قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن كوريا الجنوبية تُكثِّف حملتها لحظر رفع عَلَم "الشمس المشرقة" الياباني خلال أولمبياد طوكيو العام المقبل، في أحدث خلاف دبلوماسي يرتبط بتاريخ الحرب المرير بين البلدين.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، طلب وزير الرياضة الكوري الجنوبي من لجنة الأولمبياد الدولية حظر العلم، الذي يعتبره كثير من الكوريين رمزاً للنزعة العسكرية والحكم الاستعماري الياباني.
لكن مع فشله في تأمين تعهد من اللجنة الأولمبية بحظر العلم، تبنى مُشرّعو كوريا الجنوبية مؤخراً قراراً يطالب بحظر استخدام العلم خلال الأولمبياد، مشبّهين إياه بالصليب المعقوف للحركة النازية.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، نقلت وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية عن آن مين-سوك، عضو برلماني في الحزب الديمقراطي الحاكم، قوله: "العلم الذي يرمز للحرب لا يناسب الألعاب الأولمبية السلمية".
وأضاف: "يعتبر الآسيويون والكوريون علم الشمس المشرقة مشابهاً لرمز الشر تماماً مثلما يرمز الصليب المعقوف للنازيين والذي يُذكِّر الأوروبيين بالغزو والرعب".
من جانبهم، قال منظمو أولمبياد طوكيو إنهم لا يخططون لحظر استخدام العلم علناً أثناء المنافسات، لافتين إلى انتشاره على نطاق واسع في اليابان، وأنه لا يحمل دلالات سياسية.
علم الشمس المشرقة الذي سبب الأزمة
ويتكون علم الشمس المشرقة (kyokujitsuki) من قرصٍ أحمر و16 شعاعاً تمتد منه حتى الأطراف، واستخدمته القوات البحرية التابعة للإمبراطورية اليابانية في حملاتها في أنحاء آسيا والمحيط الهادئ قبل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، واعتمدته أيضاً قوات الدفاع البحرية في 1954.
وأعلنت وزارة الخارجية اليابانية، خلال الأسبوع الجاري، أنها ستُحدِّث تفسيرها للعَلَم رداً على حملة كوريا الجنوبية؛ إذ يصف موقع الوزارة حالياً العَلَم بأنه جزءٌ من الحضارة اليابانية. وأضافت أنه "مقبول على نطاق واسع في المجتمع الدولي".
ويأتي هذا الخلاف وسط تدهور مأساوي للعلاقات بين الجارتين في منطقة شمال شرق آسيا.
وبدأ النزاع بعد صدور قرار من محكمة عليا في كوريا الجنوبية يُلزِّم الشركات اليابانية بتعويض العمال الكوريين الذي أُجبروا على العمل في المناجم والمصانع اليابانية حين كانت شبه الجزيرة الكورية مستعمرة يابانية.
اليابان تصر على موقفها
فيما تُصر اليابان على أنَّ معاهدة السلام المُوقَّعة بعد الحرب هي تسوية لجميع مطالبات التعويض.
وأشعل قرار المحكمة نزاعاً تجارياً بين البلدين توسع منذ حينها ليشمل السياحة والآن الألعاب الأولمبية.
ويُميَّز الرياضيون اليابانيون منذ وقتٍ طويل بعلمهم الوطني "هينومارو"، وهو راية بيضاء مستطيلة مع قرص أحمر كبير يمثل الشمس في المنتصف، لكن الكوريين الجنوبيين أعربوا عن مخاوف من أنَّ تلوح الجماهير علم الشمس المشرقة في الأماكن التي تستضيف فعاليات الأولمبياد الضيف المقبل.
وهذه ليست المرة الأولى التي تؤثر فيها روايات متضاربة عن الدلالة التاريخية للعَلَم في العلاقات بين البلدين. ففي العام الماضي، انسحبت اليابان من عرض بحري دولي استضافته كوريا الجنوبية بعد أن أصرت سول على إزالة العلم من على سفن الأسطول الياباني.
خلافات دبلوماسية بين البلدين
وتراجعت اليابان عن دعوة مماثلة موجهة لكوريا الجنوبية لتشارك في مناورة بحرية مماثلة خلال الشهر الجاري، وأقرت طوكيو أنَّ الدولتين لا يزال يتعين عليهما "إيجاد بيئة تسمح" بدعوة سفن كوريا الجنوبية.
يُذكر أنَّ جيش الإمبراطورية اليابانية تبنى رمز الشمس المشرقة، الذي رفعه بالأساس أمراء الحرب الإقطاعيون، في عام 1870، ثم أصبح شعار البحرية في 1889. وشاع استخدامه الآن بين مناصري اليمين المتطرف، لكنه يُستخدم أيضاً على المنتجات التجارية، وهو شعار مؤسسة صحيفة Asahi الليبرالية.
وينص الميثاق الأولمبي على "عدم السماح برفع أية شعارات سياسية أو دينية أو عنصرية في أي موقع أولمبي أو مكان انعقاد فعالية أولمبية أو غيرها من الأماكن". واكتفت اللجنة الأولمبية إلى الآن بالقول إنها ستتعامل مع أية انتهاكات محتملة للميثاق خلال ألعاب 2020 كل حالة على حدة.