على متن طائرة عسكرية غادرت الولايات المتحدة متجهةً إلى الشرق الأوسط، تستقر تفاصيل استثمارات "صفقة القرن" في حقيبة غاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال جولة تشمل خمس دول.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، بينها مجلة "فانيتي فير" السياسية، غادر كوشنر الولايات المتحدة، الإثنين 29 يوليو/تموز 2019، نحو الشرق الأوسط، لمواصلة الزخم الذي تولَّد في "ورشة المنامة" بالبحرين، يومي 25 و26 يونيو/حزيران 2019.
وركزت تلك الورشة على الشق الاقتصادي من خطة التسوية السياسية الأمريكية المرتقبة للشرق الأوسط، والمعروفة إعلامياً بـ "صفقة القرن".
انتقادات شعبية ومعارَضة رسمية لـ "صفقة القرن"
وفي ظل انتقادات شعبية واسعة للورشة، قاطعتها فلسطين ودول عربية أخرى، في حين شاركت فيها دول عربية محدودة.
ويأمل البيت الأبيض الترويج لصندوق استثمار بقيمة 50 مليار دولار لقطاع غزة والضفة الغربية ومصر والأردن ولبنان (دول تستضيف لاجئين فلسطينيين)، مقابل تمرير الجوانب السياسية للخطة.
ويتردد أن تلك الخطة تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لإسرائيل، خاصة بشأن وضع مدينة القدس المحتلة، وحق عودة اللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية المأمولة.
وحسب "فانيتي فير"، تشمل جولة كوشنر: إسرائيل، والأردن، ومصر، والسعودية، والمغرب. في حين ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الإمارات ستكون أيضاً ضمن الجولة.
ويرافق كوشنر في جولته كل من: نائبه آفي بيركويتز، ومبعوث المفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، والمبعوث الأمريكي الخاص بإيران، براين هوك.
ولم تعلن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسمياً، حتى الآن عن الجدول الزمني لجولة كوشنر.
والبداية كانت برفض الخطة الاقتصادية في مؤتمر البحرين
الخطة الاقتصادية الأمريكية تهدف إلى ضخ استثمارات في الأراضي الفلسطينية بقيمة 28 مليار دولار، وتخصيص استثمارات أخرى (مِنح وقروض مدعومة)، بقيمة 22 مليار دولار في الأردن، ومصر، ولبنان.
ورفضت واشنطن، في عهد ترامب، تأييد حل الدولتين، كجزء من خطة "صفقة القرن"، التي لم تعلنها رسمياً بعد، وقلَّصت المساعدات والدعم للفلسطينيين.
وترفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع أية تحركات أمريكية في ملف عملية السلام، منذ أن أعلنت واشنطن، أواخر 2017، القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، ثم نقلت إليها السفارة الأمريكية، في 14 مايو/أيار 2018.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة منذ عام 1967، ولا بضمها إليها في 1980.
وتتهم القيادة الفلسطينية إدارة ترامب بالانحياز التام إلى إسرائيل، وتدعو إلى إيجاد آلية دولية لرعاية عملية السلام المتوقفة منذ أبريل/نيسان 2014.
وبعبارات إنشائية ووعود اقتصادية، طوت "ورشة المنامة" صفحة الجدل الدائر حولها، عقب يومين من مناقشات لم تتطرق إلى حقوق الفلسطينيين السياسية.
وآنذاك، دافع وزير الخارجية البحرين، خالد آل خليفة، عن الورشة، قائلاً في مقابلة مع تلفزيون "روسيا اليوم"، إن الورشة ليست "صفقة"، ولكن "خطة اقتصادية من شأنها تغيير واقع المنطقة"، دون أن يدلل بتفاصيل.
كما دافع كوشنر عنها، معتبراً في كلمة خلال الورشة التي رعتها واشنطن، أنها ليست "صفقة القرن" ولكن "فرصة القرن".
لكن كوشنر سيواصل مساعيه ويزيد من ضغطه
وفق مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي لدراسات الشرق الأوسط (غير حكومي، مقره القاهرة)، فإن "الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ضغطاً جارفاً على الدول العربية، لتسويق الجوانب الاقتصادية لصفقة القرن".
ورأى غباشي، في حديث لـ "الأناضول"، أن اختيار البيت الأبيض لكوشنر للقيام بالجولة يعود إلى كونه "عراب صفقة القرن". وأضاف أن هدف جولته الشرق أوسطية هو "تمرير الجوانب السياسية، مقابل تسويق نظيرتها الاقتصادية".
وتابع: "الوضع العربي في أضعف حالاته الآن، ولذلك فإن الضغط الأمريكي قوي ومؤثر، لا سيما في ظل تطويع واشنطن لعدد من عواصم الدول الخليجية".
وخلال جولة كوشنر، ربما تستثمر واشنطن، وفق مراقبين، التوترات المتصاعدة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفاء خليجيين وغربيين لها من جهة أخرى، على خلفيات ملفات عديدة، منها: البرنامج النووي الإيراني وحرية الملاحة في مياه الخليج.
ورأى غباشي أن الهدف من زيارة عاهل الأردن، الملك عبدالله الثاني، للقاهرة، الإثنين 29 يوليو/تموز 2019، هو التباحث في ملف "صفقة القرن"، قبل زيارة كوشنر لعمّان.
ولم يحسم المحلل السياسي توقعاته بشأن نتائج جولة كوشنر، لا سيما في ظل ممانعة قاطعة من السلطة الفلسطينية ودول عربية أخرى.