قال ليو موغابي المتحدث باسم عائلة رئيس زيمبابوي الراحل روبرت موغابي، الجمعة 13 سبتمبر/أيلول 2019، إن جثمان موغابي سيُدفن في نُصب الأبطال الوطنيين بالعاصمة هاراري خلال "نحو 30 يوماً"، بعدما ذكر في وقت سابق أنه سيُدفن يوم الأحد.
جثمان موغابي سوف يوارى الثرى خلال 30 يوماً
وقال ليو موغابي: "الحكومة وكبار المسؤولين توجهوا إلى نُصب الأبطال، وتفقدوا المكان حيث سيُدفن جثمان الرئيس موغابي، وهذا المكان سوف يستغرق نحو 30 يوماً حتى يكتمل"، وقد كان هناك خلال في الأيام الماضية حول المكان النهائي لدفن الراحل.
وقد عمَّ الحداد زيمبابوي على وفاة "الأب المؤسس" روبرت موغابي، بعد نحو عامين من الإطاحة به من الحكم في انقلاب.
وتوفي موغابي عن 95 عاماً، في سنغافورة، الجمعة، حيث كان يتلقى العلاج الطبي منذ فترة طويلة.
وكان من أحد أكثر الشخصيات استقطاباً في تاريخ إفريقيا وأحد عمالقة حركات التحرر الوطنية بالقارة، لكن حُكمه الذي دامَ 37 عاماً انتهى نهاية مشينة حينما أطاح به الجيش في 2017.
ومنح الرئيس إمرسون منانجاجوا، موغابي لقب البطل القومي، في خطاب بثه التلفزيون، في حين انهالت التعازي من الزعماء الأفارقة.
وكان من المتوقع في البداية وصول جثمان موغابي إلى جنوب إفريقيا في وقت مبكر من السبت، قبل نقله إلى زيمبابوي، لكن لم ترِد حتى الآن أي أنباء عن مغادرة جثمانه لسنغافورة.
وقال منانجاجوا إن زيمبابوي ستظل في حداد إلى حين دفن موجابي، لكنه لم يفصح عن عدد أيام الحداد ولا موعد الدفن.
وفي وسط العاصمة هاراري قال أغلب السكان إن نبأ رحيل موغابي أحزنهم، لأنه كان مُحرِّرهم من الحكم الاستعماري الأبيض، كما زاد فرصهم في الحصول على التعليم.
لكن آخرين عبَّروا عن غضبهم من أن موغابي ترك اقتصاد البلاد بوضع مُزرٍ، في ظل ارتفاع نسب التضخم والبطالة.
وقد حزن على موغابي كثير من الشعب
ونشرت الصحف خبر الوفاة وصوراً لموغابي على صفحاتها الأولى، وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة "ديلي نيوز": "نهاية عصر"، في حين خصصت صحيفة "هيرالد" التي تديرها الدولة طبعة تذكارية عن رحيله.
وظلت المعاناة التي يعيشها المواطنون حتى بعد ما يقرب من عامين على الإطاحة بموغابي، إذ وصل التضخم إلى نسبة من ثلاثة أرقام، وتشهد البلاد انقطاعات متكررة في الكهرباء، ونقصاً بالسلع الأساسية، وهو ما يعني أن الاقتصاد يمر بأسوأ أزمة في عقد.
ويقول معارضون سياسيون إن حكومة منانجاجوا تضيّق على المعارضة، وهو ما أعاد إلى الأذهان ما كان يحدث في عهد موغابي.
وقال ديفيد كولتارت، وهو عضو معارض في البرلمان ومحامٍ حقوقي: "لقد كان أحد عمالقة المشهد في زيمبابوي، وسيكون إرثه الإيجابي الدائم هو دوره في إنهاء حكم الأقلية البيضاء، وتوسيع نطاق التعليم الجيد ليشمل جميع المواطنين".
ورأى آخرون أن الأذى الذي ألحقه بشعبه ألقى بظلاله على إرثه.
وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: "نقدم بالطبع تعازينا لمن هم في حداد، لكننا نعلم أنه بالنسبة لكثيرين كان حائلاً أمام الوصول إلى مستقبل أفضل… في عهده عانى شعب زيمبابوي بشدة، في حين كان يُفقر بلاده وسمح باستخدام العنف ضده".
كان منانجاجوا قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن موغابي لم يعد قادراً على السير عندما نُقل إلى مستشفى في سنغافورة، لكنه لم يحدد طبيعة العلاج الذي يتلقاه.
وكان المسؤولون يشيرون عادة إلى أنه يعالَج من إعتام في عدسة العين، ونفوا مراراً تقارير بثتها وسائل إعلام خاصة، عن إصابته بسرطان البروستاتا.
وقد حكم موغابي زيمبابوي نحو 40 عاماً
وحكم موغابي زيمبابوي نحو أربعة عقود منذ استقلالها عن بريطانيا في عام 1980، ثم أُجبر على التنحي في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بعد انقلاب عسكري.
وأصبح موغابي أحد أبطال التحرير بإفريقيا ونصيراً للمصالحة العرقية عندما تولى السلطة في بلد تسوده الانقسامات بسبب الاستعمار الذي استمر قرابة مئة عام.
وُلد موغابي في 21 فبراير/شباط 1924، بإرسالية للروم الكاثوليك بالقرب من هاراري، وتلقى تعليمه على يد قساوسة يسوعيين، وعمل مدرساً في مدرسة ابتدائية قبل أن يلتحق بجامعة فورت هير بجنوب إفريقيا، التي كانت حينها تربة خصبة للنزعة القومية الإفريقية.
وبعد عودته إلى روديسيا (الاسم السابق لزيمبابوي) في عام 1960، دخل عالم السياسة وسُجن بعد أربع سنوات عشرة أعوام، لمعارضته حكم البيض.
وعندما تُوفي ابنه الرضيع بسبب الملاريا في غانا عام 1966، مُنع موغابي من الحصول على إفراج مشروط لحضور الجنازة، وهو قرار يقول مؤرخون إنه زاد من شعور موغابي بالمرارة.
وبعد الإفراج عنه صعد إلى قمة حركة حرب العصابات التابعة لجيش التحرير الوطني الإفريقي في زيمبابوي، ليصبح رئيساً للوزراء ثم رئيساً للبلاد بعد الحرب.