أصبح ما يُسمَّى قرار حظر البرقع بهولندا غير قابل للتطبيق في أول أيام سنِّه بالقانون؛ بعد أن أشارت كل من الشرطة وشركات النقل الهولندية إلى عدم رغبتهم في تطبيقه، وفق ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية.
بموجب أحكام الحظر الجزئي على الملابس التي تغطي الوجه، يُحظَر ارتداء أقنعة التزلج وخوذات الوجه الكاملة والأقنعة والنقاب والبرقع بالمنشآت العامة، وضمن ذلك المدارس والمستشفيات، وكذلك في وسائل النقل العام.
ويلزم تخيير مرتدي الملابس المحظورة بين خلع القطعة محل القانون أو مواجهة غرامة مالية تتراوح بين 150 و415 يورو (165 إلى 458 دولاراً). في حين لا يُحظَر ارتداء مثل هذه الملبوسات في الشارع.
حظر البرقع يواجه معارضة من قِبل الشرطة الهولندية
لكن يبدو أن القانون قُوِّضَ بصورة مميتة، بعد أن قالت الشرطة إنَّ فرضه ليس أولوية، مشيرة إلى انزعاجها من فكرة أن النساء المحجبات ربما يعانين مماطلة في دخول مركز الشرطة لتقديم شكاوى غير ذات صلة بالأمر.
من جانبها ردَّت شركات النقل على موقف الشرطة بأنها لن تطلب من موظفيها بالقطارات أو المترو أو الترام أو الحافلات تولّي مهمة تطبيق القانون في غياب الضباط.
وقال بيدرو بيترز، المتحدث باسم شبكة RET للنقل، إن القانون غير عملي. إذ قال: "أخبرتنا الشرطة بأن الحظر لا يشكل أولوية؛ ومن ثم لن تتمكن عناصر الشرطة من الاستجابة خلال نصف الساعة المعتاد، هذا إن وُجدت".
وأضاف: "هذا يعني أنه إذا حاولت امرأةٌ ترتدي البرقع أو النقاب استخدام خدمة ما، فلن يكون لدى موظفينا أي دعم من عناصر الشرطة للبتّ فيما ينبغي القيام به. الأمر ليس منوطاً بعمال النقل لإنفاذ القانون وفرض الغرامات".
ومع ذلك، كُلِّف الموظفون إسداء النصح للنساء اللاتي يرتدين ملابس تغطي الوجه بموجب القانون، ولكن مع السماح بدخولهنّ للمنشآت العامة.
رغم إصرار الأحزاب اليمينية في البلاد
وفي حين يسود الارتباك، أثارت مقالةٌ منشورة بصحيفة Algemeen Dagblad الهولندية المُحافِظة ضجةً شديدة، من خلال الإشارة إلى أن من "ينزعجون" من ارتداء الملابس المحظورة بمقدورهم القيام باعتقالٍ مدنيٍّ، وهو الموقف الذي أكدته الشرطة الوطنية على تويتر.
تجدر الإشارة إلى أن عدد النساء اللاتي يرتدين البرقع أو النقاب في هولندا غير معروف بدقة. إذ قدَّرَت دراسةٌ أجرتها أنيليس مورس، الأستاذة بجامعة أمستردام، في عام 2009، أن 100 امرأة فقط يرتدين غطاءً للوجه بانتظام، وليس أكثر من 400 يرتدينه بين حين وآخر.
يُذكر أن الحكومة الائتلافية لمارك روتي هي من صدَّقَت على القانون في عام 2016؛ وذلك استجابةً بدرجة كبيرة لحزب خيرت فيلدرز المناهض للإسلام.
وتعد هولندا سادس دولة في الاتحاد الأوروبي تحظر ارتداء الملابس التي تغطي الوجه بالمنشآت العامة، وهو الاتجاه الذي بدأته فرنسا في عام 2011، بعد أن قال نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي آنذاك، إن حجاب الوجه الكامل "غير مرحَّب به".
في حين أعلن حزب إسلامي تولي دفع الغرامات
من جانبه، أعلن حزب "نداء" الإسلامي في روتردام، أنه سيتولى دفع الغرامات المفروضة على النساء اللاتي يرتدين النقاب، وفَتَحَ حساباً بنكياً بإمكان الأشخاص إيداع الأموال فيه. أما رشيد نكاز، رجل الأعمال والحقوقي الجزائري، فأعلن أنه سيغطي تكاليف الغرامات المفروضة في هولندا.
وأعربت فمكا هالسما، عمدة أمستردام، عن استيائها من القانون، ومن المُتوقَّع أن تتجاهله سلطات المدينة.
في ضوء ذلك، أكَّدَت منظمة العفو الدولية أن الحظر يمثِّل انتهاكاً لحق المرأة في اختيار ما ترتديه. لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت في عام 2014 بأن هذا الحظر لا يشكل انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.