في تقرير استغرق إعداده أكثر من عامين، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء 28 مايو/أيار، إن قوات الجيش والشرطة المصرية في شبه جزيرة سيناء ترتكب انتهاكات جسيمة وواسعة ضد المدنيين ترقى بعض هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب، وهي جزء من حملة مستمرة ضد جماعة "ولاية سيناء" المسلحة، المرتبطة بتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروفة إعلامياً بـ "داعش".
"هيومن رايتس ووتش" تتهم الجيش المصري بارتكاب جرائم حرب في سيناء
حسب التقرير، الذي نشرته هيومن رايتس ووتش وجاء في 116 صفحة، فقد وثق جرائم تشمل الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية ضد المدنيين.
ورغم مسؤولية الجيش والشرطة في مصر عن الكثير مما قالت هيومن رايتس ووتش إنه جرائم وانتهاكات في سيناء، فإن التقرير أشار الى الجرائم المروعة التي ارتكبها تنظيم ولاية سيناء، حيث قال التنظيم، إن المسلحين ارتكبوا أيضاً جرائم مروعة، بما فيها خطف وتعذيب عشرات السكان، وقتل بعضهم، والإعدام خارج نطاق القضاء بحق عناصر الأمن المحتجزين.
وحسب التقرير، فقد أتمت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات مع 54 من سكان شمال سيناء بين 2016 و2018 من أجل التقرير، فضلاً عن مقابلات أخرى عدة مع ناشطين وصحفيين وشهود آخرين، من بينهم ضابطان سابقان بالجيش وجندي ومسؤول حكومي سابق عملوا جميعاً في شمال سيناء، ومسؤول أمريكي سابق مختص بالأمن القومي وكان مكلفاً بمتابعة الشأن المصري.
حيث انتهك الجيش قوانين الحرب الدولية وقوانين حقوق الإنسان
وقال التقرير إن الأعمال العدائية في شمال سيناء، مع استدامة القتال بين قوات ذات هياكل منظمة، وصلت إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي، وأن الأطراف المتحاربة انتهكت قوانين الحرب الدولية وكذلك قوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية.
حيث يتم استهداف وإساءة معاملة المدنيين، وعدم تمييز المدنيين عن المقاتلين من قِبل الجانبين، أدى إلى سحق الحقوق الأساسية للمدنيين وتدمير أي حيّز مُمكن للنشاط السياسي السلمي أو المعارض. كما ساهمت تلك الانتهاكات في تصعيد عسكرة الصراع، وتهجير السكان.
وحسب التقرير، فقد جنّد الجيش المصري مجموعات من سكان شمال سيناء في ميليشيات مسلحة لعبت دوراً كبيراً في الانتهاكات. ساعدت هذه الميليشيات غير النظامية وغير الرسمية الجيش، الذي كان يفتقر كثيراً إلى الخبرة في شمال سيناء قبل الصراع، من خلال توفير المعلومات الاستخبارية والقيام بمهام نيابة عنه.
ويستخدم عناصر الميليشيات السلطات الممنوحة لهم بموجب الأمر الواقع للقبض على السكان تعسفًا، وتصفية الحسابات والخلافات الشخصية. كما شاركوا في التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.
وخلص تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء اعتقلت أكثر من 12 ألفاً من السكان منذ يوليو/تموز 2013 حتى ديسمبر/كانون الأول 2018. أقرّ الجيش رسمياً بحوالي 7,300 عملية اعتقال، لكنه نادراً ما نشر أسماء أو اتهامات هؤلاء المعتقلين.
كان العنف تصاعد بشكل كبير بعد يوليو/تموز 2013، حيث أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" المحلية المسلحة الولاء لتنظيم داعش أواخر 2014، وغيّرت اسمها إلى "ولاية سيناء". رداً على ذلك، نشر الجيش أكثر من 40 ألف جندي، بما يشمل وحدات البحرية وسلاح الجو والمشاة.