في مشهدٍ لم يُعهَد للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، منذ 8 سنوات، اعتلى علي خامنئي المنبر لإلقاء خطبة الجمعة، التي تحوَّلت لكلمةٍ سياسية دعم فيها الحرس الثوري، الذي يواجه أزمة دولية في الوقت الحالي، بعد اعترافه بإسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ خاطئ، ووجَّه فيها أيضاً كلمة للغرب، وتحديداً أمريكا.
إذ جاءت خطبة الجمعة، 17 يناير/كانون الثاني 2020، هي الأولى التي يُلقيها خامنئي في طهران منذ عام 2012، في وقت يواجه فيه حكام إيران ضغوطاً داخلية وخارجية، فقد كانت آخر مرة يعتلي فيها المنبر في الذكرى الـ33 للثورة الإسلامية، وفي خضمّ الأزمة الدولية حول ملف إيران النووي.
دعم الحرس الثوري: دعم خامنئي للحرس الثوري، رغم الغضب الإيراني الداخلي المتمثل في التظاهرات، إذ أكد أن "الحرس الثوري يحمي أمن إيران"، وأضاف أن "أعداء إيران استخدموا حادث الطائرة لإضعاف الحرس الثوري"، في إشارة واضحة إلى واشنطن وحلفائها.
فيما أضاف: "يجب النظر إلى فيلق القدس على أنه منظمة إنسانية لها قيم إنسانية"، ودعا كذلك إلى الوحدة الوطنية وإلى الإقبال بقوة على المشاركة في الانتخابات التشريعية المنتظرة في فبراير/شباط 2020.
عدم الثقة بالأوروبيين: قال خامنئي صراحةً إنه لا يمكن الوثوق بالدول الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، وإن سعيها لممارسة ضغوط على إيران لن يُفلح، وتابع أمام آلاف المصلّين إن الدول الأوروبية "لا يمكن الوثوق بها" بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا آلية تسوية النزاعات في الاتفاق النووي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
ماذا عن "صفعة إيران لأمريكا"؟ نعم، هكذا وصف الزعيم الأعلى الإيراني الضربات الصاروخية لطهران على قاعدة عسكرية في العراق، معتبراً أنها "صفعة على الوجه"، وأضاف: "قدرة إيران على توجيه مثل هذه الصفعة لقوة عالمية تُظهر أن الله معنا"، وكذلك اعتبر أن اليوم الذي استهدفت فيه إيران الأهداف الأمريكية "يوم من أيام الله"، لتقابل كلماته هذه بهتاف: "الموت لأمريكا" من المصلين الذين جاؤوا بالآلاف في حافلات لحضور الخطبة.
لكن الاتهامات لأمريكا لم تقف عند هذا الحد، كيف ذلك؟ واصل خامنئي في كلمته كيلَ الاتهامات لأمريكا، إذ اعتبر أنها تحاول تقسيم العراق وإشعال حرب أهلية، وطالب بوجوب رحيل أمريكا عن المنطقة، وأكد أن بلاده لا تعارض التفاوض مع أحد باستثناء واشنطن، التي أكد أنها لم تستطِع "تركيع إيران"، حتى باغتيال سليماني الذي اعتبره "عاراً عليها".
خُطبة وسط توترات تعيشها إيران: سقطت طائرة الركاب الأوكرانية في الثامن من يناير/كانون الثاني خلال ساعات التوتر التي أعقبت شن إيران هجمات صاروخية على أهداف أمريكية في العراق رداً على مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي كان مقرباً من خامنئي، وذلك في ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيَّرة في بغداد في الثالث من الشهر نفسه.
ثم بعد أيام من نفي طهران المسؤولية عن إسقاط الطائرة، أقر الحرس الثوري بأن دفاعاته الجوية أسقطت الطائرة التابعة لشركة الخطوط الدولية الأوكرانية عن طريق الخطأ، وسرعان ما تحول الحداد على 176 شخصاً كانوا على متن الطائرة وقُتلوا في الحادث إلى احتجاجات ضد حكام إيران.
الغضب الإيراني من أمريكا تحوَّل ضد خامنئي: بدا الغضب الإيراني من قادة بلاده واضحاً في الاحتجاجات الأخيرة، إذ هتف المحتجون: "الموت لخامنئي"، وكتبوا شعارات على الجدران في طهران وغيرها.
هذه التظاهرات دعمتها أمريكا، حتى إن دونالد ترامب غرَّد باللغتين الإنجليزية والفارسية دعماً للاحتجاجات في إيران.
لكن الشرطة أخمدت الاحتجاجات: سُرعان ما أُخمِدت الاحتجاجات التي قادها الطلبة بشكل رئيسي، وانتشرت قوات مكافحة الشغب خارج الجامعات، فيما تعرَّض المحتجون للضرب، ورصدت تسجيلات مصورة طلقات نارية وغازاً مسيلاً للدموع ودماء في الشوارع، إلا أن الشرطة نفت إطلاق النار على المحتجين، وقال أفرادها إن لديهم أوامر بضبط النفس. وكانت الشرطة قد بدأت حملة أمنية قوية قبل شهرين استهدفت فيها تظاهرات اندلعت بعد رفع أسعار الوقود حتى نجحت في إخمادها.