قدَّم أكاديمي بريطاني ماثيو هيدجز، الذي ظل محتجزاً في الحبس الانفرادي في الإمارات العربية المتحدة لمدة ستة أشهر تقريباً بعد اتهامه بالتجسس، شكوى رسمية لدى الأمم المتحدة بشأن معاملته.
وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، كان ماثيو هيدجز، وهو باحث في مرحلة الدكتوراه بجامعة درهام البريطانية، قد سافر إلى الإمارات لمدة أسبوعين لإجراء بحث متعلق بدراسته ولكن أُلقي القبض عليه في المطار وقضى شهوراً في مكتب بلا نوافذ تابع لجهاز أمن الدولة، وكان يُهدد دائماً بالتعذيب ويستجوب لمدة تصل إلى 15 ساعة في اليوم. وقد اتهمته الإمارات بالتجسس لصالح جهاز الاستخبارات البريطاني وأُجبر على تسجيل وتوقيع اعتراف بذلك.
رحلة أكاديمي بريطاني تتحول لجحيم في الإمارات
وقال هيدجز إنه كان يُستجوب كثيراً ويتعرض لمعاملة مُهينة وغير إنسانية تتضمن تهديدات بالتعذيب إذا لم يمتثل للأوامر. وأضاف أنه أُجبر على النوم على الأرض ولم يُسمح له برؤية ضوء النهار، وأُجبر أيضاً على تناول أدوية مهدئة مثل Xanax وأصبح مدمناً لهذا الدواء.
وقال: "لم ينتهِ كابوسي في اليوم الذي أُطلق فيه سراحي، ولا أستطيع وصف نوبات القلق اليومية وليالي الأرق وحالات الاكتئاب الحاد التي عانيت منها طوال 7 أشهر قضيتها في جحيم الإمارات".
وأضاف: "ذهبت ببساطة لإجراء بحث أكاديمي مشروع، فوجدت نفسي أتعرض لتعذيب أعاني منه وتهمة زائفة أُلصقت بي. أريد أن يكون لدي أمل في الإنسانية، أعرف أن العدالة يمكن تحقيقها، وأن أمضي قدماً في حياتي وأركز على مستقبلي".
وتابع: "لا أتمنى لأحد، ناهيك عن شخص بريء، أن يتعرض لما حدث لي، ولا أتمنى إلا أن ترغم الشكاوى التي قدمتها الإمارات إلى إعادة النظر في انتهاكات حقوق الإنسان التي أصبحت سمة عادية للحياة في البلاد، خاصة بالنسبة إلى الأبرياء الذين لا يزالون قيد الاحتجاز هناك".
إجبار على الاعتراف والتعرض للتعذيب
وقال محاميه رودني ديكسون كيو سي في رسالة إلى ميشيل باشيليت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن معاملة هيدجز في الإمارات انتهكت حقوقه الإنسانية وإنه أُجبر على الاعتراف خلال "إجراءات مجحفة".
وأضاف ديكسون: "تمتلك مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي صلاحية التحقيق في الاحتجاز التعسفي لماثيو والتوصل إلى نتائج بشأن الانتهاكات الخطيرة لحقوقه الأساسية. إذ لا ينبغي أن نصمت ونترك ما حدث يشوه سمعته مدى الحياة".
وتابع: "ينبغي على وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث أن تسعى جاهدة لتبرئة ماثيو، لكنها ترفض التدخل. ونحن على ثقة أن الأمم المتحدة ستقدم المساعدة لماثيو وتصون حقوقه الإنسانية".
وفي الأسبوع الماضي، قدَّم مشجع بريطاني لكرة القدم من مدينة وولفرهامبتون يُدعى علي عيسى أحمد، قال إنه احتُجز وعُذِّب أثناء قضائه إجازته في الإمارات بسبب ارتدائه قميص دولة قطر، شكوى مماثلة إلى الأمم المتحدة.
وقال إن السلطات الإماراتية عذبته في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط أثناء زيارته للبلاد لمشاهدة مباريات كأس آسيا.
السجن مدى الحياة في جلسة لم تدم أكثر من 5 دقائق
وكان هيدجز قد احتُجز بالقوة في مطار دبي في 5 مايو/أيار العام الماضي بعد رحلة بحثية لاستكمال أطروحته في مرحلة الدكتوراه وموضوعها الربيع العربي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، حكمت عليه محكمة في أبوظبي بالسجن مدى الحياة في جلسة استغرقت أقل من خمس دقائق دون حضور محاميه. ولكن بعد الغضب الدولي بسبب معاملته وتدخل وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، أصدر خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عفواً بحقه بعد أيام من الحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وطلب هيدجز في شكواه إلى الأمم المتحدة أن تأخذ في الاعتبار تقصير الحكومة البريطانية والمساعدة القنصلية التي تلقاها. وذكر أيضاً أن وزارة الخارجية البريطانية لم تتخذ أي إجراءات لتبرئته.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث: "لقد بذل موظفو وزارة الخارجية، بمن فيهم وزير الخارجية، قصارى جهدهم في قضية ماثيو. فقد سُررنا، ولا نزال، لرؤيته عائداً إلى المملكة المتحدة ولم شمل زوجته دانييلا وأسرته في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وأضاف: "أثار وزير الخارجية شخصياً قضية ماثيو في مناسبات عدة مع كبار المسؤولين في الحكومة الإماراتية، والتقى مع دانييلا خلال فترة احتجاز ماثيو، كما التقى كلا الزوجين دانييلا وماثيو بعد إطلاق سراحه".