أعلن متظاهرو العراق، اليوم السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تحويل احتجاجاتهم إلى اعتصام مفتوح في العاصمة بغداد، ومحافظات الوسط والجنوب الـ9، حتى تحقيق المطالب الخاصة باستقالة الحكومة، وتقديم قتلة المحتجين إلى القضاء.
وقالت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق (مؤسسة رسمية ترتبط بالبرلمان)، اليوم السبت، إن 31 قتيلاً و2312 جريحاً سقطوا في احتجاجات أمس الجمعة، في بغداد ومدن الوسط والجنوب.
قتل متعمد للمتظاهرين
وفرضت قوات الأمن، بتخويلٍ من رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، حظراً للتجوال في محافظات واسط والبصرة وميسان وذي قار والمثنى وبابل والديوانية، بعد تصاعد حدة الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين.
وقال كريم الشاملي، منسق في احتجاجات البصرة، لوكالة الأناضول: "قرَّرنا تحويل التظاهرة إلى اعتصام مفتوح، بعد إعلان الحكومة فرض حظر للتجوال، لن نتراجع، ولن نخضع لجميع أساليب الترهيب".
وأوضح الشاملي أن "ما حصل في البصرة يوم أمس (الجمعة)، من قتل متعمّد للمتظاهرين، لن يمر مرور الكرام، الاعتصام لن ينتهي إلا بتحقيق المطالب".
وفي محافظة ذي قار جنوبي البلاد، قال ياسين المكصوصي، منسق في التظاهرات، إن "منسقي الاحتجاجات في جميع المحافظات المنتفضة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب اتفقوا على تحويل التظاهرات إلى اعتصام مفتوح، ما يعني بقاءنا في الشوارع حتى تحقيق مطالبنا".
وأوضح المكصوصي: "لن تكون هناك مساومات هذه المرة، سنواجه الرصاص بالثبات على مواقفنا"، مشيراً إلى أن "الجهات التي قتلت المتظاهرين الجمعة معروفة لدى الجميع، وموثّقة في مقاطع فيديو، ولا تحتاج الحكومة أو القضاء إلى لجان تحقيق للكشف عن الحقيقة".
واستأنف المتظاهرون العراقيون احتجاجاتهم المناهضة للحكومة، أمس الجمعة، في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، للمطالبة بإقالة الحكومة وإصلاح النظام السياسي "الفاسد".
وتخلّلت الاحتجاجات أعمال عنف ارتفعت وتيرتها بصورة متصاعدة في ساعات المساء، وخاصة في محافظات جنوبي البلاد.
جثث متفحمة
واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، فيما سقط معظم القتلى جراء إطلاق النار من قبل فصائل شيعية مسلحة مقربة من إيران، لدى محاولة المتظاهرين إحراق مقرات تلك الفصائل، بحسب متظاهرين.
كذلك انتشلت فرق الإنقاذ جثثاً متفحمة من داخل مبنى تابع لمنظمة بدر، تعود لمتظاهرين ماتوا حرقاً خلال الاحتجاجات التي اندلعت أمس الجمعة.
وقال مصدر طبي عراقي لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إنه تم انتشال 10 جثث متفحمة لمتظاهرين من داخل مبنى حزب منظمة بدر، بعد إحراقه في محافظة الديوانية، جنوب البلاد.
وأوضح المصدر، الذي تحفَّظ على الكشف عن اسمه، أن "الجثث تعود لمتظاهرين في أثناء مشاركتهم في إحراق مقر حزب بدر، وسط الديوانية، التي تشهد تظاهرات شعبية كبرى، أسوة ببقية محافظات الوسط والجنوب والعاصمة بغداد، منذ مساء أمس".
وفي حادث منفصل، قالت مصادر الشرطة إن 18 شخصاً على الأقل أُصيبوا في العمارة بجنوب العراق، عندما حاول محتجون اقتحام مقر الجماعة هناك.
وكان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قد استبق الاحتجاجات، في وقت متأخر من مساء الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول، بطرح حزمة جديدة من الإصلاحات، بينها التعهد بحصر السلاح بيد الدولة، وحل الفصائل المسلحة، وضمان الحريات والأمن والاستقرار، وتوفير أفضل الخدمات وفرص العمل للمواطنين، وتقديم الفاسدين للقضاء ومحاسبتهم علناً، وتحقيق النمو الاقتصادي للبلاد.
وتأتي الموجة الجديدة استئنافاً للاحتجاجات التي بدأت في بغداد، مطلع الشهر الجاري، للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات جنوبية ذات أكثرية شيعية، وتستمر أسبوعاً.
ولاحقاً رفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ودعوا إلى استقالة الحكومة، إثر لجوء قوات الأمن إلى العنف واستخدام الرصاص الحي ضد المحتجين، وهو ما أسفر عن مقتل 149 محتجاً و8 من أفراد الأمن.
وساد استياء واسع في البلاد؛ إثر تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، في حين يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستُشكل ضغوطاً متزايدة على حكومة عبدالمهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.