بكى المرشد الأعلى في إيران، "آية الله علي خامنئي"، الإثنين 6 يناير/كانون الثاني 2020، وهو يؤم صلاة الجنازة على القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، الذي أودي هجوم بطائرة أمريكية مسيّرة بحياته في العاصمة العراقية بغداد.
وسائل إعلام رسمية في إيران قالت إن المشيعين يُعدّون بالملايين، وبدا أن حجم الحشود في طهران والذي ظهر على التلفزيون، هو الأكبر منذ جنازة "آية الله روح الله الخميني" مؤسس الجمهورية الإسلامية عام 1989، والذي قاد الثورة التي وضعت إيران على مسار تصادم سياسي مع واشنطن.
ظهر خامنئي وصوته يتهدج وهو يؤم الصلاة؛ وهو الأمر الذي أجبره على التوقف، بحسب ما أظهره مقطع فيديو انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
عقب مقتل سليماني، توعد خامنئي بـ "انتقام مؤلم" من الولايات المتحدة، وقدّم يوم الجمعة الماضي، التعازي إلى أقارب سليماني، والشعب الإيراني، وقال إنّ عمل ونهج سليماني لن يتوقّفا برحيله، ولن يبلغا طريقاً مسدوداً، مضيفاً أن الرد سيكون "في انتظار المجرمين".
هتافات غاضبة ضد أمريكا
لُفَّ كفنا سليماني والقيادي العراقي أبو مهدي المهندس، الذي قُتل أيضاً في هجوم الجمعة، بعَلمي بلديهما الوطنيين، وجرى تمريرهما من يد إلى يد فوق رؤوس المشيعين في وسط طهران، وستبلغ مراسم الجنازة ذروتها بدفن جثمان سليماني في مدينة كرمان مسقط رأسه بجنوب إيران.
كذلك حضر حلفاء إيران في المنطقة جنازة سليماني، وقال إسماعيل هنية، زعيم حركة "حماس"، خلال الجنازة: "مشروع المقاومة على أرض فلسطين في مواجهة المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي لن ينكسر ولن يتردد ولن يضعف".
تُعد هذه أول زيارة يقوم بها هنية لإيران منذ توليه قيادة "حماس" في عام 2017.
من جانبهم، ردد الحشود في طهران هتاف "الموت لأمريكا"، وحمل أحد المشيعين لافتة كُتب عليها "من حقنا السعي لانتقام قاسٍ"، وهي الرسالة التي رددها قادة إيران العسكريون والسياسيون.
في سياق متصل، صُوِّرَت لقطات لعشرات المسلمين الشيعة وهم يحضرون فعالية تأبينية لسليماني في العاصمة البريطانية لندن.
أحد الأئمة قال متحدثاً أمام مركز إسلامي شيعي بحي مايدا فيل، إنَّهم "محظوظون لأنَّهم عاشوا في الزمن نفسه الذي عاش فيه ثاني أهم قائد (في إيران)"، بحسب تعبيره.
ورفع كثيرون من أولئك الذين تجمعوا من أجل سماعه صوراً لسليماني، وأبو مهدي المهندس، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Daily Mirror البريطانية.
كان محتجون قد خرجوا أيضاً في كندا للاحتجاج على مقتل سليماني، بحسب ما أظهره مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل.
مكانة سليماني في إيران
اعتبر كثير من الإيرانيين سليماني، الذي شارك في حرب إيران والعراق التي استمرت ثمانية أعوام ونال أوسمة، بطلاً قومياً.
تسبب مقتل سليماني، الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره ثاني أقوى شخصية بالبلاد بعد خامنئي، في إظهار علني نادر لوحدة الإيرانيين، بعد احتجاجات مميتة مناوئة للحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقبل انتخابات تشريعية ستجري في فبراير/شباط المقبل.
كذلك تسبب مقتل سليماني في اقتراب بعض حلفاء إيران بالخارج منها بصورة أكبر، وفي هذا السياق، قال مسؤول إيراني كبير سابق مؤيد للإصلاح، لوكالة رويترز: "استشهاد سليماني نقطة تحوُّل مؤكدة لمصلحة المؤسسة (الحاكمة) في الداخل والخارج. موته، على الأقل في الوقت الحالي، وحَّد إيران".
تهديدات متبادلة
ما زالت الولايات المتحدة وإيران تتبادلان التهديدات عقب مقتل سليماني، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الجيش الأمريكي وضع قائمة تضم 52 هدفاً، وهو نفس عدد رهائن السفارة الأمريكية الذين احتُجزوا 444 يوماً بعد الثورة الإيرانية، وقال إنها ستُضرب إذا تعرض مواطنون أمريكيون أو أصول أمريكية لهجمات.
جاءت تصريحات ترامب بعد تهديدات من طهران لواشنطن بالانتقام، وقالت إيران إنها وضعت 35 هدفاً أمريكياً بالمنطقة في مرمى أهدافها.
ضمن أحدث التهديدات الإيرانية، قال الأميرال حجي زاده، قائد سلاح الجو بالحرس الثوري، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية: "حتى قتل ترامب لن يشفي غليلنا، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يكون مقابلاً لدم الشهيد سليماني هو طرد أمريكا تماماً من المنطقة".
وأمس الأحد، أيد البرلمان العراقي توصية من رئيس الوزراء بإصدار أوامر لجميع القوات الأجنبية بالخروج من العراق، في جلسة استثنائية جاءت على خلفية قتل سليماني.