أثار إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت، الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، توجيه لائحة اتهام لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تضم تهماً، بينها "الرشوة وخيانة الأمانة" ردود فعل متباينة داخل الطبقة السياسية، أغلبها تميز بالتشفي، ودعوات لرحيله وصلت عقر داره حزب "الليكود".
ففي حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، قالت القناة 12 الإسرائيلية إن هناك أصواتاً عبرت عن رفضها لهجوم نتنياهو الشرس على ماندلبليت والنظام القضائي والنائب العام ومحققي الشرطة، رداً على لائحة الاتهام ضده.
ونقلت القناة عن مسؤول في الحزب لم تسمه قوله: "يجب أن ندرك أن عهد نتنياهو قد انقضى، ويجب أن نقود الحزب إلى التغيير".
نتنياهو بدون حصانة
من ناحيته، ألمح زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إلى رفضه منح نتنياهو الحصانة من المحاكمة، بعد توجيه لائحة الاتهام رسمياً له.
وكتب ليبرمان على حسابه الرسمي على تويتر أن توجيه لائحة اتهام لرئيس وزراء إسرائيل يوم صعب للدولة، مضيفاً: "يجب إعطاء العدالة الفرصة للقيام بعملها، وإعطاء رئيس الوزراء الفرصة لإثبات براءته أمام المحكمة".
وتعني "أمام المحكمة" أن حزب "إسرائيل بيتنا" (8 مقاعد في الكنيست) لن يدعم طلب نتنياهو الحصول على الحصانة من الكنيست.
وسيكون أمام نتنياهو 30 يوماً من تاريخ صدور القرار لتقديم طلب "حصانة" من المحاكمة ليتم بحث طلبه في الكنيست.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن طلب "الحصانة" يفترض تقديمه إلى لجنة برلمانية خاصة في الكنيست لبحثه.
وحال موافقة اللجنة على طلبه، سيكون نتنياهو بحاجة إلى تصويت غالبية من أعضاء الكنيست الـ120 لمنحه الحصانة، فيما لا تملك كتلة أحزاب اليمين التي يقودها سوى 55 مقعداً فقط.
وقد تطول إجراءات البدء بمحاكمة نتنياهو لعدم تشكيل اللجان البرلمانية الخاصة، بما فيها اللجنة التي تنظر في طلبات الحصول على الحصانة لأعضاء الكنيست.
هذه الإشكالية قد تدفع المستشار القضائي والنائب العام إلى الانتظار حتى تشكيل حكومة جديدة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وهو ما بات مستبعداً، بعد عجز نتنياهو وغانتس في هذه المهمة، أو الانتظار حتى يتم إجراء انتخابات جديدة، قد يكون موعدها في مارس/آذار من العام المقبل.
ولا يتمتع نتنياهو حالياً بحصانة من المحاكمة بشكل تلقائي بصفته رئيساً للوزراء، كما لا تشمل الحصانة الوزراء وأعضاء الكنيست إثر تعديل قانون الحصانة عام 2005.
وينص القانون الحالي المعدل على أنه يتوجب على من توجه له لائحة اتهام من أعضاء الكنيست طلب الحصول على الحصانة من أعضائه، عبر التصويت عليه.
في ظل محاولات فاشلة لتشكيل الحكومة
وفشلت محاولات من قِبل أعضاء كنيست في الليكود السنة الماضية لسن قانون حصانة يمنع محاكمة رئيس الوزراء في إسرائيل خلال فترة ولايته، كما فشلت محاولات مشابهة لتعديل قانون حصانة أعضاء الكنيست الحالي.
وكان القانون ينص قبل تعديله عام 2005 على حصانة أعضاء الكنيست بشكل آلي، ويتم رفع الحصانة في حال طلبت النيابة ذلك، بعد تصويت أغلبية أعضاء الكنيست.
وفي سياق ردود الفعل على توجيه لائحة الاتهام، قال حزب "أزرق-أبيض" المنافس الرئيسي لليكود، في بيان على تويتر، إن "نتنياهو الغارق حتى النخاع في التحقيقات الجنائية، لا يملك الآن تفويضاً أخلاقياً أو شعبياً لاتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بدولة إسرائيل".
وبرر ذلك بأن "هناك مخاوف حقيقية من أن يتخذ (نتنياهو) قرارات بناء على مصالحه الخاصة من أجل نجاته سياسياً، وليس بناء على مصلحة إسرائيل الوطنية".
لا فرصة لنتنياهو
وقال زعيم الحزب ذاته "بيني غانتس" الذي أعلن فشله أمس في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، في تغريدة: "هذا يوم صعب لدولة إسرائيل".
أما شريكه في زعامة "أزرق أبيض" يائير لبيد، فقال: "إن إعلان توجيه المستشار القضائي لائحة اتهام له معنى واحد: بنيامين نتنياهو لا يمكن أن يبقى في منصبه رئيساً للوزراء".
من جانبه، قال رئيس القائمة المشتركة (تحالف يضم 4 أحزاب عربية) أيمن عودة في تغريدة: "إنه في اليوم الذي يدفع فيه نتنياهو ثمن جرائمه الجنائية، سنبدأ بالعمل على إصلاح الضرر الذي تسببت به جرائمه المجتمعية".
واعتبر عودة أن "العنصرية والكراهية اللتين نشرهما نتنياهو لن تختفيا مع غيابه، وهذا متعلق بنا -عرباً ويهوداً- لبناء مجتمع يتطلع للسلام والديمقراطية القائمة على المساواة والتي تخدم كل مواطني الدولة".
أما زعيم حزب العمل، عمير بيرتس، فقال إنه سيتقدم للمحكمة العليا بالتماس يطالبها فيه بإصدار قرار يلزم نتنياهو بإعلان عجزه عن ممارسة مهامه.
وفي وقت سابق الخميس، انتقد نتنياهو، بشدة، قرار المستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبليت، تقديم لائحة اتهام رسمية ضده، ووصفه بـ"محاولة انقلاب" ضده، عبر اتهامات زائفة، معتبراً أن التحقيقات معه كانت "غير نزيهة وملوثة".
وكان ماندلبليت أعلن، في مؤتمر صحفي، الخميس، تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو بتهم الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في ثلاث قضايا، استغرق التحقيق فيها معه نحو ثلاثة أعوام.
التهم الموجهة لنتنياهو
ويواجه نتنياهو اتهامات كانت وحدة التحقيقات في الشرطة قد حققت معه بشأنها في العامين الماضيين، وخلصت فيها إلى أن ثمّة ما يكفي من القرائن لإدانة نتنياهو فيها وهي:
الملف 1000: يتضمن اتهامات بتلقي هدايا ومزايا من رجال أعمال، مقابل تسهيلات.
الملف 2000: يتضمن اتهامات بمحاولة التوصل إلى اتفاق مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس، للحصول على تغطية إيجابية في الصحيفة، مقابل إضعاف صحيفة "إسرائيل اليوم" المنافسة.
الملف 4000: يتضمن اتهامات بإعطاء مزايا وتسهيلات مالية للمساهم المسيطر في شركة الاتصالات "بيزك" شاؤول ألوفيتش، مقابل الحصول على تغطية إيجابية في الموقع الإعلامي المملوك لآلوفيتش "والا".
وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن هذا القرار يمثل المرة الأولى التي يقود فيها إسرائيل رئيس وزراء يواجه لائحة اتهام جنائية، ويلقي بظلال ثقيلة على نتنياهو ومحاولاته الجارية للبقاء في السلطة.
وكانت القناة التلفزيونية الإسرائيلية "13"، قد ذكرت في وقت سابق أن نتنياهو يبحث إمكانية السعي للحصول على عفو في القضايا التي من المحتمل أن يدان فيها، وذلك مقابل مغادرة الساحة السياسية.
وذكرت القناة أن نتنياهو "يدرس منذ شهور بشكل سري، إمكانية طلب عفو من رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، مقابل تركه الحياة السياسية".
وفي فبراير/شباط الماضي، أوصت الشرطة الإسرائيلية باتهام نتنياهو في قضيتي فساد مختلفتين تتعلقان بالرِّشى، إذ اشتبهت الشرطة بأن نتنياهو وعدداً من أفراد عائلته حصلوا على أنواع من "السيجار" الفاخر، وزجاجات "شمبانيا" ومجوهرات بقيمة مليون شيكل (285 ألف دولار) من شخصيات ثرية، مقابل امتيازات مالية أو شخصية.