دخلت تونس، اليوم السبت 14 سبتمبر/أيلول 2019، مرحلة الصمت الانتخابي، وذلك قبل يوم واحد من بدء التونسيين الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، في انتخابات مبكرة جاءت بعد وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي.
وقالت وسائل إعلام تونسية إنه سيُمنع خلال فترة الصمت الانتخابي، جميع أشكال الدعاية والتغطية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، والأحزاب، والفاعلين، والشخصيات الداعمة لهم، وذلك حتى إغلاق مكاتب الاقتراع.
وينص البند 70 من القانون الانتخابي في تونس على منع بث ونشر نتائج استطلاعات الرأي التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بنتائج الانتخابات الرئاسية والدراسات والتعليقات الصحفية المتعلقة بها، عبر مختلف وسائل الإعلام، خلال يوم الصمت الانتخابي.
كما ينص القانون الانتخابي على أن كل مخالفة لقواعد الصمت الإنتخابي تترتب عليها عقوبة مالية تتراوح بين 3 آلاف إلى 20 ألف دينار.
وكان التونسيون في الخارج قد بدأوا منذ أمس الجمعة الإدلاء بأصواتهم، وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه تم توفير 302 مركز اقتراع في 44 دولة أجنبية، ستستقبل 386 ألفاً و53 ناخباً، من أصل 7 ملايين و74 ألفاً و566 ناخباً.
وتعد فرنسا أهم ثقل انتخابي في الخارج، حيث تتمركز فيها جالية كبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول.
انتخابات لا يمكن التنبؤ بنتائجها
وانتخابات الرئاسة التي تشهدها تونس يوم غد الأحد، تُعد أكثر انتخابات لا يمكن التنبؤ بنتيجتها على مدى تجربتها القصيرة مع الديمقراطية، فهي منافسة يغيب عنها مرشح أوفر حظاً بفارق كبير عن غيره، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية.
فالانتخابات لن تشكل فحسب نهج تونس المثقلة بالديون في التعامل مع العلاقات الدولية وقضية الإنفاق العام العويصة، وإنما ستختبر أيضاً النموذج السياسي التوافقي الذي تطبقه والطريقة التي تمارس بها الديمقراطية.
وقالت وكالة رويترز إنه بعد ارتفاع معدل البطالة على مدى سنوات وزيادة التضخم وتقليص الإنفاق على الخدمات العامة والدعم، يشعر كثير من التونسيين بالإحباط إزاء السياسة، وهو ما يزيد الغموض المحيط بالنتيجة ونسبة الإقبال.
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تتمخض انتخابات غدٍ الأحد عن فائز بأغلبية مطلقة، حيث سيخوض المرشحان الحاصلان على أكبر نسبة من الأصوات جولة إعادة إذا لم يحقق أحد أغلبية صريحة، فإنها ستؤثر على الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.
وكان الناخبون التونسيون قد تابعوا على نطاق واسع المناظرات التلفزيونية بين أغلبية المرشحين للرئاسة، وعددهم 24 رجلاً، وامرأتان، على أمل تضييق نطاق اختياراتهم، وهو ما يختلف كل الاختلاف عن الانتخابات التي كانت تنتهي بفوز بن علي الذي يرقد حالياً بمستشفى في السعودية بنسبة 99% بلا منازع.
وتشمل قائمة المرشحين بعضاً من أكبر الأسماء في تونس، ومنهم رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد، ورؤساء حكومات سابقون، بالإضافة إلى عبدالفتاح مورو من حركة "النهضة"، ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي.
يمثل المرشحون مجموعة مختلفة من الأفكار التي لا يمكن تصورها في معظم الانتخابات بالدول العربية، فتضع العلمانيين الليبراليين في مواجهة الإسلاميين المعتدلين، ومؤيدي التجارة الحرة في مواجهة المؤمنين بسياسات الحماية الاقتصادية، وأنصار ثورة 2011 ضد أنصار النظام القديم.
ثاني انتخابات ديمقراطية
وتعد هذه الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في تونس، منذ استقلال البلاد عن فرنسا (1956)، مروراً بعهدَي الرئيسين الأسبق الحبيب بورقيبة (حكم من 1957ـ1987)، والمخلوع زين العابدين بن علي (1987ـ2011)، وصولاً إلى فترة ما بعد الثورة (2011ـ2019).
كما أن رئاسيات 2019، هي ثاني انتخابات رئاسية حرة وشفافة إبان الثورة التونسية.
وكان مخططا إجراؤها في 17 و24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لكن بعد وفاة السبسي، في 25 يوليو/ تموز الماضي، قُدم موعدها إلى 15 سبتمبر/أيلول، من أجل ضمان تولي رئيس جديد منصبه في غضون 90 يوما، وفقا للدستور.
ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت، 7 ملايين و155 ألفا، مسجلين في كشوف هيئة الانتخابات، وستتم عملية الاقتراع في 13 ألف مكتب، موزعة على 4567 مركز تصويت، في 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها.