رئيس جديد لكازاخستان وسط اعتقالات المئات من المشككين في نزاهة الانتخابات

وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية، فقد حصلت كازاخستان، التي حكمها القائد السلطوي نفسه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، أخيراً على رئيسٍ جديد

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/11 الساعة 14:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/11 الساعة 15:29 بتوقيت غرينتش
قاسم جومارت توكاييف، الرئيس المؤقت لكازاخستان والمساعد الوفي لنزارباييف/ رويترز

وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية، فقد حصلت كازاخستان، التي حكمها القائد السلطوي نفسه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، أخيراً على رئيسٍ جديد، بعدما أكَّدت نتائج الانتخابات غير المتوازنة التي أُعلِنَت الإثنين 10 يونيو/حزيران 2019، انتصار المرشح قاسم جومارت توكاييف المُنتَقى من جانب النظام القديم في التصويت الذي جرى التحكم فيه بقوة وشابته المئات من الاعتقالات.

فوز قاسم جومارت توكاييف في الانتخابات الرئاسية في كازاخستان

أظهرت النتائج الأولية للتصويت الذي جرى يوم الأحد 9 يونيو/حزيران فوز قاسم جومارت توكاييف، الخليفة الذي اختاره الحزب الحاكم للرئيس نور سلطان نزارباييف، بـ70.7% من الأصوات، مُتقدِّماً على أقرب منافسيه، مرشح المعارضة الخاضع رسمياً لعقوبات أميرجان كوسانوف، الذي لم يحصل إلا على 16% فقط.

وندَّد مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بالانتخابات باعتبارها غير نزيهة. وقالت المنظمة في بيانٍ لها يوم الإثنين إنَّ عملية الاقتراع جرت "في بيئة سياسية يهيمن عليها الحزب الحاكم"، وشابتها "مخالفات في يوم الانتخاب وتجاهلٌ للإجراءات الرسمية" بما يعني أنَّه "لا يمكن ضمان عملية إحصاء نزيهة (للأصوات)".

وكان نزارباييف، زعيم الحزب الشيوعي السابق في البلاد والبالغ من العمر 78 عاماً، أعلن في مارس/آذار 2019 أنَّه سيُسلِّم سلطاته الرئاسية لتوكاييف، فيما يحتفظ بمنصبيه رئيساً لمجلس الأمن في البلاد وزعيماً للحزب الحاكم.

وتشير النتيجة والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الشرطة يوم الأحد بحق المحتجين السلميين إلى أنَّه في حين تخلَّى القائد المخضرم عن الرئاسة، فإنَّ النظام الذي أسَّسه خلال سنوات حكمه الـ28 لا يزال راسخاً بقوة. وكان نزارباييف، قبل أن يصبح رئيساً، قد تولَّى منصب زعيم الحزب الشيوعي في كازاخستان، التي انفصلت فيما بعد عن الاتحاد السوفييتي.

وحرصاً على تجنُّب الاحتجاجات أثناء تصويتٍ ندَّدت به المعارضة باعتباره مهزلة مزورة لصالح توكاييف، أغلقت السلطات مواقع فيسبوك وتطبيق تلغرام للتراسل عبر الهواتف المحمولة في محاولة لإخفاء الدعوات لتنظيم فعاليات عامة للمعارضة.

وكانت النتيجة متوقعة ، خاصة أن الرئيس الجديد تابع للنظام القديم

لم يكن خروج نتيجة انتخابات الأحد بهذا الشكل موضع شك مطلقاً، شأنها في ذلك شأن كل الانتخابات السابقة في البلاد، على الرغم  من جهود توكاييف (66 عاماً) للترويج لصورة مرنة أكثر لنفسه بعض الشيء مقارنةً بسلفه وأستاذه. وكان توكاييف رئيساً سابقاً للوزراء ووزيراً للخارجية في عهد نزارباييف.

وصرَّح توكاييف للقسم المُوجَّه لكازاخستان من إذاعة أوروبا الحرة المموَّلة أمريكياً قائلاً: "إن كان هناك أشخاص يهتفون بشعارات، فهذا خيارهم". لكنَّ القوات الأمنية تحرَّكت سريعاً أثناء التصويت يوم الأحد لإسكات كل تلك الهتافات.

وقال المراقبون إنَّ السؤال الحقيقي المطروح بشأن الانتخابات هو حجم انتصار توكاييف وما إذا كان سيُسمَح له بالاقتراب من مجاراة نزارباييف، الذي فاز بـ97.7% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2015.

وشهدت البلاد مظاهرات ضد النتيجة مع اتهامات بالتزوير

هذا واعتُقِل نحو 500 شخص، بينهم عدد من الصحفيين الكازاخيين والأجانب، أثناء محاولات فاشلة للاحتجاج في عاصمة البلاد التي تغيَّر اسمها مؤخراً من أستانة إلى نور سلطان تكريماً للرئيس السابق، وكذلك في العاصمة الاقتصادية للبلاد مدينة آلماتي.

وغرَّد أحد الصحفيين الأجانب يُدعى كريس ريكليتون، وهو مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" وكاتب بموقع Eurasianet الذي يُركِّز على شؤون المنطقة، بصورة لنفسه داخل شاحنة تابعة للشرطة وتبدو على وجهه آثار كدمات. وقال إنَّ الكدمات جاءت بعد عملية "اعتقالٍ قاسٍ" له، مضيفاً أنَّه لم يتعرَّض للضرب عمداً، لكنَّه سقط على ركبة أحد الضباط الذين كانوا يلقون القبض عليه.

أُطلِق سراح معظم أولئك الذين اعتُقِلوا دون توجيه اتهاماتٍ لهم، لكنَّ عشرات آخرين احتُجِزوا يوم الإثنين.

وحمَّلت الحكومة مجموعة "الخيار الديمقراطي الكازاخستاني"، وهي مجموعة معارضة قائمة في الخارج صنّفتها السلطات منظمة متطرفة، مسؤولية الصدامات بين الشرطة والمحتجين.

ونقلت وسائل الإعلام الكازاخية التابعة للدولة عن النائب الأول لوزير الداخلية مارات كوجاييف قوله إنَّ "القادة الهاربين لهذه المنظمة" دبَّروا "مسيرات مُخرِّبة اجتماعياً" و"شرعوا في عملية دعائية كبرى لتشويه السلطات".

وفي حين كان نزارباييف صارماً تجاه المعارضة العامة، فإنَّه في الغالب تجنَّب الوحشية الممنهجة التي اتبعها الدكتاتوريون الآخرون في منطقة آسيا الوسطى أمثال إسلام كريموف في أوزباكستان، الذي توفي عام 2016، وصفرمراد نيازوف في تركمانستان، الذي توفي في 2006. وحظي الرجل كذلك بدعمٍ حقيقي من الكثير من الكازاخيين بسبب حفاظه على استقرار بلدهم وإشرافه على التحول من ولاية سوفيتية فقيرة إلى قوة إقليمية ناشئة ومزدهرة نسبية بفضل عائدات النفط.

كان كل الجيل الأول من قادة دول المنطقة في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي مسؤولين بارزين سابقين بالحزب الشيوعي تحولوا إلى أبطال للاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وتلقى توكاييف تعليمه في موسكو، وعمل بوزارة الخارجية السوفيتية، لكنَّه لم يكن قط شخصية بارزة في الحزب.

علامات:
تحميل المزيد