قررت ثلاث من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، التراجع عن بيع تقنيات التعرف على الوجه إلى سلطات إنفاذ القانون وسط احتجاجات مستمرة ضد وحشية الشرطة، وذلك استجابة لدعوات عدد من النشطاء والأكاديميين الذي يعتبرون بأن هذه التقنيات تفاقم الظلم العرقي، كما تأتي هذه الخطوة بعد الاحتجاجات التي عرفتها شوارع الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من العواصم العالمية ضد التمييز العنصري، والتي غذاها مقتل جورج فلويد على يد شرطي أمريكي.
وفق تقرير لصحيفة Business Insider الأمريكية، السبت 13 يونيو/حزيران 2020، فقد أعلنت شركة IBM، الإثنين 8 يونيو/حزيران، أنها أوقفت بيع تقنيات التعرف على الوجه "للأغراض العامة". وأعلنت أمازون يوم الأربعاء 10 يونيو/حزيران أنها فرضت تعليقاً لمدة عام واحد على بيع برنامج التعرف على الوجه إلى سلطات إنفاذ القانون. وحذت مايكروسوفت حذوها يوم الخميس 11 يونيو/حزيران،قائلةً إنها لن تبيع تقنيات التعرف على الوجه لقوات الشرطة الأمريكية، ولن تفعل ذلك حتى تمرير تشريع ينظم استخدام هذه التكنولوجيا.
تقنية "عنصرية": أصبح التعرف على الوجه أداة شائعة بشكل متزايد بين الوكالات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون لتعقب المجرمين أو الإرهابيين أو المهاجرين غير الشرعيين. ولكن مع اندلاع احتجاجات Black Lives Matter التي تجتاح العالم عقب وفاة جورج فلويد، ثمة نداءات جديدة الآن لشركات التكنولوجيا الكبرى تدعوها للتوقف عن بيع هذه التكنولوجيا للشرطة.
حجتهم التي لطالما قدمتها مجموعات الحقوق المدنية وخبراء منظمة العفو الدولية هي أن التعرف على الوجه يؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص الملونين بطريقتين.
أولاً: مثل أي أداة للشرطة تستخدمها مجتمعات أو مؤسسات عنصرية بشكل منهجي، ستُستخدم هذه الأداة حتماً لاستهداف الأشخاص الملونين بدرجة أكبر.
ثانياً: البيانات المستخدمة لبناء برنامج التعرف على الوجه متشربة للتحيز العنصري، مما يرجح وقوع أخطاء في التعرف على النساء والملونين، ويؤدي بالتالي إلى اعتقالات غير مشروعة، وذلك لأن مجموعات البيانات المستخدمة لتدريب خوارزميات التعرف على الوجه غالباً ما تتكون من صور لرجال بيض.
المبادرة: كانت شركة IBM هي أول شركة من الشركات الثلاث تُعلن أنها ستتمهل في أمر تقنيات التعرف على الوجه، وهي من قدمت التزاماً أدوم.
إذ أعلن آرفيند كريشنا، الرئيس التنفيذي، ذلك ضمن رسالة إلى أعضاء الكونغرس، ومنهم السيناتوران: كوري بوكير وكامالا هاريس، في 8 يونيو/حزيران.
حيث كتب كريشنا: "لم تعد شركة IBM تقدم برامج التعرف على الوجه أو تحليلها للأغراض العامة. وتعارض IBM بشدة ولن تتغاضى عن استخدام أي تقنية للمراقبة الجماعية والتنميط العرقي وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك تقنية التعرف على الوجه التي يقدمها بائعون آخرون".
كما أضاف أن IBM تأمل في بدء "حوار وطني" حول استخدام وكالات إنفاذ القانون لتقنية التعرف على الوجه.
فيما قال خبراء موقع Business Inside الأمريكي إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن اللغة التي استخدمتها IBM في إعلانها أعطتها بعض المساحة لمواصلة بيع تقنيات التعرف على الوجه في المستقبل.
أمازون: لكن حتى إن كان إعلان IBM بدافع السخرية أو متحفظاً، فقد كان على الأقل أول أحجار الدومينو سقوطاً.
فقد أعلنت أمازون في 10 يونيو/حزيران أنها ستعلق بيع برنامج Rekognition للتعرف على الوجه إلى وكالات إنفاذ القانون لمدة عام واحد.
أضافت أمازون في إعلانها: "لقد دافعنا عن ضرورة وضع الحكومات للوائح أقوى لتنظيم الاستخدام الأخلاقي لتقنية التعرف على الوجه، وفي الأيام الأخيرة، يبدو أن الكونغرس أصبح مستعداً لمواجهة هذا التحدي. ونأمل أن يمنح هذا الإيقاف لمدة عام واحد الكونغرس وقتاً كافياً لتطبيق القواعد المناسبة، ونحن على استعداد لتقديم المساعدة إن طُلبت".
لكن تقول الدكتورة نيكيما ستيفلباوير، خبيرة سياسات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، لموقع Business Insider إنه في حين أن بيان أمازون يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، فهو لا يتحدث عما سيحدث لكل أقسام الشرطة التي تملك البرنامج بالفعل.
مايكروسوفت: أما براد سميث، رئيس مايكروسوفت، فقال في مقابلة مع صحيفة The Washington Post الأمريكية يوم الخميس 11 يونيو/حزيران، إن مايكروسوفت لا تبيع تقنية التعرف على الوجه لقوات الشرطة الأمريكية، وأنها تلتزم بعدم بيعها حتى إصدار قانون وطني ينظم استخدامها.
قال سميث: "النقطة الأولى التي سأؤكد عليها فعلاً هي أننا بحاجة إلى استغلال هذه اللحظة بحق في السعي لصياغة قانون وطني قوي يحكم تقنيات التعرف على الوجه، يقوم على حماية حقوق الإنسان".
جاء هذا بعد يومين من نشر أكثر من 250 موظفاً من موظفي مايكروسوفت خطاباً مفتوحاً يدعو الشركة إلى قطع العلاقات التجارية مع قوات الشرطة بشكل عام.