أعلن وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الخميس 2 يناير/كانون الثاني 2019، أن بلاده ستطلق في قادم الأيام مبادرات متعددة في اتجاه الحل السلمي للأزمة في ليبيا. جاء ذلك في تصريح للإعلام المحلي، على هامش إرسال مساعدات إنسانية إلى ليبيا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.
قال بوقادوم: "ستقوم الجزائر في الأيام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط"، دون توضيح طبيعتها. ولفت إلى رفض بلاده التدخلات الأجنبية في ليبيا.
كما حث بوقادوم الأطراف الليبية على وقف الاقتتال فيما بينها، واستئناف الحل السلمي والسياسي. وقال: "لغة المدفعية ليست هي الحل، وإنما الحل يكمن في التشاور بين كافة الليبيين، وبمساعدة جميع الجيران، وبالأخص الجزائر".
الجزائر سترسل، الجمعة 3 يناير/كانون الثاني، قافلة مساعدات إنسانية ثانية، إلى ليبيا، انطلاقاً من مدينة جانت، القريبة من الحدود الليبية أقصى جنوب شرقي البلاد.
الخميس الماضي، قررت الجزائر إعادة تفعيل وتنشيط دورها على الصعيد الدولي، خاصة ما تعلق بالملف الليبي وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وإفريقيا، وفق ما خلص إليه اجتماع المجلس الأعلى للأمن، الذي ترأسه الرئيس عبدالمجيد تبون. وفي خطاب تنصيبه رئيساً للجمهورية، شدد تبون على أهمية "ليبيا بالنسبة للجزائر"، وقال إن بلاده "ترفض إقصاءها من الحلول المقترحة لحل الأزمة الليبية".
عودة "قوية" للجزائر في الملف الليبي
تعترف الجزائر بحكومة الوفاق في طرابلس باعتبارها الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، كما أن علاقتها يشوبها الجفاء مع الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي سبق أن هاجم جيشها كلامياً، ولكن في الوقت ذاته لم يسجَّل للجزائر حتى الآن تقديمها دعماً معنوياً وعسكرياً.
لكنَّ المواقف الصادرة عن الحكومة الجزائرية بعد تغيير قيادتها، تعبر عن اهتمامها بالأزمة الليبية وتؤشر على احتمال تفعيل دورها.
فقد أكد السعيد شنقريحة، قائد أركان الجيش الجزائري نائب وزير الدفاع، في أول اجتماع له بعد تنصيبه من قبل رئيس الجمهورية الجديد، عبدالمجيد تبون، في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، أن الأوضاع في دول الجوار، وعلى رأسها الجارة ليبيا، ملتهبة، وعلى الجيش أن يكون حريصاً على تأمين حدوده كاملة، والشرقية منها على وجه التحديد.
تطرق السعيد شنقريحة في الاجتماع إلى الأوضاع التي سادت البلاد بعد حراك 22 فبراير/شباط 2019، قائلاً: "لقد اجتزنا جنباً إلى جنب مع شعبنا، في الفترة الأخيرة من تاريخنا المعاصر، مرحلة حساسة تعرضت بلادنا خلالها لمؤامرة خطيرة، بهدف ضرب استقرار الجزائر، وتقويض أركان الدولة، وتحييد مؤسساتها الدستورية، والدفع بها إلى مستنقع الفوضى والعنف".
تحرُّك لافت للمجلس الوطني للأمن
كان الرئيس الجزائري الجديد عبدالمجيد تبون قد ترأس في 27 ديسمبر/كانون الأول 2019، المجلس الوطني للأمن، الذي يضم أعلى المؤسسات الأمنية والعسكرية في الدولة، حيث تم التركيز أساساً على الوضع في ليبيا وكيفية تأمين الحدود الشرقية.
أوضح بيان للرئاسة الجزائرية أن المجلس الذي لا يجتمع إلا نادراً "قد درس الأوضاع في المنطقة، وبوجه الخصوص على الحدود الجزائرية مع ليبيا ومالي".
قال المجلس: "تقرَّرت في هذا الإطار جملة من التدابير، يتعين اتخاذها لحماية حدودنا وإقليمنا الوطنيين، وأيضاً إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي، خاصة فيما يتعلق بهذين الملفين، وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وإفريقيا".
اجتماع الهيئات الأمنية والعسكرية بالبلاد وفي هذا الوقت بالذات، يعد مؤشراً قوياً على أن "الجزائر تريد أن تلعب دوراً مهماً في ليبيا كما بمنطقة الساحل"، حسب الخبير الأمني والعسكري إسماعيل لامع.