صوّت مجلس النواب العراقي، اليوم الأحد الأول من ديسمبر/كانون الأول 2019، خلال جلسة طارئة، بقبول استقالة رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، على وقع الاحتجاجات الضخمة التي يشهدها العراق.
وكالة الأناضول قالت إن أغلبية أعضاء البرلمان الحاضرين صوّتوا لصالح قبول الاستقالة التي تقدم بها عبدالمهدي أمس السبت إلى البرلمان، مشيرةً إلى أن 241 نائباً من أصل 329 حضروا الجلسة الطارئة.
يُمثل رحيل عبدالمهدي عن السلطة انتصاراً جزئياً للمتظاهرين الذين وضعوا رحيله على رأس قائمة مطالبهم، حيث يحملونه مسؤولية ما آلت إليه البلاد مؤخراً من تدهور في الأوضاع الاقتصادية.
العراقيون يحتفلون
وكان لخبر استقالة عبدالمهدي وقع كبير على المتظاهرين في الشوارع، حيث احتفلوا برحيله عن السلطة، لكنهم قالوا إنهم لن يوقفوا المظاهرات حتى رحيل كل الطبقة الحاكمة.
وجاءت استقالة عبدالمهدي بعدما حث آية الله العظمى علي السيستاني، وهو المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق، نواب البرلمان على إعادة النظر في مساندتهم لحكومة هزتها أسابيع من الاحتجاجات.
ويمكن أن تكون استقالة عبدالمهدي ضربة للنفوذ الإيراني بعد تدخل فصائل حليفة لإيران وقادتها العسكريين الشهر الماضي للإبقاء على رئيس الوزراء في منصبه رغم الاحتجاجات العارمة ضد الحكومة، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
هذه الاحتجاجات اعتُبرت بمثابة أكبر أزمة يواجهها العراق منذ سنوات، بينما يحاول جاهداً التعافي من عقود من الصراعات والعقوبات.
أحد الأسباب الرئيسية التي أشعلت غضب المحتجين العراقيين، أن النخبة السياسية الحالية تتألف بشكل أساسي من سياسيين شيعة ورجال دين وقادة فصائل مسلحة كثير منهم، بمن في ذلك عبدالمهدي، كانوا يعيشون في المنفى قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين عام 2003.
ماذا بعد الاستقالة؟
لم ينظم الدستور العراقي موضوع استقالة رئيس مجلس الوزراء، لذلك يجب الرجوع إلى القوانين واللوائح التنظيمية الأخرى.
اقتصر الدستور في المادة 85 على ذكر أنه "يضع مجلس الوزراء نظاماً داخلياً، لتنظيم سير العمل فيه".
وبالرجوع إلى النظام الداخلي لمجلس الوزراء، رقم 2 لسنة 2019، فإن المادة 18 تنص على أنه "يقدم الرئيس (الحكومة) طلب إعفائه من منصبه إلى رئيس الجمهورية".
يعتبر رئيس مجلس الوزراء مستقيلاً، وكذلك تشكيلته الوزارية، بمجرد أن يقدم طلباً مكتوباً إلى رئيس الجمهورية، ولا يحتاج إلى موافقة الأخير.
في حالة التصويت على استقالة رئيس الوزراء، يستمر الأخير والوزراء في مناصبهم لتصريف الأمور اليومية، لمدة لا تزيد على 30 يوماً، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد، وفقاً لأحكام المادة (76) من هذا الدستور.
الكثير من الضحايا
قبل الوصول إلى قرار عبدالمهدي بالاستقالة سقط ما لا يقل عن 418 قتيلاً وأكثر من 15 ألف جريح، منذ اندلاع الاحتجاجات في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019، بحسب إحصاء أعدته وكالة الأناضول، استناداً إلى أرقام كل من لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية)، ومصادر طبية وحقوقية.
يُشكل المحتجون الغالبية العظمى من الضحايا، وقد سقطوا في مواجهات ضد قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.
طالب المحتجون في البداية بتأمين فرص عمل وتحسين الخدمات ومحاربة الفساد، قبل أن تتوسع الاحتجاجات بصورة غير مسبوقة، وتشمل المطالب رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.