ألغت الهند قانوناً عمره 37 عاماً في إقليم كشمير قبل أشهر، لكن تبعات هذا الإلغاء ما زالت مستمرة وتتفاقم يوماً بعد يوم، إذ أثر ذلك سلباً على إمكانية السماح بعودة سكانه المهاجرين الذين فروا إلى باكستان بين عامي 1947 و1954، خاصةً المسلمين منهم.
فمنذ إلغاء الوضع الخاص الممنوح للشطر الهندي من الإقليم والمتنازع عليه بين نيودلهي وإسلام أباد، بموجب المادة 370 من الدستور الهندي، في 5 أغسطس/آب 2019، أعلنت الحكومة إلغاء 152 قانوناً آخر، من ضمنها قانون "منح تصريح لإعادة توطين مهاجري الولاية"، ما يعني إغلاق الهند لأبواب أخرى في وجه المسلمين المهجرين من كشمير وزيادة تضييق الخناق عليهم.
دوافع دينية لإلغاء القانون
هذا القانون الذي تبناه المجلس التشريعي للولاية عام 1982، رغم أنه لم يطبق أبداً، كان يعطي بصيصاً من الأمل للمهاجرين الكشميريين للعودة وإعادة التوطين في منازلهم.
فيما كانت العديد من الأسر المقسمة التي تعيش في الشطر الخاضع للإدارة الباكستانية من الإقليم، وفي باكستان تنتظر تفعيل هذا القانون من أجل العودة إلى ديارها طيلة 37 عاماً.
لكن بعد إلغاء القانون، تبددت الأحلام والآمال، كما يقول خالد وسيم، وهو صحفي مقيم في سريناغار بولاية "جامو وكشمير"، إذ قال في حديث مع الأناضول، إن عمه خالد إقبال، المقيم في باكستان، كان ينتظر تفعيل هذا القانون للعودة إلى سريناغار، حتى توفي مؤخراً كمهاجر.
مشيراً إلى التناقض في التعامل مع مواطني كشمير على أساس ديني، إذ قال: "إغلاق الأبواب أمام الآلاف من العائلات المسلمة، وفي الوقت نفسه منح الجنسية في كشمير للهندوس الذين فروا في ظل ظروف مماثلة، يشير بوضوح إلى أن إلغاء هذا القانون له دوافع أيديولوجية ودينية".
كما أضاف: "إلغاء القانون يتوافق أيضاً مع سياسة حكومة نيودلهي الشريرة المتمثلة في تقويض طابع الإقليم ذي الأغلبية المسلمة. والتاريخ يشهد على حقيقة أن الإقليم كان بها عدد كبير من السكان المسلمين الذين طردوا من قبل عصابات إجرامية".
معركة قانونية مستمرة منذ نحو 4 عقود
شهدت منطقة "جامو وكشمير" في الولاية المذكورة أحد أكثر الاضطرابات الطائفية دموية بعد فترة وجيزة من منح الهند وباكستان الاستقلال في عام 1947. فيما أشار المؤرخ البريطاني، أليكس فون تونزيلمان، في سجلاته إلى نزوح السكان المسلمين بأسرهم تقريباً في الإقليم الذين يبلغ عددهم نحو نصف مليون نسمة.
إلا أنه بعد فترة وجيزة من تبني المجلس التشريعي للولاية القانون في عام 1982، أحاله رئيس الهند، آنذاك، غياني زيل سينغ إلى المحكمة العليا لإبداء الرأي، إلا أنها منعت تفعيله. وفي عام 2001، امتنعت أعلى محكمة في البلاد عن إبداء رأيها في الأمر نفسه.
ثم في اللحظة التي كان القانون على وشك التطبيق فيها، رفع السياسي المقيم بالإقليم، هارش ديف سينغ دعوى استئناف يطلب فيها إلغاء القانون، لتوقف المحكمة العليا تنفيذه في فبراير/شباط 2002، حتى صدور الحكم النهائي.
بموجب القانون، كان بإمكان ضحايا العنف الديني استعادة ممتلكاتهم، ولكنها في الوقت الراهن تحت سيطرة الحكومة، بموجب قانون ممتلكات النازحين.
وقد قال ديف سينغ في دعوى الاستئناف إن "بعض هذه الممتلكات خصصت للاجئين الهندوس الذين استقروا في الإقليم. واستعادة هذه الممتلكات سيخلق مشكلات تتعلق بالقانون والنظام".
تجاهل طلبات العودة
قبل أشهر من تجريد كشمير من استقلالها الذاتي، وتحديداً في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، طلبت المحكمة العليا من حكومة "جامو وكشمير" تقديم تفاصيل حول عدد المهاجرين أو المنحدرين منهم، الذين تقدموا بطلب للحصول على تصريح للعودة إلى كشمير.
ثم بعد شهر، ردت الولاية بأنه حتى الآن لم يتقدم أحد بطلب للعودة، حيث لم يتم الإخطار بالقانون مطلقاً، وهي خطوة ضرورية قبل السعي إلى الحصول على طلبات.
من جانبه، قال عبدالرحيم راذر، وهو نائب سابق عاصر القانون في البرلمان عام 1980، إن المعركة القانونية أصبحت الآن بلا طائل، لأن القانون لم يعد موجوداً في سجل القوانين.
ووفقاً لاتفاق دلهي لعام 1952 الذي اعتمده رئيس الوزراء الهندي آنذاك، جواهرلال نهرو، وزعيم "جامو وكشمير" الشيخ محمد عبدالله، يحق للمواطنين الكشميريين، الذين أُجبروا على الهجرة إلى باكستان في أعقاب الاضطرابات، طلب حقوق وامتيازات للعودة إلى منازلهم.
لكن المحكمة الهندية قررت في 5 أغسطس/آب 2019، إلغاء الوضع الخاص في منطقة "جامو وكشمير" وتقسيمها إلى إقليمين، وفرضت قيوداً على التجوال والاتصالات فيهما وحجبت خدمة الإنترنت.
يذكر أن اسم "جامو وكشمير" أطلق على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، من إقليم كشمير، ويضم جماعات مقاومة تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره "احتلالاً هندياً" لمناطقها.
حيث يطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان التي تسمي الإقليم "آزاد كشمير"، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسام إسلام آباد ونيودلهي الإقليم ذي الأغلبية المسلمة، ونشبت 3 حروب بينهما، في 1948 و1965 و1971، أسفرت عن مقتل قرابة 70 ألف شخص من الطرفين.