حذَّر علماء من أن تخفيف التباعد الجسدي وإغلاق المدارس في ووهان قبل أوانه يمكن أن يؤجِّجا موجةً ثانية من عدوى فيروس كورونا في وقت لاحق من العام، حسب ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، نُشر الخميس 27 مارس/آذار 2020.
تقرير الصحيفة البريطانية يشير نقلاً عن دراسة نُشِرَت في مجلة The Lancet الطبية، إلى أن رفع القيود في شهر مارس/آذار، سيؤدي إلى زيادةٍ بأعداد الحالات التي قد تبلغ ذروتها في أغسطس/آب. وتتوقَّع أن الإبقاء على القيود المفروضة حتى شهر أبريل/نيسان، سيؤخِّر الذروة الثانية حتى أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما سيخفِّف الضغط على الخدمات الصحية في الأشهر الفاصلة.
التحذير من رفع سريع للتدابير الوقائية
تذكِّر الدراسة بأنه لا توجد استراتيجية خروج سريعة وسهلة من عمليات الإغلاق التي فرضتها عديد من البلدان.
من جانبهم، يقول الباحثون إن النماذج التي تستخدمها الدراسة ليست قابلةً للتطبيق بشكلٍ مباشر على دولٍ أخرى، ولكن الاستنتاج العام ربما ينطبق في كلِّ مكان.
يقول يانغ ليو، زميل باحث بكلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، وأحد مؤلفي الدراسة: "إن إجراءات التباعد الجسدي مفيدةٌ للغاية، ونحتاج إلى تعديل رفعها بعناية؛ لتجنُّب موجات العدوى اللاحقة عندما يعود العمال وأطفال المدارس إلى روتينهم المعتاد. إذا أتت هذه الموجات بسرعةٍ كبيرة، فقد يؤدي ذلك إلى إرباك الأنظمة الصحية".
تتماشى الدراسة مع الوثائق التي نشرتها المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ Sage التابعة لحكومة المملكة المتحدة، والتي تنص على أنه يجب أن تظل تدابير التباعد الجسدي موضع التنفيذ لنصف عام على الأقل، لتكون فعالة، وربما تحتاج إلى تخفيفها وإعادة فرضها بشكل دوري؛ لتقليل تأثير موجات العدوى اللاحقة.
الخبراء يوصون بالعودة التدريجية
حلَّلَت الدراسة تصوُّراتٍ مختلفة لرفع تدابير الرقابة المكثفة التي طُبِّقت على ووهان في منتصف يناير/كانون الثاني، مستخدمةً أحدث البيانات المتعلقة بانتشار فيروس كورونا Covid-19 في ووهان وبقية الصين، إذ أُغلِقَت المدارس منذ ذلك الحين، وأُبقِيَ على ما يقرب من 10% فقط من القوى العاملة في وظائفهم، وهي النسبة التي تتوافق تقريباً مع العاملين في مجال الرعاية الصحية والشرطة وغيرهم من الموظفين الحكوميين الأساسيين.
توصَّلت الدراسة إلى أنه من المرجح أن تكون تدابير التباعد الجسدي أكثر فاعلية إذا بدأت العودة المتدرجة للعمل في بداية أبريل/نيسان، وهو ما قد يقلِّل متوسط عدد الإصابات الجديدة بنسبة 24% حتى نهاية عام 2020، ويؤخِّر الذروة الثانية حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول.
تقول كيشا بريم، وهي الأخرى تدرس بكلية لندن للصحة ومن مؤلفي الدراسة الرئيسيين: "إن الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها مدينة ووهان للحد من التواصل الاجتماعي بالمدارس وأماكن العمل ساعدت في السيطرة على تفشي المرض. ومع ذلك، تحتاج المدينة الآن إلى توخي الحذر حقاً؛ لتجنُّب رفع إجراءات التباعد الجسدي قبل الأوان، لأن ذلك قد يؤدي إلى حدوث ذروة ثانوية مبكرة في الحالات. ولكن إذا خُفِّفَت القيود تدريجياً، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تأخير الذروة؛ بل تفاديها".
من خلال تحديد طرق آمنة
استخدم فريق الدراسة النمذجة الرياضية لمحاكاة تأثير تمديد إجراءات التباعد الجسدي في ووهان أو تخفيفها.
وقال تيم كولبورن، عالم الأوبئة بكلية لندن الجامعية والذي لم يشارك في الدراسة، إن النتائج لها آثار حاسمة على صانعي السياسات، ويمكن أن تساعد النماذج الخاصة بكل بلدٍ الحكومات على حساب كيفية تخفيف القيود بمرور الوقت.
إذ قال: "يجب تحديد طرق آمنة للخروج من الوضع، خصوصاً بالنظر إلى أن عديداً من البلدان التي تزداد فيها الأوبئة قد تواجه الآن المرحلة الأولى من الإغلاق، يجب تحديد طرق آمنة للخروج من الوضع".