يتوجه 7 ملايين ناخب تونسي، اليوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول 2019، إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، وسط تشديد أمني مكثف، في انتخابات مبكرة جاءت بعد وفاة الرئيس السابق، الباجي قايد السبسي.
وسيبدأ التونسيون الإدلاء بأصواتهم في الساعة الـ8 صباحاً بالتوقيت المحلي، على أن تغلَق في الساعة الخامسة مساءً بكل المحافظات، باستثناء بعض المكاتب التي ستغلَق قبل ساعتين لدواعٍ أمنية، بسبب وقوعها على الحدود الغربية.
وسيختار الناخبون مرشحهم من بين 24 شخصية تتنافس على كرسي الرئاسة، بعدما كان عددهم 26، حيث انسحب مرشحان ثانويان يوم الجمعة الماضي، لصالح وزير الدفاع، عبدالكريم الزبيدي؛ في محاولة لتقليص تشتت الأصوات بين المرشحين.
وتشمل قائمة المرشحين بعض أكبر الأسماء في تونس، ومنهم رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد، ورؤساء حكومات سابقون، بالإضافة إلى عبدالفتاح مورو من حركة "النهضة"، ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي.
انتخابات لا يمكن التنبؤ بنتائجها
ويمثل المرشحون مجموعة مختلفة من الأفكار التي لا يمكن تصورها في معظم الانتخابات بالدول العربية، فتضع العلمانيين الليبراليين في مواجهة الإسلاميين المعتدلين، ومؤيدي التجارة الحرة في مواجهة المؤمنين بسياسات الحماية الاقتصادية، وأنصار ثورة 2011 ضد أنصار النظام القديم.
وخصصت هيئة الانتخابات أربعة آلاف و564 مركز اقتراع، تضم 13 ألف مكتب تصويت داخل تونس، في حين تم فتح 304 مراكز اقتراع بالخارج، تضم 384 مكتب تصويت في 46 دولة.
وستجرى عمليات الفرز في كل مكتب اقتراع، ويُنتظر أن تنشر منظمات غير حكومية ومراكز استطلاع للآراء توقعاتها الأولية.
وتعد انتخابات الرئاسة التي تشهدها تونس اليوم الأحد، أكثر انتخابات لا يمكن التنبؤ بنتيجتها على مدى تجربة تونس القصيرة مع الديمقراطية، فهي منافَسة يغيب عنها مرشح أوفر حظاً بفارق كبير عن غيره، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية.
وهذه الانتخابات لن تشكل فحسب نهج تونس المثقلة بالديون في التعامل مع العلاقات الدولية وقضية الإنفاق العام العويصة، وإنما ستختبر أيضاً النموذج السياسي التوافقي الذي تطبّقه والطريقة التي تمارس بها الديمقراطية.
تأهب أمني كبير
ويمثل الوضع الأمني أحد أبرز تحديات عملية الاقتراع؛ وهو ما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءت أمنية استثنائية، حيث أعلنت وزارة الداخلية التونسية أن 70 ألف عنصر أمن سيؤمّنون انتخابات الرئاسة.
وأوكلت الوزارة إلى نحو 50 ألف عنصر أمن، مهام تأمين المقرات والمواقع كافةً ذات الصلة بالانتخابات، وحماية المرشحين، عبر مرافقتهم وتأمين تنقّلاتهم وأنشطتهم.
وأضافت الوزارة أنها ستعمل على تأمين "أنشطة الشخصيات والضيوف من مراقبين وملاحظين، وتسهيل عمل الصحفيين، ومرافقة وتأمين نقل المواد الانتخابية وصناديق الاقتراع، بالتنسيق مع المؤسّسة العسكرية".
ولفتت الوزارة إلى تأمين مراكز الاقتراع كافة، وتتجاوز أربعة آلاف و500، بالتنسيق مع الجيش، وتأمين المركز الإعلامي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في العاصمة، منذ افتتاحه الخميس الماضي.
كذلك نشرت الداخلية التونسية 159 فريقاً من الوحدات المختصة في مكافحة الإرهاب بولايات الجمهورية كافةً، مدعومةً بالمعدات والتجهيزات كافة وبطائرات مروحية.
كما خصصت نحو ألفي عنصر حماية مدنيّة، للتدخل في مجالات اختصاصاتها المتعلّقة بالنجدة والإسعاف والإطفاء في المواقع والمقرّات ذات الصلة بالانتخابات.
وسيؤمّن 20 ألف عنصر أمنٍ السير العادي للعمل في بقية المراكز الأمنية، لضمان الأمن والاستقرار وحماية الممتلكات العامة والخاصة ومكافحة الجريمة، إضافة إلى تأمين الحدود البريّة والبحرية والمقـرات الدبلوماسية ومقرات السّيادة.
وبعد حملة انتخابية بدأت في 2 سبتمبر/أيلول الجاري، دخلت تونس، أمس السبت، صمتا انتخابيا استعدادا للاقتراع اليوم الأحد.
كما انطلق مساء الخميس الماضي، تصويت التونسيين في الخارج من مدينة سيدني الأسترالية، ليستمر حتى الأحد، وستكون مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية آخر مدينة أجنبية يصوت فيها التونسيون.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين بالخارج 384 ألف ناخب وناخبة، فيما تجاوز عدد نظرائهم بالداخل سبعة ملايين.
انتخابات هامة
وتعد هذه الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في تونس، منذ استقلال البلاد عن فرنسا (1956)، مروراً بعهدي الرئيسين الأسبق الحبيب بورقيبة (حكم من 1957 ـ 1987)، والمخلوع زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011)، وصولا إلى فترة ما بعد الثورة (2011 ـ 2019).
ورئاسيات 2019، هي ثاني انتخابات رئاسية حرة وشفافة إبان الثورة التونسية، وكان مخططا إجراؤها في 17 و24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لكن بعد وفاة السبسي، في 25 يوليو/ تموز الماضي، قُدم موعدها إلى 15 سبتمبر/أيلول، من أجل ضمان تولي رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما، وفقا للدستور.
نظام الاقتراع.. وجولة الإعادة
ووفق المادتين 111 و112 من القانون الانتخابي، يُنتخب رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة للأصوات المصرّح بها (50 بالمائة + واحد من الأصوات).
وفي صورة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرّح بها في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية خلال الأسبوعين التاليين لإعلان النتائج النهائية للجولة الأولى، يتقدم إليها المرشحان الحائزان أكثر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.
ويتم التصريح في الجولة الثانية بفوز المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات.
وفي صورة تساوي عدد الأصوات بين عدد من المرشحين، يتم تقديم المرشح الأكبر سنا، أو التصريح بفوزه إذا كان التساوي في الجولة الثانية.
وقررت هيئة الانتخابات، أن يكون موعد إعلان النتائج الأولية للجولة الأولى في 17 سبتمبر/ أيلول الجاري، على ألا يتجاوز موعد إجراء الجولة الثانية، إن وُجدت، 3 نوفمبر المقبل.
ويمكن الطعن أمام الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية في النتائج الأولية للانتخابات، في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ تعليقها بمقرات الهيئة، بحسب البند 145 من القانون الانتخابي.
وتصرّح هيئة الانتخابات بالنتائج النهائية، خلال 48 ساعة من حصولها على آخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية، في خصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الأولية للانتخابات، أو بعد انقضاء أجل الطعن، وذلك بقرار يُنشر بالموقع الإلكتروني للهيئة وبالمجلة الرسمية.