قال موقع Business Insider الأمريكي إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اعترف، الأربعاء، 18 سبتمبر/أيلول 2019، بأن الأزمة الحالية مع إيران كانت "نتيجة مباشرة" للقرارات والإجراءات التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب.
ومنذ أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي 2015 مع إيران، انخرطت إدارته في ممارسة حملة "أقصى ضغط" على طهران، في محاولة لشلّ الاقتصاد الإيراني بعقوبات قاسية.
والهدف النهائي هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات والموافقة على نسخة أكثر صرامة وتشدداً من الاتفاق النووي تمنع إيران من صناعة الأسلحة النووية.
ولكن حتى الآن، لم تنجح استراتيجية ترامب المتشددة، ولا يوجد ما يشير إلى إمكانية أن يتغير ذلك قريباً.
بومبيو يعترف بفشل سياسة البيت الأبيض
ودافع بومبيو عن استراتيجية ترامب أمام المراسلين الذين سافروا معه إلى السعودية، وقال: "يقول البعض إن استراتيجية الرئيس التي سمحنا بها لا تجدي نفعاً. ولكني أرى عكس ذلك تماماً. أقول إن ما ترونه هنا هو نتيجة مباشرة لتغييرنا للفشل الهائل لخطة العمل الشاملة المشتركة للعكس"، مشيراً إلى الاسم الرسمي للاتفاق النووي 2015، خطة العمل الشاملة المشتركة.
كان وزير الخارجية يتحدث عن الهجوم الأخير على اثنين من مرافق النفط السعودية ويواجه أسئلة عن كيفية حدوث هذا الهجوم بالرغم من استثمارات السعودية في تقنيات الدفاع الأمريكية، وكيف يمكن ردع مثل تلك الحوادث مستقبلاً.
على الرغم من اعتراف بومبيو بأن الهجوم كان "على مستوى لم نشهده من قبل"، قال إنه بدون عقوبات إدارة ترامب، كان يمكن لإيران الوصول إلى أنظمة تسلّح أكثر تعقيداً وخطورة.
وأثناء ذلك، صور لنا دون قصد كيف وصلت الولايات المتحدة والسعودية إلى هذا الموقف من الأساس؛ قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، إذ قال بومبيو: "ما ترونه هنا نتيجة مباشرة لتغييرنا للفشل الهائل في خطة العمل الشاملة المشتركة إلى العكس".
تأزم العلاقات الأمريكية-الإيرانية بسبب ترامب
ومنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي 2015، تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بسرعة كبيرة. وأصبح الوضع متوتراً خلال الشهور الأخيرة وسط مخاوف باندلاع صراع جديد في الشرق الأوسط.
ومع تصعيد الولايات المتحدة ضغطها الاقتصادي على إيران، رد الإيرانيون بسلوك عدواني في محاولة لخلق مشكلات للولايات المتحدة وشركائها.
إذا كانت إيران مسؤولة بالفعل عن هجمات حقول النفط السعودية، يقول خبراء ومسؤولون أمريكيون سابقون إن انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة هو ما فتح الباب أمام ذلك الهجوم، والتوترات الأوسع المحيطة به.
قالت باربرا سلافين، مديرة مبادرة مستقبل إيران بمؤسسة Atlantic Council، في افتتاحية يوم الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول: "هذا ما يحدث عندما تنسحب بشكل أحادي من الاتفاق النووي ثم تحاول خنق بلد آخر".
وأضافت سلافين: "أصبحت نتائج حملة "أقصى ضغط" واضحة الآن: عدم استقرار متزايد في الخليج العربي، وهجوم غير مسبوق على مرافق نفط سعودية تسببت في اضطرابات أسواق النفط العالمية بشكل أكبر مما حققته الثورة الإيرانية، واستئناف تدريجي ثابت لأنشطة إيران النووية التي حظرتها خطة العمل الشاملة المشتركة".
وطهران تقاوم الضغط الأمريكي
أعرب خبراء نوويون وحلفاء الولايات المتحدة الموقعون أيضاً على الاتفاق عن اعتراضهم على قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة.
ووصف بومبيو هذا الاتفاق يوم الأربعاء، 18 سبتمبر/أيلول، بـ "الفشل الهائل"، ولكن لا تتوافر أدلّة كافية لدعم هذا التقييم. ذكر المراقبون النوويون التابعون للأمم المتحدة في مرات عديدة أن إيران تمتثل للاتفاق، حتى بعد فترة من انسحاب ترامب منه. ولم تبدأ إيران في اتخاذ خطوات بعيدة عن شروط الاتفاق إلا عندما وصلت التوترات مع الولايات المتحدة إلى نقطة الغليان هذا الصيف.
باختصار، لم ينهَر الاتفاق النووي أو تُنتهك شروطه بطرق فجّة إلا بعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة منه، ولا يزال أمام إيران شوط طويل لتخصيب اليورانيوم إلى المستويات اللازمة لصناعة الأسلحة النووية.
وقال جون ولفستال، الذي عمل خبيراً نووياً في مجلس الأمن القومي تحت إدارة أوباما وهو الآن مستشار كبير في Global Zero، لصحيفة Insider: "لا شك لديّ في أن الأزمة الحالية والتصعيد نتيجة مباشرة لقرار ترامب وإدارته بانتهاك خطة العمل المشتركة الشاملة".
وأضاف ولفستال: "نعم، كان يمكن أن نصل إلى مواجهة إيران بشتّى الطرق العسكرية التي قد ينتهي بها الأمر هنا حتى إذا التزم ترامب بالاتفاق، ولكن مع وضع إيران تحت هذا الضغط وعدم وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، سوف تبحث إيران عن طرق لزيادة نفوذها على أوروبا لتعويضها ومقاومة "أقصى ضغط" أمريكي".
ويؤكد ولفستال أن ذلك لا يبرر أي هجوم محتمل تشنّه إيران على السعودية، ولكنه أضاف أن أياً مما حدث مؤخراً "لم يكن ضرورياً، ويؤكد وجود خط مستقيم بين انتهاك ترامب للاتفاق الإيراني والمخاطر التي وصلت إليها حدة الصراع اليوم".