حضر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اجتماعاً سرياً مع مجموعةٍ من المحافظين تضمَّنت عدداً من الأثرياء المتبرّعين للحزب الجمهوري، لكن هذه الزيارة التي لم يعلن عنها رسمياً لم تدرَج في جدول زيارته الرسمي لمدينة لندن لحضور قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) هذا الأسبوع.
عُقِد الاجتماع، الذي نظَّمته جمعية هاميلتون، في الفندق الذي مكث فيه بومبيو فترة زيارته، في ظروفٍ مواتية لوزير الخارجية، بمساحةٍ صغيرة مخصَّصة للمناسبات في الطابق الثاني بمبنى الفندق.
وقد انسلّ بومبيو لحضور الاجتماع، دون أن تُخطِر وزارة الخارجية الصحافة الملازِمة للرئيس في زيارته بمكانه أو المجموعة التي يتَّجه للاجتماع بها.
لكن شبكة CNN الأمريكية راجعت نسخةً من دعوة حضور الاجتماع الموجَّهة لوزير الخارجية الأمريكي وتحدَّثت مع عدة أشخاص ممَّن حضروا اللقاء، وتوصلت إلى أن المجموعة المنظِّمة، أي جمعية هاميلتون، هي مجموعة من محترفي الأعمال الأمريكيين والبريطانيين ذوي الميول السياسية اليمينية ممَّن يدعون ضيوفاً مُتحدّثين لحضور اجتماعاتهم.
تقود الأنباء المنقولة بتخصيص بومبيو وقتاً للاجتماع بمتبرعين سياسيين بعد يومٍ مزدحم من زيارة زعماء العالم لزيادة التخمينات بأنَّ بومبيو قد يتطلَّع للترشُّح لمقعد مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كنساس العام المقبل فيما يزداد تورُّطه بتحقيق الاتهام الجنائي في قضية أوكرانيا.
الحضور أُجبروا على ترك الهواتف خارج الغرفة
وفقاً لاثنين ممَّن حضروا الاجتماع، قد اُلزِم الحاضرون، وكان عددهم بضع عشرات، بأن يتركوا هواتفهم النقَّالة خارج الغرفة طوال الأمسية، لضمان ألَّا يُسجَّل شيءٌ ممَّا قاله بومبيو في الاجتماع. ومع ذلك فقد أكَّدا أنَّه لم يكن لدى بومبيو أي سببٍ يدفعه للاعتقاد أنَّه سيخوض أي نقاشاتٍ خلافية في الاجتماع.
إذ قال أحد الحاضرين: "كلُّ مَن حضر كان ذا توجُّه وسطي يميني". وقال إنَّ بومبيو كان "كثير الحديث، ومسترخياً، وحضوره كان ممتعاً". كذلك أبدى بومبيو جانباً حذقاً من شخصيته، وكانت تِلك مفاجأةً سارة للحاضرين محدودي العدد.
بينما قال أحد الحاضرين إنَّ أحداً لم يتطرَّق لموضوع طموحات بومبيو السياسية المحتمَلة في أمسية الإثنين،2 ديسمبر/كانون الأول 2019، لكنَّها كانت محور حديث الجميع بعد مغادرته الاجتماع.
ووفقاً لاثنين من المدعوّين، وصل بومبيو لمقرّ الاجتماع في وقت تقديم طبق التحلية في حفل العشاء وقضى أكثر من ساعة في مقر الاجتماع. وكان بومبيو قد قضى القسط الأوَّل من أمسيته في حفلات استقبالٍ حضرها برفقة زعماء العالم في قصر باكنغهام الملكي وقصر لانكاستر هاوس التابع للخارجية البريطانية.
فيما لم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب للتعليق على زيارة بومبيو لحفل جمعية هاميلتون.
ترامب أيضاً حضر حفل جمع تبرعات، لكن هذا لم يكن سرياً
كذلك تفرَّغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور حدثٍ سياسيّ أثناء زيارته العاصمة البريطانية، لكنَّ تِلك المحطة كانت مُدرجَة بالجدول الرسمي الصادر عن البيت الأبيض.
وقد وصف البيت الأبيض حفل جمع التبرُّعات الذي حضره الرئيس، والذي كان ممنوعاً حضوره على الصحافة، بأنَّه "اجتماع مناقشاتٍ مع مؤيدي الرئيس" وأخبر مصدرٌ جمهوري على صلةٍ وثيقة بمخططات الحفل أنَّه قد نظَّمته جمعية Trump Victory، وهي لجنة جمع تبرعاتٍ مشتركة تديرها اللجنة الوطنية الجمهورية (RNC) وحملة ترامب الرئاسية.
وقال مسؤولٌ بحملة ترامب الانتخابية إنَّه من المتوقّع أن يجمع الحفل 3 ملايين دولار لصالح الرئيس.
وبحلول صباح يوم الأربعاء، 4 ديسمبر/كانون الأول 2019، كان بومبيو قد عاد لممارسة واجباته الدبلوماسية، متّجهاً لزيارة البرتغال والمغرب.
في الوقت نفسه، بومبيو وجد نفسه متهماً في قضية "عزل ترامب"
فيما كان بومبيو خارج البلاد، أصدرت لجنة الاستخبارات بمجلس النوَّاب الأمريكي تقريرها في الاتَّهامات الموجَّهة للرئيس الأمريكي، وأُشير فيه لتورُّط الأول في جهودٍ رئاسية لانتزاع معلوماتٍ من أوكرانيا من شأنها أن تفيد حملة ترامب الانتخابية.
وقد أنكر بومبيو، الذي وصف التحقيق بتلك الاتهامات بأنَّه لغوٌ من جانب ساسة العاصمة لا أكثر، – جميع الاتهامات الموجَّهة له أمس الخميس، 5 ديسمبر/كانون الأول 2019. وقال دون توضيحٍ لبيانه ذاك: "سأجيب بما يلي وحسب، أنتم جميعاً مخطئون".
عن العلاقة السرية التي تجمع بومبيو بالمتبرعين للحزب الجمهوري
أبقى بومبيو على صلته بالحزب الجمهوري -ومتبرعيه السياسيين- طوال فترة توليه منصب وزير خارجية البلاد. وكذلك شقّ الوزير لنفسه سبلاً داخلية جديدة، بلقائه متبرّعين معروفين للحزب الجمهوري في مدينة نيويورك لم تجمعه بهم أية صلة قبل توليه المنصب الدبلوماسيّ الأبرز في إدارة ترامب، وتخصيصه الوقت للحفاظ على علاقته الوثيقة بشبكة الأخوين كوخ التي أسَّسها في ولاية كنساس.
والشهر الماضي، نوفمبر/تشرين الثاني، لمَّح ترامب للمرة الأولى بأنَّه قد يمنح بومبيو فرصة العودة إلى كنساس إذا ما كان ذلك في مصلحة الحزب الجمهوري. وقد ردَّد ترامب هذه المزاعم مجدداً في لندن.
إذ قال ترامب: "إنَّه رجلٌ رائع يقوم بعملٍ عظيم. لن تجد أبداً رجلاً يقوم بمهام وزير الخارجية أفضل منه، لكن إذا ما بدا لنا أنَّ هذا المنصب مهدَّد، سوف أخوض حديثاً مع مايك في هذا الأمر".
كان بومبيو قد تمسَّك بوعده بأن يظلّ في منصبه طالما أراد ترامب. وهذا الأسبوع، قال بومبيو، وهو جالسٌ إلى جانب رئيس أغلبية مجلس الشيوخ ميتش مكونل الذي قال مسبقاً إنَّه يريد أن ينضمّ بومبيو لسباق انتخابات مجلس الشيوخ، إنَّ التقارير الواردة بأنَّه يستعد للترشُّح للمجلس "زائفة كلياً".