أجمعت مجموعة من العلماء الأمريكيين، على إمكانية تأثير فيروس "كوفيد -19" على الجهاز العصبي والدماغ، وليس فقط على الجهاز التنفسي للمصابين به، وذلك وفقاً لملاحظات سريرية لأطباء أمريكيين وفرنسيين.
حسب وكالة الأنباء الفرنسية، السبت 18 أبريل/نيسان 2020، فإن عدداً من الأطباء لاحظوا ظهور أعراض أخرى بشكل متزايد، إلى جانب السعال والحمى وضيق التنفس، الأمر يتعلق بارتباك
يُبديه المرض "إلى درجة أنه لا يعرف أين هو وفي أي سنة".
وهي الأعراض التي يجمع الأطباء على أنها ليس لها علاقة بالتهاب الرئتين، بل بالجهاز العصبي للمريض، أو نقص في الأكسجين بالدم.
دراسات تؤكد ذلك
أكد تقرير لأطباء أمريكيين، الأسبوع الماضي، في مجلة جمعية الطب الأمريكية (جاما)، أن 36% من 214 مريضاً صينياً ظهرت عليهم أعراض عصبية تراوحت بين فقدان حاسة الشم وآلام الأعصاب وحتى الإصابة بنوبات وسكتات دماغية.
أما في فرنسا، فقد أفاد أطباء فرنسيون في ستراسبورغ، لمجلة "نيو إنغلند جورنال أوف مديسين" الطبية الأمريكية المرموقة، أن "أكثر من نصف مرضى وحدة العناية المركزة البالغ عددهم 58 مريضاً كانوا مرتبكين أو مضطربين، وكشفت صور الدماغ عن التهاب محتمل لديهم".
جنيفر فرونتيرا، أخصائية الأعصاب الأمريكية في مستشفى جامعة لانغون في بروكلين، تقول إن المعطيات والأعراض السالفة تطرح سؤالاً بشأن مدى تأثير فيروس كورونا المستجد على الدماغ والجهاز العصبي.
من جانبه، قال س. أندرو جوزيفسون، رئيس قسم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو لوكالة فرانس برس: "الجميع يقولون إنها مشكلة تتعلق بالتنفس، لكنها تؤثر أيضاً على شيء ثمين جداً بالنسبة لنا وهو الدماغ".
كما يضيف أيضاً: "إذا شعرت بالارتباك، وواجهت مشكلة في التفكير، فهذه أسباب وجيهة لرؤية الطبيب… إن الفكرة القديمة التي تقول إن علينا أن نذهب فقط عندما نشعر بضيق شديد لم تعد صائبة".
الفيروسات والدماغ
تأثير فيروس "كوفيد-19" على الدماغ والجهاز العصبي ليس أمراً مفاجئاً بالنسبة لعدد من العلماء، إذ لوحظ هذا الارتباط مع فيروسات أخرى، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز).
ميشيل توليدانو، وهو طبيب الأعصاب في مستشفى مايو كلينيك في ولاية مينيسوتا، يقول إن الفيروسات يمكن أن تؤثر على الدماغ بطريقتين رئيسيتين؛ الأولى عن طريق إثارة استجابة مناعية غير طبيعية تسمى "عاصفة السيتوكين"، والتي تسبب التهاباً في الدماغ يُسمى التهاب الدماغ المناعي الذاتي.
أما الثانية فتكون عن طريق العدوى المباشرة للدماغ أو ما يسمى التهاب الدماغ الفيروسي، الدماغ محمي بما يسمى الحاجز الدموي الدماغي، ويقوم بمنع تسلل مواد ضارة إليه، ولكن هذا الحاجز يمكن اختراقه.
كما يطرح البعض فرضية أن الأنف يمكن أن يكون المسار الذي يوصل إلى الدماغ، لأن فقدان حاسة الشم شائع لدى عدد كبير من مرضى كوفيد-19، ولكن لم يتم التحقق من ذلك، كما أن العديد من المرضى الذين يفقدون حاسة الشم ليست لديهم مشكلات عصبية مقلقة.
أبحاث دولية لكشف "اللغز"
تشارك جينيفر فرونتيرا، التي تدرِّس في كلية الطب بجامعة نيويورك، في مشروع أبحاث دولي يهدف إلى جمع معايير معينة بخصوص هذا الأمر.
حسب المعلومات التي تم تجميعها حتى الآن، فقد تم إحصاء عدد من الحالات المثيرة للانتباه، تتمثل في نوبات لدى مرضى مصابين بكوفيد-19 لم يسبق أن أصيبوا بها قبل المرض، كما لاحظ الباحثون نزيفاً دماغياً دقيقاً وُصف بأنه من نوع "جديد".
كما يريدون أيضاً أخذ عينة من السائل الدماغي النخاعي من رجل خمسيني أصيب بالتهاب شديد في المادة البيضاء في الدماغ. لكن أخذ مثل هذه العينات، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، يصعب إجراؤه على مرضى يستخدمون جهاز التنفس الاصطناعي.
لا يتسنى للباحثين تكوين فكرة مستوفاة عن الضرر العصبي، بحكم أن غالبية هؤلاء المرضى يقضون نحبهم، في المقابل، ينتهي الأمر بمن ينجون من الموت إلى استشارة أطباء الأعصاب.
ويقول روهان أرورا، طبيب الاعصاب في مستشفى لونغ آيلاند جويش فورست هيلز، لوكالة فرانس برس "نرى الكثير من المرضى في حالة مضطربة"، مضيفاً أن الأمر يعني 40% من الناجين من الفيروس.
ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه الاضطرابات دائمة، إن إدخال المريض غرفة الإنعاش هو في حد ذاته مسبب للارتباك، ولاسيما بسبب الأدوية التي تعطى له.
لكن طبيب الأعصاب يلاحظ أن العودة إلى الوضع الطبيعي بالنسبة لمرضى كوفيد-19 تستغرق على ما يبدو وقتاً أطول من أولئك الذين نجوا من نوبة قلبية أو سكتة دماغية.