خلال سقوط الصواريخ الباليستية الإيرانية على قاعدة عين الأسد العسكرية غربي العراق الأسبوع الماضي، تجمَّع الجنود الأمريكيون داخل مخابئ لساعات؛ تخوفاً من تفاقم النزاع، ووصف قائد أمريكي هناك الهجومَ بأنه "غير مسبوق" من طهران.
تحذير مسبق للجنود الأمريكيين
تحدَّث اللفتانت كولونيل تيم غارلاند -وهو القائد الأمريكي الأعلى في "عين الأسد"- لوكالة الأنباء الفرنسية من داخل القاعدة الجوية، وقال إن رؤساءه أعطوه تحذيراً مسبقاً قبل ساعات، من أن هجوماً سيقع ليلة السابع من يناير/كانون الثاني 2020.
في ذلك اليوم قصفت إيران القاعدة حيث تتمركز قوة أميركية، ردّاً على مقتل القائد السابق لـ "فيلق القدس"، قاسم سليماني، بضربة أمريكية في بغداد قبلها بخمسة أيام، في منعطف خشِي كثيرون من أن يؤدّي إلى نزاع مفتوح على الأرض العراقية.
قال غارلاند عن تلك الليلة: "كان رد فعلي الأول الصدمة، وعدم التصديق بداية"، مشككاً حينها في قدرة إيران أو استعدادها لشن هجوم صاروخي على القاعدة، التي تُعد إحدى كبرى القواعد العسكرية العراقية، وتوجد فيها قوات التحالف الدولي، بينها 1500 جندي أمريكي، هم الجزء الأكبر، إلى جانب آلاف الجنود العراقيين".
أشار القائد العسكري إلى أنَّ وضع تلك القوات في مأمن كان عملاً سريع التفكير والتنسيق بين قادة الجيش والقوات الجوية في "عين الأسد".
جولات عدة من القصف
بحلول الساعة الـ23:00 (20:00 بتوقيت غرينتش)، كانت القوات الأمريكية وقوات التحالف قد خرجت من عنابر نومها ومكاتبها، واختبأت إما في مستودعات محصنة وإما تشتَّتت في أنحاء القاعدة، وانتظر هؤلاء وسط التوتر، أكثر من ساعتين.
لكن حتى قائدهم لم يتوقع قوة الانفجارات التي وقعت بعد ذلك، حيث قال غارلاند إنه "عندما سقطت الموجة الأولى، كان أعلى وأقوى دويٍّ أسمعه في حياتي، كان هناك شيء غير طبيعي في الهواء. الطريقة التي يتحرك بها والطريقة التي ارتفعت بها حرارة المكان. موجة الضغط التي حَنَت الباب وخلعته من مكانه".
بدءاً من الساعة الـ01:35 (22:30 بتوقيت غرينتش) وللساعات الثلاث التالية، تم إطلاق خمس جولات من الصواريخ الباليستية على القاعدة، وعلى فترات متفاوتة.
لم تكن أصوات الانفجارات غريبة على غارلاند الذي خدم مرات عدة في العراق، لكنه قال إن الخوف الذي شعر به ليلة القصف لم يشعر بمثله منذ زمن، وأضاف: "لم نكن نعرف كيف سيكون شكل الضربة، أو هل يكون لها تأثير القصف البساطي".
إيران كانت تهدف لقتل جنود أمريكيين
عندما هدأ القصف نحو الساعة الرابعة فجراً، خرج القادة والجنود من ملاجئهم ليروا الحرائق مشتعلة في أنحاء القاعدة، وأكثر من عشرة مواقع أصابتها الصواريخ، ولكن بأعجوبة لم تقع إصابات.
كان هناك جنديان في أبراج حراسة دفعهما الضغط خارج مواقعهما، لكنهما عانيا ارتجاجاً فقط، وقال غارلاند: "كيف نجوَا؟! كانت معجزة من الله".
أضاف أن موجات القصف الإيراني التي أصابت القاعدة، كانت مؤقتة بطريقة تجعل الجنود يظنون أن القصف قد انتهى، موضحاً أن "الوقت بين موجة وأخرى مجرد وقت كاف ليجعلك تشعر بالأمان. برأيي أنه كان بهدف إلحاق إصابات".
إزالة آثار القصف
مع حلول الإثنين 13 يناير/كانون الثاني 2020، تم تنظيف مواقع القصف، وكانت الجرافات ترفع آخر المعادن الملتوية والحطام في أحد مواقع القاعدة، وكان واضحاً أن أحد منازل الجنود قد دُمِّر بالكامل، ولا تزال تفوح منه رائحة المعدن المنصهر، بحسب الوكالة الفرنسية.
قال الجنود الذين كانوا في القاعدة تلك الليلة، إنهم فقدوا كل أمتعتهم الشخصية، من ملابس وكُتب وصور أُسرهم وتذكارات حملوها معهم طوال أكثر من عقد في الجيش.
لكن بالنظر إلى شدة الضربات الصاروخية، قال غارلاند إن ذلك كان حظاً محضاً، وأضاف: "مسرحٌ لضربات الصواريخ الباليستية؟ هذا غير مسبوق".