أدانت الحكومة الألمانية، الإثنين 17 فبراير/شباط 2020، المخططات "المرعبة" التي تكشفت تفاصيل جديدة عنها، وتضمنت تنفيذ هجمات على مساجد وسياسيين ولاجئين في البلاد، أعدّتها مجموعة من اليمين المتطرف، أرادت الاحتذاء بمجزرة كرايستشيرش في نيوزيلندا، التي وقعت قبل عام، وقتلت عشرات المسلمين.
المشهد عن قرب: المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية بيورن غرونيفيلدر قال، خلال مؤتمر صحفي في برلين، إن "ما تم الكشف عنه مرعب، (من المخيف) رؤية مجموعة تتجه بوضوح نحو التطرف بهذه السرعة"، مضيفاً أن من "المهم أن تتم حماية أماكن العبادة"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جهته، شدد شتيفان سايبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على أن "مهمة الدولة هي ضمان ممارسة الإيمان بحرية في هذا البلد من دون خطر ومن دون تهديد، أياً كانت الديانة".
تفاصيل أكثر عن مخطط الهجوم: في يوم الجمعة 14 فبراير/شباط 2020، أوقفت السلطات الألمانية 12 شخصاً في مناطق عدة من ألمانيا، ينتمون إلى مجموعة صغيرة من اليمين المتطرف، وتم وضعهم رهن التحقيق بشبهة التحضير لهجمات.
يُشتبه بأن الموقوفين كانوا يخططون لاستهداف ستة مساجد على الأقل خلال الصلاة، على غرار ما حصل في كرايستشيرش في نيوزيلندا في مارس/آذار 2019، عندما قتل مهاجم 51 شخصاً في مسجدين وصور اعتداءه مباشرةً.
في حديثها لوسائل إعلام، قالت مصادر أمنية في ألمانيا إن المحققين عثروا على فؤوس وسيوف وأسلحة نارية خلال مداهمة منزل تستخدمه المجموعة، مشيرةً إلى ضرورة التعامل مع مشروع المجموعة "بجدية كاملة".
كشفت التحقيقات أيضاً أنه بجانب نية المجموعة استهداف المساجد، فإنهم خططوا أيضاً لاستهداف سياسيين وطالبي لجوء، وقالت وكالة الأنباء الألمانية، نقلاً عن مصادر أمنية، إن "الهجمات كانت تهدف إلى إحلال ظروف أقرب إلى الحرب الأهلية، وزعزعة النظام العام".
مخبر اكتشف المجموعة: توصلت السلطات إلى أن الزعيم المفترض للمجموعة الذي عرفته وسائل الإعلام الألمانية باسم فيرنر س. هو من سكان أوغسبورغ في بافاريا، وكان مدرجاً في سجلات السلطات ومراقباً منذ عدة أشهر، وقد عرض خططه بشكل مفصل على شركائه خلال اجتماع جرى الأسبوع الماضي.
علم المحققون بهذا الاجتماع السري بفضل مخبر اخترق المجموعة، بحسب وسائل الإعلام الألمانية، ويشتبه بأن أربعة من الموقوفين الـ12 هم محركو المجموعة، أما الثمانية الآخرون فمهمتهم تقضي بتقديم دعم مالي ولوجيستي.
كما أن جميع أعضاء المجموعة يحملون الجنسية الألمانية وبينهم شرطي أوقف عن عمله، وقالت صحيفة "بيلد" الألمانية إن الشرطي يدعى تورستين ف. وعمره 50 عاماً، لديه شغف بالعصور الوسطى ولم يكن يتردّد في بعض الأحيان في ارتداء درع وحمل سيف، كما أنه ينتقد الحكومة بوصفها بـ "ديكتاتورية الشتازي" وهو اسم الشرطة السرية في ألمانيا الديمقراطية السابقة.
رقابة مشددة: أثار المخطط خوفاً في أوساط المسلمين بألمانيا، حيث طالبت جمعية "ديتيب"، أكبر جمعية للجالية التركية المسلمة في ألمانيا، بتعزيز تدابير حماية أفرادها الذين "لم يعودوا يشعرون بالأمان"، وكتبت في بيان: "علينا ألا نبقى صامتين عن الكراهية والعنف، وألا نقلل من شأن الخطر الناجم عن اليمين".
من جانبها، تقوم أجهزة الاستخبارات حالياً بمراقبة مشددة لـ50 شخصاً على ارتباط بمجموعات اليمين المتطرف باعتبارهم "يشكلون خطراً على أمن الدولة".
كان مقتل السياسي المحافظ فالتر لوبكه، الداعم للمهاجرين من حزب المستشارة أنجيلا ميركل، في يونيو/حزيران الماضي، سبباً في تعزيز السلطات الألمانية مراقبة أنشطة اليمين المتطرف مع ازدياد مخاوفها من اتساع أنشطته الإرهابية.
عودة إلى الوراء: يُذكّر تفكيك هذه المجموعة بحادث مماثل حصل في صيف 2019، حين أوقفت السلطات الألمانية 30 شخصاً على ارتباط بحركة "نورد كروز" (صليب الشمال)، يشتبه بأنهم وضعوا قائمة سوداء بأسماء شخصيات يسارية وداعمة للمهاجرين من أجل اغتيالها.
كانت المجموعة تخطط لحيازة أكياس للجثث للتخلص من أجساد الضحايا، بحسب ما ذكرت مجموعة "آر إن دي" الإعلامية المحلية.
كذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2019 حاول متطرف يميني الهجوم برشاش على معبد يهودي في هاله، وقتل شخصين بشكل عشوائي على الطريق وفي مطعم تركي. ومن المنتظر بدء محاكمته قريباً.