طوّق محتجون لبنانيون، الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مقر البرلمان وقطعوا الطرق المؤدية إليه، وسط العاصمة بيروت؛ بهدف عرقلة انعقاد جلسة له، وهو ما حدث بالفعل بقرار البرلمان تأجيل الجلسة لموعد يحدده لاحقاً.
وقد تعامل بعض البرلمانيين مع محاولة المتظاهرين منعهم من الدخول بطرق عنيفة، إذ أطلق موكب أحدهم النار في الهواء لتفريق محتجين أحاطوا بموكبه، بينما حاول آخرون الوصول للبرلمان ركوباً على الدراجات النارية.
وكان مقرراً على جدول أعمال الجلسة، التي كان موعدها أصلاً الأسبوع الماضي وتأجلت أول مرة للثلاثاء قبل تأجيلها مرة ثانية اليوم، مناقشة قوانين مهمة قال رئيس البرلمان نبيه بري إنّها تُشكل مطالب شعبيّة يرفعها الحراك المدني.
لماذا يرفض المحتجون انعقاد الجلسة إذاً؟
رفض المحتجون انعقاد هذه الجلسة؛ كون أن جدول أعمالها يتضمن بند العفو العام الذي يشمل -وفق إعلام محلي- جرائم استغلال النفوذ والوظيفة والإهمال وتبديد الأموال العامة، كما طالبوا بأن تكون الجلسة علنية وليست مغلقة كما هو مقرر.
ويطالبون أيضاً بأن تكون الأولوية لمطالبهم، وفي مقدمتها تسريع عملية تشكيل حكومة تكنوقراط، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين، ورحيل بقية مكونات الطبقة الحاكمة، المتهمة بالفساد والافتقار للكفاءة.
لذا، شكلوا دروعاً بشرية أمام البرلمان لمنع دخول النواب
أفاد مراسل "الأناضول" بأن المئات من المحتجين شكلوا دروعاً بشرية منذ ساعات الصباح الأولى في محيط البرلمان، كما قاموا بقطع وإقفال الطرق المؤدية إليه.
ولفت إلى حصول عملية تدافع بين المحتجّين والقوى الأمنيّة عند مدخل ساحة النجمة (وسط بيروت) المؤديّة إلى البرلمان.
فيما شكّلت مجموعة كبيرة من النساء المتظاهرات حاجزاً بين المتظاهرين والقوى الأمنيّة.
وأضاف المراسل أن المتظاهرين في محيط البرلمان منعوا دخول الآليات، فيما سمحوا بدخول السيّارات العسكريّة وسيّارات الإسعاف بعد التأكّد من عدم وجود أيّ نائب في داخلها.
كما منعوا النائب جورج عطا الله عضو كتلة التيار الوطني الحر (التي يتزعمها الرئيس ميشال عون) من الوصول إلى البرلمان، وفق المصدر ذاته.
لكن موكب سياسي أصر على المرور وأطلق النار في الهواء.
ورغم تعامل بعض النواب بطرق بسيطة لمحاولة اختراق الدروع البشرية، مثلما فعل علي عمار، النائب عن حزب الله، باستخدام الدراجة النارية بدلاً من السيارة، إلا أن موكب سياسي آخر مكون من 3 سيارات أطلق الرصاص في الهواء لإبعاد متظاهرين منعوا عبوره عند نقطة باب إدريس – ستاركو.
وترددت شائعات بأن الموكب تابع للوزير جبران باسيل، لينفي مكتب الوزير فوراً مرور موكبه في محيط مجلس النواب، كما نفى الوزير علي حسن خليل، النائب عن حركة أمل، أي علاقة له بالموكب، مشدداً على أنه منذ الساعة 8 صباحاً وهو متواجد داخل الوزارة.
وسط دعوات لإضراب عام
في سياق متصل، قطع محتجّون عدداً من الطرق في منطقة البقاع ومناطق في جبل لبنان (شمال) في ظلّ دعوات لفرض إضراب عامّ، وفق مراسل الأناضول.
وفي مدينة صيدا (جنوب بيروت) انطلق طلاب من إحدى المدارس الثانوية في مسيرة بالمدينة "دعماً للثورة".
وقد فتحت المصارف اللبنانية، صباح اليوم الثلاثاء، أبوابها أمام المواطنين بعد إضراب دام أسبوعاً، واستأنفت نشاطها بشكل طبيعي وسط تدابير أمنية لحمايتها.
شهران من الاحتجاجات، والأزمة في تصاعد
ودخلت الاحتجاجات الشعبيّة شهرها الثاني، وسط استمرار الأزمة السياسيّة مع تأخر الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديد بعد استقالة سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأوّل الفائت.
وتصاعدت الأزمة أكثر، الأحد، بعد انسحاب الوزير الأسبق محمد الصفدي، المرشّح لتولي رئاسة الوزراء. وسحب الصفدي، السبت، اسمه كأحد المرشّحين لرئاسة الحكومة اللّبنانيّة، قائلاً إنه "من الصعب تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الفرقاء السياسيين".