كشفت جماعات حقوقية الأحد 3 مايو/أيار 2020، إن مئات من اللاجئين في بنغلاديش تقطعت بهم السبل على متن قاربين وهما في طريقهما إلى ماليزيا، في الوقت الذي تشدد فيه حكومات دول جنوب شرق آسيا الرقابة على حدودها اتقاء لفيروس كورونا المستجد، الأمر الذي يهدد بتكرار أزمة قوارب تعود إلى 2015 عندما توفي مئات الأشخاص.
في الوقت نفسه ناشدت الأمم المتحدة السلطات السماح للقوارب بالرسو، فيما تقول حكومات دول جنوب شرق آسيا إن الحدود مغلقة خوفاً من فيروس كورونا.
قصة مأساوية: ومن القصص المأساوية التي حاولت السفر إلى ماليزيا عبر القوارب، كان لاجئ الروهينغا شهاب الدين الذي قال إن قارب الصيد الخشبي الذي استقله في فبراير/شباط 2020، كان يظن أنه سيكون وسيلته للفرار من مخيم في بنغلادش إلى حياة أفضل في ماليزيا. لكن تلك الرحلة البحرية كادت تودي بحياته بدلاً من أن تقوده إلى هدفه المنشود.
كان الشاب البالغ من العمر 20 عاماً ضمن قرابة 400 ناج انتُشلوا من المياه وقد استبد بهم الجوع والهزال والصدمة بعدما لم يتمكن القارب من الوصول إلى ماليزيا وقضى أسابيع تتقاذفه الأمواج قبل أن يعود إلى بنغلادش في منتصف أبريل/نيسان.
في مقابلة مع رويترز، استرجع سبعة ناجين من القارب الذي جرى إنقاذه تجربتهم المروعة على مدى شهرين.
أكثر من 100 ضحية: فيما تراوحت تقديرات عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم على القارب من بضع عشرات إلى أكثر من 100، إذ لم يواصل أحد العد، لكن رواياتهم كانت متسقة.
كذلك وصف الناجون كيف كان مئات الرجال والنساء والأطفال متكدسين على القارب غير قادرين على الحركة وهم يجلسون القرفصاء في الأمطار والشمس الحارقة إلى أن بدأوا، مع نفاد الطعام والمياه، يموتون جوعاً وعطشاً ويتشاجرون وتُلقى جثثهم في البحر.
في حين بعضهم بكى أثناء الحديث.
قال شهاب الدين "ظننت أنني لن أعود لبلدي حياً… اشتقت لأسرتي، خاصة أبوي".
جماعات حقوقية: من جانبها قالت جماعة (فورتيفاي رايتس) الحقوقية في بيان الأسبوع الماضي إن مشغلي القارب "احتجزوا ضحاياهم في ظروف تشبه العبودية بغرض الاستغلال".
إلى ذلك لم تتمكن رويترز من تحديد هوية الطاقم أو الاتصال به للتعليق.
بيان منظمة العفو: من جانبها حثت منظمة العفو الدولية الحكومات على حماية الروهينغا العالقين والسماح لهم بالنزول على أراضيها. وقدرت أن 800 شخص آخرين كانوا في البحر. وهبط بضع عشرات من الأشخاص من أحد القوارب على ساحل بنغلادش الجنوبي أمس السبت.
وتدافع ماليزيا عن سياستها المتعلقة بعدم استقبال لاجئي القوارب. حيث قال وزير الشؤون الداخلية الماليزي في بيان يوم الخميس إن السلطات تصرفت وفقاً للقانون للدفاع عن سيادة البلاد ومستعدة لفعل ذلك مجدداً.
التخلص من الفقر: لاجئ آخر يدعى إنعام الحسن، ويبلغ أيضاً من العمر 20 عاماً، قال إن قريباً له في ماليزيا حثه على الذهاب إلى هناك. وقال "أردت الذهاب إلى ماليزيا لانتشال أسرتي من براثن الفقر".
فيما قال ستة من الناجين السبعة الذين أجرت رويترز مقابلات معهم إنهم ذهبوا إلى هناك طوعاً. أما السابع، والبالغ من العمر 16 عاماً، فقال إن رجالاً مجهولين أخذوه رغماً عن إرادته.
رحلة الشقاء: وبدأت رحلة الشقاء بمجرد إبحار القارب حيث قال شهاب الدين "لم نأكل شيئاً تقريباً.. الأطفال الصغار كانوا يبكون التماساً للماء".
بعد أسبوع وصل القارب قبالة ماليزيا، حيث انتظر عدة أيام قبل أن يعلن أفراد الطاقم عدم قدرتهم على إنزال الركاب من السفينة وأنهم سيعودون إلى بنغلادش.
فيما أبحروا مرة أخرى عائدين عبر خليج البنغال.
قال شهاب الدين "واجهنا عواصف ثلاث مرات". وأضاف أنه أُجبر على تنفيذ تعليمات الطاقم بضرب أي شخص يخالف النظام. وقال "إذا لم أضربهم لكنت تعرضت أنا للضرب".
شرب ماء البحر: في هذه الأثناء، بدأ بعض الركاب اليائسين شرب ماء البحر. وقال إنعام الحسن "بفضل الله كانت المياه تبدو عذبة".
أضاف "قفز العديد إلى المياه.. الجميع كان يقول إن من الأفضل كثيراً الموت في المياه عن الموت على ظهر السفينة".
أما في الليل كان الركاب يمسكون بأحدهم الآخر يبكون ويدعون.
في النهاية، قال ناج إن القارب توقف مرة أخرى قبالة ميانمار لكن لم يستطع الرسو مجدداً.
العودة لبنغلادش: وأجبر اللاجئون في آخر الأمر الربان على العودة إلى بنغلادش، حيث هبطوا على ساحلها ليلاً.
من ناحية أخرى قال مسؤول بخفر السواحل في ذلك الوقت إن المشهد كان صادماً. وأضاف "كثير منهم كانوا في غاية النحافة والهزال وكان البعض غير قادر على الوقوف".
فيما قال شهاب الدين إن والديه تعرفا عليه بصعوبة لكنه كان ممتناً للعودة رغم أنه ليس لديه أمل يذكر في المستقبل. وأضاف "من الأفضل الموت هنا من الهلاك في البحر".