بكى حسين دوابشة، والد ريهام دوابشة، التي قضت مع زوجها ورضيعها في هجوم بحرق منزلهم قبل خمس سنوات، وهو يروي مأساته أمام القضاة الإسرائيليين، وذلك في جلسة تسبق النطق بالحكم على المستوطن عميرام بن أوليئيل، المدان بارتكاب الجريمة.
قالت وكالة الأنباء الفرنسية، الثلاثاء 9 يونيو/2020، إن محكمة اللد المركزية منحت في جلستها ما قبل الأخيرة، بعد نحو 70 جلسة، أفرادَ العائلة حق التعبير عن مأساتهم.
قال حسين دوابشة بتأثر كبير: "أُحرق بيت ابنتي ريهام وزوجها سعد في 31 يوليو/تموز 2015، ودخلتْ المستشفى وتُوفيت جراء الحروق التي أصابتها بنسبة 90%، في التاسع من سبتمبر/أيلول، يوم عيد ميلادها الثامن والعشرين".
تابع قائلاً وهو يبكي: "ريهام كانت كل شيء في حياتي، كانت عمود البيت، هذا العمود هُدم بثوانٍ".
كما أضاف: "سكنت المستشفى سنةً كاملةً لأُتابع وضع ابنها أحمد، الناجي الوحيد الذي كان عمره خمس سنوات. نحن نعيش مع أحمد مأساته، لقد امتلأ جسمه بالندوب والحروق، هو عاجز عن ارتداء سراويل قصيرة".
قال عارضاً صوراً للطفل: "لا يستطيع الذهاب إلى حوض سباحة، ولا يزال بحاجة إلى عمليات، وعندما يصبح عمره 18 عاماً ستُزرع له أذن".
أضاف أن أحمد "الذي صار عمره عشر سنوات كان يفترض أن يحضر ليواجه المتهم ويتحدث عن معاناته، لكنه قال لي: ارحمني، يكفي ما أعيشه كل يوم. هل تضمن أن الكوابيس لن تراودني وتلاحقني".
كذلك تحدَّث بفخر عن ابنته ريهام "التي أنهت دراسة الرياضيات وحصلت على شهادة البكالوريوس، وكانت لديها أحلام كبيرة".
رضيع دون أبوين: أُحرق الرضيع علي دوابشة (18 شهراً) في 31 يوليو/تموز 2015، حياً أثناء نومه في منزل العائلة في قرية دوما شمال الضفة الغربية المحتلة.
وتوفي والداه سعد وريهام متأثرَيْن بحروقهما بعد عدة أسابيع، في حين نجا شقيقه أحمد الذي كان يبلغ من العمر حينها خمس سنوات.
فيما أعلنت محكمة اللد، في 18 مايو/أيار، في بيان إدانة الإسرائيلي عميرام بن أوليئيل من مستوطنة شيلو شمال الضفة الغربية، بـ"الشروع بالقتل العمد والتآمر لارتكاب جريمة عنصرية".
عند وصول المتهم الذي كان يضع طاقية بيضاء ويخفض بصره للأرض، قالت له زوجته "كل شعب إسرائيل فخور بك". وصرخ في وجهها أعضاء الكنيست العرب الذين تواجدوا في المحكمة، وقال لها النائب أحمد الطيبي "عليك أن تخجلي من نفسك".
سقوط الأحلام: أما نصر دوابشة، شقيق سعد دوابشة، فتحدث عن أخيه الذي تزوج ابنة عمه ريهام، وقال "كان يحلم بتكوين عائلة، وبأن يكون أطفاله من أحسن أطفال فلسطين".
تابع: "نحن ستة أشقاء، سعد هو الأوسط بيننا، ونعيش كعائلة واحدة. أبي كان مريضاً، وكنا نجتمع في بيته في ذلك اليوم الأسود، سهرنا وتناولنا العشاء، وكان أطفالنا يلعبون معاً ويمرحون، لم أتوقع أنني سأحمل بعد ساعات الرضيع علي متفحماً وجثة".
أضاف: "عندما دخلت البيت كان أشبه بجهنم. الحرارة مرتفعة جداً، والدخان يغطي المكان. دخلت مع الدفاع المدني فاصطدمت رجلي بشيء طريّ، كانت جثة الطفل علي، نقلناه للمستشفى، وكان متفحماً، وعندما شرّحوا جثته تبيّن لهم أن بعض أعضائه غير موجودة".
قال: "سألت الأطباء أين يداه ورجلاه فأجابوا: لو بقي نصف ساعة إضافية لما وجدته، كانت النار ستقضي على ما تبقّى منه. كان أبوه يحلم بأن يكون طبيباً أو رساماً، لكن نار الحقد والكراهية كانت أسرع من كل الأحلام".
أورد نصر: "بعد أسبوع من الحريق أبلغوني في المستشفى أن شقيقي سعد توفي. كانت الصدمة على أمي وأبي شديدة جداً، فقد أبي بصره لشدة الحزن. توفي سعد في عيد زواجه السادس".
اعتبر أن عائلة أخيه احترقت ثلاث مرات، "جسداً وأحلاماً ومستقبلاً"، مشيراً: "بيوتنا صارت أشبه بسجون. نعاني كثيراً، وشبابيكنا مغطاة بقضبان حديدية خوفاً من المستوطنين".
طالبت المدعية العامة بإنزال ثلاثة أحكام بالمؤبد بحق المتهم، وسيصدر الحكم على بن أوليئيل (25 عاماً) خلال هذا الشهر.