صُدم البرازيليون بعد نشر قاضٍ في المحكمة العليا في البلاد، الجمعة 22 مايو/أيار 2020، تسجيل فيديو لاجتماع أطلق فيه الرئيس جاير بولسونارو ووزراء في حكومته شتائم وعبارات سوقية، ما قد يضرُّ بحكومة بولسونارو التي تولت السلطة قبل 18 شهراً، بسبب تفاصيل معيبة أخرى يتضمنها الفيديو.
هجوم لاذع من الرئيس: يدقق المدعون العامون في وقائع اجتماع لمجلس الوزراء، عُقد في 22 أبريل/نيسان 2020، بعدما صرَّح وزير العدل المستقيل سيرجيو مورو بأن بولسونارو حاول التدخل في تحقيقات للشرطة الفيدرالية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
من هذه التفاصيل استخدام الرئيس اليميني المتطرف عباراتٍ سوقيةً لإهانة حكام الولايات، ودعوة أطلقها وزير التعليم إلى وضع قضاة المحكمة العليا في السجن، وأخرى يحث فيها وزير البيئة الحكومة على جعل التعدين والزراعة في غابات الأمازون المطيرة قانونياً، بينما ينشغل العالم بوباء كورونا.
كان سيرجيو مورو الذي يتمتع بشعبية كبيرة لعمله في مكافحة الفساد، استقال قبل هذا الاجتماع بيومين، واتهم في مؤتمر صحافي أخير بولسونارو "بتدخل سياسي" في عمل الشرطة الاتحادية.
وتفيد معلومات بأن الشرطة تحقق في العديد من القضايا المرتبطة ببولسونارو والدائرة المحيطة به، بما في ذلك معلومات تفيد بأن ابنه كارلوس عضو مجلس بلدية مدينة ريو دي جانيرو أشرف على حملة نشر أخبار مضللة لمصلحة والده.
أما تصريحات مورو فدفعت محكمة العدل العليا إلى أن تأمر بإجراء تحقيق في ما إذا كان بولسونارو يعرقل عمل القضاء أو ارتكب جرائم أخرى.
يأتي هذا التحقيق الذي يمكن أن يفضي إلى محاكمة وحتى عزل بولسونارو، بينما يواجه الرئيس استياءً متزايداً حسب استطلاعات الرأي، وانتقادات بشأن التقليل من خطورة وباء كوفيد-19 الذي أودى بحياة أكثر من 21 ألف شخص في البرازيل.
الرئيس يهاجم الشرطة: في تسجيل الفيديو، يعترض بولسونارو على ما سمّاه نقص المعلومات من الشرطة الفيدرالية، ويقول: "لا يمكن أن أتلقى مفاجآت من نشرات الأخبار. إلى الجحيم، الشرطة الوطنية لا تقدم لي معلومات". ويضيف: "لا أستطيع أن أعمل بهذه الطريقة. لهذا السبب سأتدخل. هذا ليس تهديداً، إنها الحقيقة".
في مكان آخر، يقول الرئيس البرازيلي: "حاولت بالفعل تغيير أفراد الأمن لدينا في ريو دي جانيرو رسمياً، لكنني لم أتمكن من تحقيق ذلك". ويتابع: "انتهى الأمر الآن. لن أنتظر منهم ضرب كل عائلتي وأصدقائي لأنني لا أستطيع تغيير شخص ما في أجهزتنا الأمنية".
في خطوة تستبق نشر التسجيل، سعى الرئيس إلى الحد من الأضرار، مؤكداً أنه كان يتحدث عن ضمان أمن عائلته وليس حماية أي شخص من تحقيق، وقال أيضاً بعد نشر الفيديو: "مهزلة أخرى انهارت للتوّ. ليس هناك أي ثانية في تسجيل الفيديو تسمح لأحد بالاشتباه بأنني تدخلت في الشرطة الفيدرالية".
ألفاظ نابية وشتائم: نظم معارضو بولسونارو الذين أجبرهم وباء كوفيد-19 على ملازمة بيوتهم، احتجاجات شديدة وقاموا بقرع أواني الطبخ على شرفات منازلهم.
وبث التلفزيون بشكل متواصل مقاطع من تسجيل الفيديو، وفي أحد المقاطع، يستخدم بولسونارو ألفاظاً نابية في حديثه عن حاكمي أكبر ولايتين في البرازيل ساو باولو وريو دي جانيرو بسبب تحديهما لقراراته وفرضهما إجراءات عزل لاحتواء فيروس كورونا المستجد.
يصف الرئيس الرجلين قائلاً: "كومة براز حاكم ساو باولو وكومة سماد في ريو دي جانيرو". ويقول: "لهذا السبب أريد أن يكون السكان مسلحين".
في مقطع آخر، يهاجم وزير التعليم أبراهام وينتروب المحكمة العليا لمنحها الولايات حق البتّ في الإجراءات المناسبة، ويقول: "لو كان الأمر متروكاً لي لألقيت كل هؤلاء المجرمين في السجن بدءاً بالمحكمة العليا".
أما وزير البيئة ريكاردو ساليس فقال من جهته: "الآن وفقط بعد أن تحدثت وسائل الإعلام فقط عن كوفيد-19، نحتاج إلى استخدام هذه اللحظة من الهدوء لتغيير جميع القواعد التنظيمية" التي تمنع التعدين والزراعة في الأراضي المحمية في الأمازون.
لكن المحققون قطعوا فقرات متعلقة بدول أجنبية قبل نشر تسجيل الفيديو، وذكرت وسائل إعلام برازيلية أن هذه الفقرات تضمنت تعليقات مهينة حول الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل.
تزامن نشر الفيديو مع تطور آخر متفجّر، حيث طلبت أحزاب معارضة في البرلمان البرازيلي مصادرة الهواتف الخليوية لبولسونارو وابنه كارلوس، وأحال قاضي المحكمة العليا المشرف على التحقيق الطلب، أمس الجمعة، على النائب العام الذي يجب عليه الآن البت في الطلب.
بدوره حذر وزير الأمن القومي أوغستو هيلينو من أن مثل هذه الخطوة ستعرض "الاستقرار الوطني" للبرازيل للخطر. وقال إنها تشكل "تدخلاً غير مقبول في الحياة الخاصة لرئيس الجمهورية وأمن المؤسسات في البلاد".