هوت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السعودي في مارس/آذار 2020، بأسرع وتيرة فيما لا يقل عن عقدين لتبلغ أدنى مستوى منذ عام 2011، بينما سجلت المملكة عجزاً قيمته 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام بسبب انهيار إيرادات النفط.
إذ تعاني المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، من تسجيل أسعار النفط مستويات منخفضة تاريخية. في الوقت ذاته من المرجح أن تكبح تدابير لاحتواء انتشار فيروس كورونا وتيرة وحجم الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أطلقها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.
خسارة 27 مليار دولار: قالت مؤسسة النقد العربي السعودي، الثلاثاء 28 أبريل/نيسان 2020، إن صافي الأصول الخارجية للمملكة، والتي تشمل أوراقاً مالية مثل سندات الخزانة الأمريكية وودائع أجنبية، نزل في مارس/آذار إلى 464 مليار دولار وهو أقل مستوى في 19 عاماً.
بينما يشير الانخفاض، البالغ نحو 27 مليار دولار وهو الأكبر في شهر فيما لا يقل عن عقدين، إلى أن المملكة في حاجة ملحة لاستغلال احتياطياتها الضخمة لتعويض الضرر الاقتصادي المترتب على انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الشديد لكافة القطاعات الاقتصادية غير النفطية بسبب فيروس كورونا.
إذ قالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: "نعتقد أن حجم الانخفاض يعكس تمويلاً حكومياً أكبر لتغطية عجز الميزانية وحزم الدعم التي أُعلنت في مارس/آذار للتصدي لأثر كوفيد- 19".
بينما قال وزير المالية محمد الجدعان الأسبوع الماضي إن المملكة لن تسحب أكثر من 32 مليار دولار من احتياطياتها هذا العام وستلجأ عوضاً عن ذلك لزيادة الاقتراض لنحو 60 مليار دولار لاحتواء العجز المتزايد.
عجز بمليارات الدولارات: من جهة أخرى، قالت وزارة المالية السعودية، الأربعاء 29 أبريل/نيسان، إن العجز في الربع الأول بلغ 9 مليارات دولار، وعزت ذلك بصفة أساسية لانخفاض إيرادات النفط، مقابل فائض 7.4 مليار دولار في الربع الأول من 2019.
وتراجعت الإيرادات النفطية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، ما دفع إجمالي الإيرادات للتراجع 22% على أساس سنوي بحسب الوزارة.
وسجلت السعودية أكثر من 20 ألف حالة إصابة بالفيروس حتى يوم الثلاثاء و152 حالة وفاة. وتوقعت المملكة عجزاً قدره 50 مليار دولار، أو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهي زيادة حادة من حوالي 35 مليار دولار العام الماضي.
وقال الجدعان إن العجز قد يصل الآن إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن بعض المحللين يتوقعون عجزاً 22% عند سعر 30 دولاراً لبرميل النفط.
النفط كلفها الكثير: فقدت أسعار النفط العالمية نحو ثلثي قيمتها منذ بداية العام ويجري تداول برميل النفط قرب 21 دولاراً.
قال حسنين مالك، مدير استراتيجية الأسهم لدى تليمر: "إذا كانت خطط وزير المالية الجدعان لسحب 32 مليار دولار من الاحتياطيات فقط، وفي أعقاب خفض بواقع 27 مليار في مارس/آذار وحده، فإن هذا يعني أنه ستجري تغطية كل المبلغ المتبقي من إصدارات دين سيادي جديد، بافتراض أنه لن تتم عمليات خصخصة أخرى بسبب ظروف السوق".
اتفقت السعودية ومنتجون كبار آخرون للنفط في الآونة الأخيرة، على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً، في الفترة من مايو/أيار إلى يونيو/حزيران، سعياً لتحقيق التوازن في السوق ولكن الطلب واصل الهبوط نتيجة التباطؤ العالمي.
بينما قال الجدعان الأسبوع الماضي إنه يتوقع أن تؤدي الجائحة لتراجع النشاط في القطاع الخاص غير النفطي هذا العام وأن الحكومة قد تطلق إجراءات جديدة لدعم الاقتصاد، بالإضافة إلى إجراءات تحفيز عاجلة بقيمة 32 مليار دولار أُعلنت في الشهر الماضي.
الحل في الاقتراض: فيما أظهرت بيانات البنك المركزي أن نمو قروض القطاع الخاص كان قوياً في مارس/آذار، وقالت مالك: "من المحتمل أنه يعكس متطلبات اقتراض أعلى للشركات مع تأثير كوفيد-19 على التدفقات النقدية".
وانخفضت الإيرادات غير النفطية في الربع الأول 17% مقارنة بها قبل عام، وهبط الدخل من الضرائب على السلع والخدمات في مؤشر على تباطؤ اقتصادي كلي في المملكة.
خفضت السعودية بالفعل ميزانية العام الجاري بنحو 5% ومن المرجح فرض قيود إضافية على الإنفاق. لكن وزارة المالية قالت إن الإنفاق الرأسمالي تقلص بنسبة 4% فقط في الربع الأول.
وفي الشهر الماضي، رفعت الرياض سقف الدين إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي من 30%. واقترضت المملكة بالفعل 12 مليار دولار من أسواق السندات العالمية هذا العام.