يواجه الداعية الإسلامي السعودي البارز سلمان العودة، اليوم الأحد 28 يوليو/تموز 2019، حكماً متوقعاً بالإعدام، حيث سيحاكَم أمام محكمة سرية في المملكة، وسط دعوات للرياض بالإفراج الفوري عنه ودون أية شروط.
ومن المقرر أن يمثُل العُودة، اليوم الأحد، أمام محكمة جنائية متخصصة في مكافحة الإرهاب، حيث يواجه ما لا يقل عن 37 تهمة.
وقال نجل العُودة، عبدالله، في تغريدة له صباح اليوم، نشرها على حسابه بموقع تويتر، إنه بقيت ساعات فقط تفصل عن محاكمة سلمان العودة السرية، مشيراً إلى أن "المدعي العام يطالب بالقتل تعزيراً، بسبب نشاط الوالد (العُودة) العلمي السلمي العلني".
وأشار عبدالله إلى أن العُودة "لا يزال في السجن الانفرادي منذ قرابة سنتين، بعد اعتقال تعسفي وتفتيش عسكري للبيت، واعتقال شقيق الوالد ومنع 18 شخصاً من السفر!".
"اتهامات فضفاضة"
ووصف عبدالله العُودة الاتهامات الموجهة إلى والده بأنها "في غاية التفاهة، وفضفاضة وغريبة وعامة"، مشيراً في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، إلى أن أولى "التهم الموجهة إلى والدي هي الإفساد في الأرض وتغيير نظام الحُكم، لأنه في 2011 طالب بملكية دستورية، وحفظ حقوق الأقليات".
وأضاف أن من التهم الغريبة التي توجَّه إلى العُودة، تقصيره في الدعاء لولي الأمر، متساءلاً: "هل هذه تهمة؟! وتهم فضفاضة كحيازة كتب محظورة".
وكان عبدالله قد بيّن في وقت سابق، أن الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده محمد، كانا يطلبان النصيحة من والده فيما يتعلق بالسياسة، إضافة إلى أن الدولة احتاجته في مكافحة الإرهاب، حيث كان رأس حربة في مكافحته.
وفي 7 سبتمبر/أيلول 2017، اعتقل مسؤولو أمن الدولة الشيخ العُودة، البالغ من العمر 61 عاماً، من منزله دون أمر قضائي؛ وذلك بعد ساعات قليلة من نشره تغريدة دعا فيها إلى الصلح بين قطر والسعودية.
واحتُجز العُودة بمعزل عن العالم الخارجي، وفي الحبس الانفرادي طوال الأشهر الخمسة الأولى من اعتقاله، ولم يُسمح له بالاتصال بأسرته أو بمحامٍ، باستثناء مكالمة هاتفية قصيرة واحدة بعد شهر من اعتقاله، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.
وفي يناير/كانون الثاني 2018، تم نقل العُودة إلى المستشفى، بسبب تدهور حالته الصحية. ولم يُسمح له بالاتصال بعائلته إلا بعد شهر.
وتمنع السعودية منظمات حقوق الإنسان من الاطلاع على أوضاع سجنائها خصوصاً السياسيين منهم، وتفرض الرياض تكتماً سرياً على هذا الملف، كما سبق أن رفضت دعوات عدة من منظمات حقوقية عالمية بتحسين ظروف المعتقلين والإفراج عنهم.
تخوُّف من إعدام العُودة
ومع اقتراب موعد محاكمة العُودة، حذرت منظمات حقوقية من أن يكون الإعدام هو مصير الداعية الإسلامية البارز، ووجهت منظمة العفو الدولية طلباً إلى السعودية بضرورة الإفراج عنه.
وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في "العفو الدولية": "تعقيباً على مطالبة المدعي العام السعودي بإعدام العُودة قبل محاكمته المقرر إجراؤها اليوم الأحد 28 يوليو/تموز 2019، فإننا نشعر بقلق بالغ من احتمال الحكم على الشيخ سلمان العُودة بالإعدام وتنفيذ حكم الإعدام بحقه".
وأشارت المنظمة إلى أن العُودة منذ اعتقاله قبل ما يقرب من عامين، "مرّ بظروف مروعة، من بينها الاحتجاز المطول قبل المحاكمة، والحبس الانفرادي شهوراً، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وكلها تعد انتهاكات صارخة لحقه في محاكمة عادلة".
وأضافت أن السلطات السعودية تستمر "في ادعاء أنها تحارب الإرهاب، في حين تجري هذه المحاكمة، وكذلك محاكمة الناشطين الآخرين، ومن بينهم الرجال الـ37 الذين أُعدموا في أبريل/نيسان الماضي، بدوافع سياسية بشكل واضح، وتهدف إلى إسكات الأصوات المستقلة في البلاد".
وأكدت معلوف أن الشيخ العُودة يدعو إلى "مجتمع أكثر شمولية، من شأنه وضع حد لتهميش المواطنين الشيعة السعوديين. لهذا السبب، فهو يعاقَب. وبالطريقة نفسها، فإن النساء والمدافِعات عن حقوق المرأة اللاتي طالبن بمزيد من الحقوق، يتعرضن للعقاب بالمثل".
وتساءلت: "ما هي المكاسب التي تأمل السلطات تحقيقها من خلال معاملة مواطنيها بهذه الطريقة؟ فبدلاً من المضي قدماً في هذه المحاكمة الصورية، يجب عليها إطلاق سراح الشيخ العُودة فوراً ودون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه".
حرب تغريدات على تويتر
واتخذت محاكمة العُودة صدىً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي منذ مساء أمس السبت، وتصدَّر هاشتاغ "سننقذ سلمان العُودة" قائمة التغريدات الأكثر تداولاً في المملكة.
وقال نجل العُودة إن "وسم #سننقذ_سلمان_العودة وصل إلى التريند في السعودية رغم حشود الذباب الإلكتروني والمجندين الأمنيين في أوكار البغي والاستبداد.. يدل على هذا التعاطف الشعبي الضخم والانحياز إلى قيم العدالة في المجتمع والحمد لله".
وأعرب المشاركون في الهاشتاغ عن تضامنهم الواسع مع الشيخ العُودة، ووصفوا محاكمته بأنها "غير نزيهة"، كما طالبوا المملكة بالإفراج الفوري عنه.
وفي مقابل دعوات التضامن مع الشيخ العُودة، انتشرت تغريدات مناهضة للعُودة على موقع تويتر تحت هاشتاغ "الإرهابي سلمان العودة"، لتبرير محاكمته السرية.
وقال حساب "معتقلي الرأي" في تعليقه على انتشار هذا الهاشتاغ: "(#الارهابي_سلمان_العوده) موجود فقط في مخيلة الذباب الإلكتروني .. أما في الواقع فهو الدكتور سلمان العودة الذي يخشى شعبيتَه وليُّ العهد، لأن له متابعين على تويتر أكثر بمرتين من الملك نفسه، كما قال نجله عبدالله العودة، عين الحقيقة لا تخفيها تغريدات ذبابية".
وتَعتبر العائلة الحاكمة في السعودية الجماعات الإسلامية "أكبر تهديد داخلي لحكمها"، بحسب تقرير لـ "بي بي سي"، التي أضافت أنه في التسعينيات من القرن الماضي طالبت حركة الصحوة، التي يعد العُودة أحد رموزها، بتطبيق إصلاحات سياسية، من شأنها إضعاف سلطات العائلة الحاكمة في السعودية.
وسُجن العُودة خلال الفترة من عام 1994 وحتى 1999، لمطالبته بتغييرات سياسية، وتسببت انتقاداته للعائلة الحاكمة في إشادة أسامة بن لادن به، لكن العُودة أعلن رفضه لأفكار بن لادن.