أرسل زعيم يميني نمساوي متطرف تجمعُه علاقات بالفاشيين الأمريكيين، دعوة لاحتساء القهوة إلى المتهم باغتيال 50 مسلماً في هجوم مسجدي نيوزيلندا الإرهابي.
موقع The Daily Beast الأمريكي قال إن مارتن سيلنر، زعيم حركة الهوية النمساوية، تلقى تبرعات بنحو 1700 دولار من برينتون تارانت في 2018.
ويدفع سيلنر وحركته بنظريات المؤامرة العنصرية، وضمن ذلك النظرية التي استخدمها تارانت لتكون عنواناً لبيانه الذي نشره قبل اغتياله 50 مصلياً في مارس/آذار 2019. بعد الكشف عن العلاقات المالية، حاول سيلنر أن ينأى بنفسه بعيداً عن تارانت.
البريد الإلكتروني يورط يمينياً متطرفاً
لكن وسائل الإعلام النمساوية والألمانية نشرت هذا الأسبوع، تقارير تفيد بأن سيلنر تبادَل رسائل البريد الإلكتروني مع تارانت حتى يوليو/تموز 2018 على أقل تقدير، وأن كلا الرجلين دعا الآخر إلى بلده.
ويبدو أن الاتصالات بدأت بعد تبرُّع تارانت بمبلغ كان كبيراً على غير المعتاد، إذ إن أغلب التبرعات التي يحصل عليها سيلنر وجماعته "كانت لا تتجاوز المئات"، حسبما قال مسؤول نمساوي من قبلُ عن التبرعات الأخرى. دفع تبرُّع تارانت بهذا المبلغ سيلنر إلى أن يكتب له رسالة شكر، وهو ما أطلق محادثة بينهما.
وقال سيلنر إنه يرغب في لقاء تارانت واحتساء القهوة أو الجعة معه إذا جاء الأخير في أي وقت لزيارة النمسا، حسب رسائل البريد الإلكتروني التي نشرتها لأول مرةٍ، هيئة البث الإذاعي النمساوية "ORF". كتب تارانت رداً على العرض أن الشعبين النيوزيلندي والأسترالي سيكونان سعيدين باستضافة سيلنر.
أكد سيلنر، على موقع تويتر، صحة رسائل البريد الإلكتروني. وكتب: "قلت دائماً إننا تبادلنا رسائل البريد الإلكتروني، وإنني كنت سأقابله إذا طلب ذلك. لِم لا؟! لستُ عليماً بكل شيء".
وهو ما جعله متهماً بدعم مُنفذ هجوم مسجدي نيوزيلندا
وزار تارانت النمسا في مرحلة ما، حسبما أكد المحققون بذلك البلد في شهر مارس/آذار 2019، رغم أنهم لم يوضحوا متى حدث ذلك. ويدَّعي سيلنر أنه لم يقابل منفذ هجوم مسجدي نيوزيلندا من قبل، وأفاد في البداية بأنه لم يتواصل من قبلُ معه.
وقال سيلنر في فيديو نُشر فور كشف المحققين النمساويين عن تبرعات تارانت: "لست عضواً في منظمة إرهابية، وليس لديَّ علاقة بهذا الرجل، فيما عدا أني تلقيت تبرعات منه بصورة تلقائية".
وأخبر لاحقاً صحيفة The New York Times، بأنه تبادل رسائل البريد الإلكتروني مع تارانت، لكنه لم يكشف عما وصل إليه الحديث. قال سيلنر: "منحني تبرعاً سخياً وشكرته، وذلك كُلُّ ما في الأمر".
ونشرت هيئة البث النمساوية "ORF" أيضاً، أن سيلنر حذف رسائل البريد الإلكتروني قبل ساعات قليلة من مداهمة منزله. ودفعت هذه الأنباء زعيماً في الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي ليتساءل عما إذا كان سيلنر تلقّى تحذيراً بشأن المداهمة.
قال توماس دروزدا، المدير الإداري الفيدرالي للحزب، في بيان صحفي: "يصعب عليَّ تصديق أن هذا حدث من باب المصادفة"، مشيراً إلى العلاقات الوثيقة بين المتطرفين الذين ينتمي إليهم سيلنر وحزب الحرية النمساوي اليميني.
وجعله أيضاً ممنوعاً من دخول أمريكا وبريطانيا
كان سيلنر ما زال محتفظاً بلقطات شاشة لرسائل البريد الإلكتروني، التي عُثر عليها عندما صادر المحققون الأجهزة الإلكترونية. ومن جانبه، أنكر الزعيم اليميني على تويتر تلقِّيه أي تحذيرات.
ويحاول سيلنر الآن الانتقال إلى الولايات المتحدة، للزواج بنجمة يوتيوب يمينية أخرى. بعد أن كُشفت العلاقات المالية بينه وبين تارانت، قررت السلطات الأمريكية إلغاء استثناء السفر، الذي يسمح له بالبقاء في البلاد من دون تأشيرة.
وتطالب حالياً لجنة جمهورية في مدينة كوتناي بولاية أيداهو، حيث تعيش خطيبة سيلنر، الحكومة الفيدرالية بتجديد استثناء السفر الخاص بسيلنر.
تورَّط سيلنر، قبل تورُّطه مع تارانت منفذ هجوم مسجدي نيوزيلندا في مشهد متعلق بالنازيين الجدد في النمسا. وقد استأجر مع إحدى مجموعاته سفينةً، لمضايقة المهاجرين وقوارب الإغاثة في البحر الأبيض المتوسط عام 2017. واتُّهم أيضاً من قبلُ بالتحريض على الكراهية، لكنه بُرِّئ منها، ومُنع من دخول المملكة المتحدة.
ويبدو أن تارانت كان يحمل إعجاباً بسيلنر. فعندما شكره النمساوي على التبرع، ردَّ تارانت حسب التقارير، بأنَّ تبرُّعه كان ضئيلاً مقارنة بعمل سيلنر.