 شخص، مضيفاً أنها استندت في معظمها إلى الأداء وأن خطوات مماثلة تجري في كل عام. ويتجاوز عدد موظفي "أرامكو" 70 ألف فرد.
قالت "أرامكو" في بيان، إنها تتكيف مع بيئة أعمال معقدة للغاية وسريعة التغير بسبب جائحة كوفيد-19، وإن الشركة تُراجع باستمرارٍ نفقاتها التشغيلية. وأضافت أنها لن تقدم معلومات بشأن تفاصيل أي إجراء في الوقت الحالي، لكن جميع إجراءاتها مصممة لإكسابها مزيداً من المرونة والمتانة والقدرة التنافسية، مع التركيز على النمو في المدى الطويل.
كانت "قطر للبترول"، وهي من كبريات شركات الطاقة في العالم، عمدت هي الأخرى إلى تسريح أجانب وتقليص خطط الإنفاق؛ للتأقلم مع تراجع حاد في الطلب على النفط والغاز، حسبما أبلغت مصادر في القطاع وكالة رويترز. وتعتزم الكويت، وهي منتِج نفط خليجي كبير، وقف تعيين الأجانب في قطاعها النفطي لمدة عام، وفقاً لما قاله وزير النفط الكويتي هذا الشهر.
انهيار سوق النفط: كانت منظمة أوبك النفطية، بقيادة المملكة العربية السعودية، تأمل تجنُّب انهيار سوق النفط من خلال خفض إنتاج النفط تماشياً مع انخفاض الطلب. لكن المحادثات أخفقت؛ بعدما رفضت روسيا خفض إنتاجها، تزامناً مع تفشي وباء كورونا الذي خفض الطلب العالمي على النفط.
عمدت الرياض إلى زيادة إنتاج النفط وبيعه للعملاء الرئيسيين بسعر مخفض، في خطوة يعتقد المحللون أنها مُعدَّة خصوصاً لتأكيد هيمنتها على سوق النفط.
حيث قال شين كيم من شركة S&P Global Platts: "تشير جميع الدلائل إلى رغبة المملكة العربية السعودية وروسيا في إلحاق أكبر قدر من الأذى، لا سيما للدفع باستجابة سريعة قدر الإمكان من جانب منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة وكذلك بعضهما البعض".
من جانبه قال بيورنار تونهاوجن، مدير أبحاث سوق النفط لدى شركة Rystad Energy، إن تقلُّب السوق الناجم عن "استراتيجية الصدمة والرعب" في المملكة العربية السعودية قد يدفع إلى "إفلاس الشركات التجارية"، في حين ستنتعش الشركات الأخرى.
تونهاوجن أضاف في تعليقه: "إن الجشع والخوف يحركان السوق، ولكن بين تلك المشاعر، الخوف هو الأقوى مرة أخرى".
خسائر باهظة للسعودية: حين أُعلِنَت رؤية 2030 من قِبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسط كثير من الاحتفالات على يد نائب ولي العهد آنذاك، أشارت الأرقام إلى استثمار نحو تريليون دولار في المشاريع الضخمة، وجذب تريليون دولار إضافية من الاستثمارات الأجنبية. وكان من المتوقّع أن تصل أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى تريليوني دولار بحلول عام 2030.
ففي عام 2016، كانت المملكة تمتلك نحو 700 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، وكانت أسعار النفط أعلى، بينما كان الأمير الشاب مستمتعاً للغاية بدوره الجديد في الديوان الملكي. ولم تكُن الرؤية مستحيلة التحقيق، من الناحية المالية على الأقل، رغم شكوك كثيرين.
لكن صدمة كوفيد-19، وانخفاض أسعار النفط إلى النصف، فرضت ضغطاً هائلاً على الوضع المالي للمملكة. إذ تراجعت الاحتياطيات الأجنبية في مارس/آذار وأبريل/نيسان بنحو 48.6 مليار دولار، وهي أكبر انخفاضات شهرية حتى تاريخه، لتصل إلى 448.6 مليار دولار.
ولم تكُن الأمور على ما يُرام حتى قبل الجائحة، إذ لا يرجع الأمر إلى التباطؤ الاقتصادي نتيجة الجائحة فقط. وخير دليلٍ على ذلك هو أنّ موقع رؤية 2030 لم يُحدّث قسم "التقدّم الذي حققته الرؤية" في النسختين العربية والإنجليزية منذ عام 2018.