أثار مسؤولو وزارة الداخلية غضب البعض بقولهم إنّ النساء اللواتي جرى الاتجار بهن من نيجيريا يستطعن أن يرجعن إلى بلدهن "بعد أن اغتنين من الدعارة" وأن "يحظين باحترام كبير" وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وذُكرت هذه التعليقات في مذكرة رسمية للسياسة والمعلومات حول الاتجار بالنساء النيجيريات، يستخدمها صانعو القرار في وزارة الداخلية فيما يتعلق بالتعامل مع طلبات الحماية وحقوق الإنسان.
وقد جرى تحديث هذه الإرشادات لتشمل فقرة حول آفاق المستقبل للنساء اللواتي جرى الاتجار بهن إذا عدن إلى نيجيريا، مستشهدة بتقارير الاتحاد الأوروبي وتقارير أسترالية أدلت بالملحوظات ذاتها، التي لم تكن في الإصدار الأخير المنشور في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وتنص الفقرة على التالي: "النساء اللواتي جرى الاتجار بهن، واللواتي يعُدن من أوروبا بعد أن اغتنين من الدعارة، يحظين بمكانة اجتماعية واقتصادية عالية، ولا يتعرضن في العموم لمواقف اجتماعية سلبية عند عودتهن. وعادة ما يحظين باحترام كبير لأنهن قد رفعن من إمكانات دخولهن".
تصريحات وزارة الخارجية تثير موجة غضب
وقالت الدكتورة شارلوت برودمان، وهي محامية في مجال حقوق الإنسان تمثل النساء والفتيات في قضايا العنف القائم على نوع الجنس، ولا سيما تشويه الأعضاء التناسلية للإناث: "السياسة البائسة لوزارة الداخلية بشأن الاتجار بالنساء في نيجيريا تظهر العداوة التي تواجهها الضحايا من النساء في طلب اللجوء إلى المملكة المتحدة.
فالإشارة إلى أنَّ النساء اللواتي جرى الاتجار بهن غنيات ويتمتعن بمكانة اجتماعية اقتصادية [عالية]، هي خطأ جوهري".
وأوضحت برودمان: "النساء اللاتي أُمثلهن في محاكم الهجرة غالباً ما يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة، ويعانين دائماً من العوز. إذ إنهن عادة تعرضن للاغتصاب المتكرر والضرب، وتكون عائلاتهن قد تبرأت منهن. بل إنَّ بعضهن يواجهن خطر التعرض لأعمال انتقامية بعد عودتهن إلى بلادهن. فالإيذاء الذي يتعرضن له يقترب من العبودية" .
وعلى وزارة الداخلية تعديل سياستها على الفور
وأضافت: "هذه الصورة التي ترسمها وزارة الداخلية بعيدة عن الواقع ولا تؤدي إلا إلى تعزيز الأساطير حول الدعارة والاتجار بالجنس. لا شك أنَّ هذه السياسة سوف تشجع صانعي القرار على رفض المزيد من طلبات اللجوء، بالنيابة عن وزارة الداخلية" .
وأردفت برودمان قائلة: "ينبغي لوزارة الداخلية أن تصدر اعتذاراً وأن تعدل هذه السياسة على الفور" .
وقالت كيت أوسامور، النائبة في البرلمان عن حزب العمال ورئيسة المجموعة البرلمانية التي تضم جميع الأحزاب حول نيجيريا، والتي نظرت في أثر الاتجار، إنه من بين جميع قصص الاتجار التي سمعوها "لم تكن هناك نهاية سعيدة".
وأوضحت أوسامور: "الأمر مقلق للغاية، وهو يظهر أنَّ وزارة الداخلية لا تثق في الأشخاص الذين يمرون بهذه التجارب. نتوقع من السلطات أن تستقبل هؤلاء الناس وتستمع إليهم وتتقصى تجربتهم، ولا أن تعامل الاتجار [بالبشر] وكأنه وظيفة".
وأضافت: "هذه نصيحة لموظفي الخدمة المدنية الذين لا يجتمعون حتى مع الناس، إذ يتم الأمر برمته من خلال [ملء] النماذج. ينبغي إخبارهم أنه لو قلن إنه قد جرى الاتجار بهن، فينبغي لهم الاجتماع بهن شخصياً وتقصِّي تجربتهن".
لا أحد ينجح إذا تورط في الاتجار ودوامته
وتابعت أوسامور: "وفقاً للواقع والبيانات والأشخاص الذين التقينا بهم، فلا أحد ينجح. إذ يتورطن في الاتجار ودوامته. يُباع الناس على الإنترنت. تتورط هذه النساء في الدعارة وينبغي الاعتناء بهن. فقد تعرضن للضرب والاغتصاب، وصحتهن العقلية سيئة".
قالت كيت غاربز، وهي مديرة إدارة في مؤسسة Unseen الخيرية المعنية بتجارة الرقيق المعاصرة والاتجار بالبشر، إنَّ هذه التوجيهات المحدَّثة أكدت الطبيعة المتناقضة لاستجابة الحكومة للحماية من العبودية والاتجار، مضيفة أنَّها "من المحتمل أن تُظهر أنَّ البيئة المعادية لا تزال قائمة وعلى أشدها في وزارة الداخلية" .
وأوضحت غاربز قائلة: "نرى أنه من المذهل أنَّ وزارة الداخلية شعرت بالحاجة إلى إدراج مثل هذا التصريح في توجيهاتها القطرية الخاصة بنيجيريا، ولا سيما في ظل عدم وضوح النقاط المرجعية لهذا الزعم" .
ماذا بعد العودة إلى أراضيهن!
وأضافت: "ينبغي أن نكون حذرين لئلا نخلط قضايا الدعارة بوصفها نشاطاً من أنشطة الهجرة الاقتصادية، والاتجار في صناعة الجنس الذي تُنتزع فيه جميع السيطرة من الفرد" .
وأردفت غاربز: "تشير هذه الإرشادات إلى محدودية العلاج الذي تتلقاه من جرى الاتجار بهن عند عودتهن إلى نيجيريا، وتقبل باحتمالية تعرضهن للتمييز والتهميش، فضلاً عن الاضطهاد".
وقالت: "من المحتمل أن يؤدي إدراج تصريحات بأنَّ النساء اللواتي جرى الاتجار بهن من نيجيريا يمكنهن العودة إلى البلاد "بعد أن اغتنين من الدعارة" وأنهن "يحظين باحترام كبير" إلى وضع شكوك في أذهان صانعي القرار، ومن شأنه أن يؤدي إلى تبرير سوء اتخاذ القرارات بشأن المخاطر التي يواجهنها عقب عودتهن بدلاً من التركيز على تقييم وفهم الفرد الذي يُتخذ القرار من أجله".
وينص تقييم وزارة الداخلية على أنَّ أي امرأة جرى الاتجار بها بغرض الاستغلال الجنسي وعادت إلى نيجيريا، من غير المرجح أن تكون معرضة للانتقام أو إعادة الاتجار بها على يد من اتجرن بها في الأصل، لكنه يعترف بأنهن ربما يكنَّ عرضة لسوء المعاملة أو إعادة الاتجار بهن استناداً إلى حالة الضعف الخاصة بهن.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "من المحزن أنَّ العبودية المعاصرة والعمل القسري والاتجار بالبشر ليست من شرور الماضي. بموجب قانون العبودية الحديثة، تلتزم الحكومة بضمان حصول الضحايا على الدعم الذي يحتاجونه وتقديم الجناة إلى العدالة" .