حذَّر ناشطون سوريون من أنَّ التوثيقات الرقمية لأحداث الثورة السورية، التي نُشِرَت وقت وقوعها في عام 2011، معرضةٌ لخطر الحذف من جانب شركات تطبيقات التواصل الاجتماعي.
هذا الخوف يأتي بعدما ذكرت إدارة تويتر، الأسبوع الماضي، أنَّها ستبدأ في حذف الحسابات التي تظل غير نشطة أكثر من ستة أشهر، وهو قرار من المرجَّح أن يشمل مئاتٍ من حسابات القتلى، أو المحتجزين، أو المختفين في سوريا، بحسب ما ذكره مؤسسو أرشيفٍ رقمي للحرب في سوريا.
ضربة لذاكرة الثورة السورية
موقع Middle East Eye البريطاني نقل أمس الأربعاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2019، عن هادي الخطيب، أحد مؤسسي "الأرشيف السوري"، قوله إن "هناك عدداً لا يحصى من مستخدمي تويتر الذين نشروا محتوى متعلقاً بسوريا وتعرَّضوا للإخفاء القسري أو قُتِلوا، ولم يعد بإمكانهم الوصول إلى حساباتهم".
رأى الخطيب أيضاً أن حذف حسابات هؤلاء يوجه ضربةً كبيرة إلى الذاكرة السورية، "فضلاً عن حرماننا من أدلة بالغة الأهمية يُمكن استخدامها في عمليات المساءلة والسعي إلى تحقيق العدالة"، بحسب قوله.
قرار تويتر الأخير كان قد دفع ناشطين إلى إطلاق مبادرة بقيادةٍ سورية تهدف إلى جمع التوثيقات التاريخية المعرضة للحذف من حسابات الأشخاص المسجونين والموتى والمختفين.
إذ قال الخطيب: "لقد مات عددٌ لا يحصى من السوريين وهُم يمسكون بكاميرا في أيديهم، أو احتُجِزوا بسبب توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. لذا نعتقد أنَّ واجبنا هو الحفاظ على هذه الأدلة التي جُمِعَت".
ضياع لحقوق الضحايا
ردود الفعل الواسعة على قرار حذف الحسابات غير النشطة دفعت إدارة تويتر إلى تعليق قرارها، قائلةً إنَّها ستدرس كيفية تخليد ذكرى حسابات الأشخاص الذين ماتوا.
غير أنَّ الخطيب ذكر أنَّ ذلك قد لا يغطي جميع الحالات المتعلقة بالمستخدمين غير النشطين، لاسيما أولئك الذين تعرَّضوا للسجن أو الإخفاء القسري، أو لم يعودوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت لأسباب أخرى.
من جانبها قالت الصحفية السورية زينة إرحيم، للموقع البريطاني، إن "التفكير في حذف حسابات رزان زيتونة ورائد الفارس أشبه بقتلهما مرةً أخرى".
يُذكَر أنَّ زيتونة اختفت في عام 2013، ويخشى الكثيرون أن تكون قد قُتِلت، فيما قُتِل الصحفي رائد الفارس في العام الماضي 2018.
أضافت زينة: "ما الرسالة التي سيبعث بها حذف (الحسابات) إلى جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وعائلاتهم؟ أنا متيقنةٌ من أنَّ منتهكي حقوق الإنسان والديكتاتوريين والأنظمة يحتفلون بهذا الإجراء".
اعتبرت الصحيفة السورية أيضاً أن نسيان هؤلاء الضحايا كما لو لم يكونوا موجودين على الإطلاق "هو بالضبط ما يريده المجرمون والقمعيون، وتويتر يساعدهم على ذلك".
أدلةٌ للمستقبل
جديرٌ بالذكر أنَّ قرار إدارة تويتر ليس المرة الأولى التي تواجه فيها إحدى شركات تطبيقات التواصل الاجتماعي معارضةً لسياسةٍ يمكن أن تمحو توثيقاتٍ قيمة للحرب السورية.
ففي عام 2017، واجه موقع يوتيوب انتقاداتٍ بسبب عمليات الحذف الجماعية لمقاطع رفعها ناشطون بسبب تنفيذه خوارزمية صُمِّمَت لحذف المحتويات التي ينشرها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو المتعلقة به.
يقول إليوت هيغينز، مؤسِّس موقع Bellingcat للصحافة الاستقصائية الذي يستخدم محتوى مفتوح المصدر لتقصِّي الحقائق: "ضياع هذه الحسابات يعني محو التجارب الشخصية لأفرادٍ شاركوا في تلك الأحداث".
أضاف أنه "من الصعب تحديد قيمة بعض هذه الحسابات في الوقت الحالي، لكن قيمتها يمكن أن تكون أكبر بكثير في وقتٍ لاحق، حين تُفهَم أهمية التفاصيل التي تنشرها".
فيما قال الخطيب إنَّ الصور والمعلومات المنشورة على حساباتٍ أصبحت غير نشطة تُمثِّل "معلومات بالغة الأهمية لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والسعي إلى تحقيق العدالة والمساءلة".