أعرب عميل لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي)، وهو واحد ممن قادوا التحقيقات الأولية في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، عن اعتقاده أنَّ الأدلة على تورط سعوديين في الهجمات قوية ويجب نشرها علناً.
يقول تقرير لصحيفة The Daily Mail البريطانية، نُشر الخميس 23 يناير/كانون الثاني 2020، إن فريقاً من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أمضى أكثر من 10 سنوات يحققون سراً في وجود صلات محتملة بين سعوديين وهجمات 11 سبتمبر/أيلول، حتى بعدما أُخبِر الفريق بالاستسلام، وتغاضى مسؤولون كبار عن هذا التورط المحتمل.
أُبقِيَت تفاصيل التحقيقات -التي سُمِّيَت Operation Encore- سرية منذ وقوع الهجمات في 2001. لكن مجلة New York Times Magazine ومؤسسة ProPublica غير الربحية أجرتا تحقيقاً مشتركاً شمل لقاءات مع ما يزيد على 50 عميل تحقيقات فيدرالي سابقين وحاليين، وكشف النقاب عن عديد من فرص التحقيقات المُهدَرة.
أدلة "مُهمة تدين السعودية"
نتيجة لذلك، يقول العملاء إنهم لم يتمكنوا في نهاية المطاف من تتبُّع الروابط المحتملة بين المشتبهين والهجمات، والتي ربما كانت ستقدم دليلاً صارخاً على تورط المملكة العربية السعودية في الهجمات بطريقة ما.
يعتقد ريتشارد لامبرت، الذي قاد التحقيق الأوَّلي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في سان دييغو، أنَّ الأدلة على وجود روابط سعودية محتملة مهمةٌ بما يكفي، ويجب نشرها للعلن، رغم أنها ليست حاسمة.
لامبرت قال أيضاً: "ظهرت أدلة استنتاجية. ونظراً إلى انقضاء مدة زمنية، لا أرى أي سبب يدعو إلى إخفاء الحقيقة عن الشعب الأمريكي".
لكن وزارة العدل الأمريكية رفضت العام الماضي، تسليم ملفات التحقيق إلى عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، على الرغم من وعد الرئيس ترامب.
إذ كان ترامب قد تعهد بمساعدة عائلات الضحايا بعد أن زاروه في البيت الأبيض العام الماضي، خلال إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وألحُّوا عليه بأن يساعدهم حتى يتمكنوا من وضع نهاية للمسألة.
العائلات، التي قيل لها إنَّ ترامب أمر وزارة العدل بالكشف عن اسم دبلوماسي سعودي له صلة بالهجمات، كانت تخطط لاستخدام الملفات في دعوى قضائية تتهم السعوديين بالتورط.
لكن المدعي العام، ويليام بار، أبلغ العائلات لاحقاً أنَّ جميع الملفات الأخرى تجب حمايتها على أنها أسرار دولة.
علاقة سعوديَّين بمنفذي هجمات 11 سبتمبر
من بين الصلات التي كشفت عنها التحقيقات، أنَّ السعوديَّين عمر البيومي ومحضار عبدالله كانت لهما علاقة بمختطفي الطائرات قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
فقد رجَّح عملاء في مكتب التحقيقات الفيدرالي أنَّ عمر البيومي، الذي كان طالباً يعيش في جنوبي كاليفورنيا آنذاك، كان على علم مسبق بالهجمات.
كما وجد مكتب التحقيقات الفيدرالي أنَّ البيومي كانت له صلات مع اثنين من مختطفي الطائرات -خالد المحضار ونواف الحازمي- اللذين اصطدما بالرحلة 77 في مبنى البنتاغون.
إذ كان أحد الموقِّعين على عقد إيجار شقة مختطفي الطائرات في سان دييغو عندما وصلوا إلى الولايات المتحدة قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
إلى جانب ذلك، حصل البيومي على أموال شهرية من الحكومة السعودية في أثناء وجوده بالولايات المتحدة، مصدرها شركة مقاولات سعودية. وزاد هذا الراتب في الوقت الذي كان يساعد فيه مختطفي الطائرة، لكن العملاء الأمريكيين لم يعثروا على أي دليل على أنه كان يساعدهم مالياً.
وجد المحققون أيضاً أنَّ صديق زوجة البيومي، وهي سعودية كانت تعيش في سان دييغو، تلقت أيضاً 70 ألف دولار من زوجة الأمير بندر، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة.
كان البيومي يعيش في المملكة المتحدة مع زوجته وأطفاله، حين ذهب إليه عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ لاستجوابه بشأن الهجمات. وتعيَّن على العملاء استجوابه بوساطة من محققين بريطانيين، وأُطلِق سراحه في النهاية من دون أن يحظى المحققون الأمريكيون بفرصة سؤاله عمّا إذا كانت تربطه علاقات بأجهزة الاستخبارات السعودية.
لكن التحقيقات السابقة لم تستطع إدانتهم
من بين الأدلة التي صودرت من منزله في المملكة المتحدة دفتر ملاحظات يتضمن رسماً لطائرة تضرب الأرض. ووجد المحققون أنَّ الرسم يشبه ما حدث مع الرحلة 77 عندما اصطدمت بمبنى البنتاغون. واحتج بعض العملاء بأنَّ الرسم يثبت أنه كان على علم مسبق بالهجمات، في حين قال آخرون إنَّ أهمية الوثيقة غير واضحة.
لكن جوزيف فويلش، مشرف سابق على التحقيقات، قال إنَّ هذه الرسمة كانت ستتمتع بثقل أكبر لو عُثِر عليها مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول. وقال فويلش لو حدث ذلك، لكانت الرسمة دليلاً قوياً يحسم القضية، أو على أقل تقدير يشارك بقوة في حسمها.
عاد بيومي إلى المملكة العربية السعودية في عام 2002، وألغت الولايات المتحدة تأشيرته، بسبب المشاركة في "أنشطة شبه إرهابية".
حين استُجوِب مرة أخرى في عام 2004 بالسعودية، قال البيومي إنه قابل مختطفي الطائرات بالصدفة، وإنه مسلم مضياف ساعدهم في العثور على سكن.
وصف مكتب التحقيقات الفيدرالي رسمياً مساعدة البيومي للخاطفين بأنها غير مقصودة، وانتهى إلى أنه "لقاء عشوائي".
تبادل التهم
كان محاضر عبدالله، وهو سعودي يعيش في سان دييغو، من بين مَن شملهم التحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
إذ تلقى عملاء مكتب التحقيقات معلومات تفيد بأن من الضروري التحدث إلى محاضر عبدالله بعد الهجمات، وبعد نحو أسبوعين علِموا أنه يدرس في جامعة ولاية سان دييغو. وقيل إنَّ محاضر عبدالله سأل العملاء: "ما الذي أخَّركم كل هذا الوقت؟ اعتقدت أنكم ستحاصرونني في وقتٍ أبكر".
أخبر عبدالله مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنَّ البيومي هو من عرَّفه إلى مختطفي الطائرة، وطلب منه مساعدة الرجلين على الاستقرار في سان دييغو. وتابع عبدالله إعطاء أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات عن حياة الرجلين في سان دييغو بالفترة التي سبقت الهجمات.
إذ أخبر الموظف بأنه حاول ترتيب حصولهما على دروس الطيران في مايو/أيار 2000، وأوصلهما لقضاء حاجاتهما، وألحقهما بدروس اللغة الإنجليزية. وعندما رفض عبدالله الخضوع لاختبار كشف الكذب، ألقت السلطات القبض عليه ونقلته جواً إلى نيويورك؛ للمثول أمام هيئة محلفين كبرى.
لم تصدر أية إدانة بحقه فيما يتعلق بالهجمات. إلا أنه وُجِّهَت إليه تهمة الاحتيال في الهجرة، بسبب الكذب في طلب التأشيرة الأوَّلي الخاص به بشأن بلد مولده. وسُجِن عبدالله عامين في سجن فيدرالي، وواجه خطر الترحيل عندما أطلق سراحه.
في ذلك الوقت، تلقى عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات تفيد بأنَّ عبدالله ربما كانت لديه معرفة مسبقة بهجمات 11 سبتمبر/أيلول، وضمن ذلك من سجينين سابقين قالا إنه اعترف بذلك. لكن وزارة العدل الأمريكية رفضت تأخير ترحيله، وأعيد إلى اليمن في مايو/أيار 2004.
عندما عَلِمَ مكتب التحقيقات الفيدرالي أنَّ عبدالله تقدَّم بطلب للحصول على تأشيرة سفر إلى كندا في عام 2006، حاول عملاء من المكتب التحدث معه مرة أخرى ووضع خطة لإقناعه بالاعتراف.