اتفقت وسائل الإعلام النيوزيلندية على الحدِّ من التغطية الإعلامية لمزاعم تفوق ذوي البشرة البيضاء، بإيقاف تغطية أخبار سفاح المسجدين.
إذ قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن وسائل الإعلام اتفقت على الحدِّ من تقاريرها عن محاكمة الرجل المتهم بمذبحة مسجد كرايستشرش، وذلك في محاولة منها للحدِّ من انتشار معتقداته بسيادة البيض.
وقّعوا اتفاقية قبل جلسة محاكمة سفاح نيوزيلندا
وقد وقعت أكبر خمس منظمات إعلامية في نيوزيلندا على اتفاقية تطوعية تلزمها بمجموعة صارمة من البروتوكولات المصممة بهدف الحدِّ من نشر مبادئ القاتل ومعتقداته، وذلك قبل ظهور المتهم في المحكمة المرة المقبلة يوم الجمعة 14 يونيو/حزيران 2019.
وتفيد نسخة من الاتفاقية التي وقع عليها رؤساء منظمات RNZ وTVNZ و Mediaworks، وNZME وStuff بأنهم يخشون من أن يستخدم المتهم محاكمته "كمنصة لنشر وجهات النظر أو الأيديولوجية التي تروج تفوق العرق الأبيض أو الإرهاب"، وتشير إلى الحاجة لاتخاذ إجراءات وقائية للحد من مستمعيه وكذلك من ظهوره على وسائل الإعلام.
كما ورد في الاتفاقية: "ونحن أيضاً مدركون لدورنا كـ'عيون وآذان للجماهير' في سياق تغطية المحاكمة".
"وفي هذه الحادثة، نحن نعترف بالأهمية البالغة لهذه الوظيفة، فهناك عديد من أصدقاء الضحايا وعائلاتهم خارج نيوزيلندا الذين ربما لن يتمكنوا من معرفة ما يحدث في المحاكمة بأي طريقة أخرى".
هناك شرط أساسي واحد لتغطية محاكمة السفاح
تتضمن تعهدات الاتفاقية تكليف صحفي أساسي واحد فقط بتغطية المحاكمة، والحدِّ من تغطية البيانات التي "تمجد" تفوق ذوي البشرة البيضاء أو المبادئ الإرهابية، وعدم أخذ اقتباسات من بيانات المتهم، وعدم نشر أو إذاعة أي "صور، أو رموز، أو علامات" تتعلق بالمتهم تشير إلى أيديولوجية تفوق البيض، بما في ذلك إشارات اليد مثل التحية النازية.
وتُعدُّ الاتفاقية الأولى من نوعها التي يتم توقيعها في نيوزيلندا، وهي تمثل خطوة جريئة للأمام نحو التعاون الإعلامي في خضم فترة من المنافسة الشرسة على الجماهير المتضائلة.
حقبة جديدة في الصحافة النيوزيلندية بعد هجوم المسجدين
قال بول تومبسون، المدير التنفيذي ورئيس تحرير إذاعة دولة نيوزيلندا RNZ إن السرعة التي تمت بها مناقشة الاتفاقية وتوقيعها بعد الهجوم مباشرة ترمز إلى حقبة جديدة لتعاون الصحافة المحلية لتغطية هذا الحدث الذي يُعد الأصعب والأكثر تحدياً في تاريخ البلاد.
وأضاف: "اعتقدت أنه كان من المهم أن نتفق نحن كبار المحررين على اتباع سياسة متسقة وموحدة لإظهار أننا سنكون على قدر من المسؤولية والصرامة بشأن كيفية تغطية المحاكمة".
وتابع: "احتجنا إلى أن نظهر أننا لن نكون منصة للحديث عن الكراهية، وأننا لن ننشر أيديولوجية الكراهية، ولن نكون مثل حجر الشطرنج يحركنا الآخرين".
وقال تومبسون إنه يتوقع بعض المقاومة من الجماهير التي أرادت أن تتابع المحاكمة كلمة بكلمة، إلى جانب شكاوى الآخرين الذين يشعرون بأن المتهم لا يستحق أي تغطية إعلامية على الإطلاق، مضيفاً: "ستكون هذه المحاكمة متقلبة وصعبة للغاية، ولن تكون وسائل الإعلام العالمية محافظة [مثل المحلية]، وستكون منصات التواصل الاجتماعي متوحشة كالمعتاد. أعتقد أن هذا يحتم على المؤسسات الإخبارية الموثوق بها أن تفعل ما في وسعها لتقديم معلومات موثوقة إلى الناس".
هذا، وقد امتدحت آن جولدسون، أستاذ الإعلام والتواصل في جامعة أوكلاند، الاتفاقية، وقالت إنها تبدو وكأنها تأخذ وجهة مختلفة عن قضايا الإرهاب الكبيرة الأخرى؛ مثل محاكمة السفاح النرويجي آندريس بريفيك الذي أطلق على نفسه لقب النازي.
قالت جولدسون: "في قضية آندريس بريفيك، كانت المجريات مذاعة إلى حدٍّ كبير، وحسب ما فهمته فإنه قدم أداءً ضعيفاً جدّاً فانقلب الأمر على أفكاره. ولكن كان في هذا شيء من المخاطرة".
هذا، وقد أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن أنها ستتزعم جهداً دوليّاً لمحاربة الإرهاب والتطرف العنيف على منصات التواصل الاجتماعي، وقد أبرمت محادثات مع شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك حول تعديل منصاتها وجعلها أكثر حزماً.
عن القاتل المتعصب للعرق الأبيض
يذكر أنه يوم الجمعة 15 مارس/آذار 2019، أطلق الرجل النيران ليقتل 50 شخصاً ويصيب مثلهم في مسجدين بمدينة كرايستشرش، وهو أكبر حادث إطلاق نار في تاريخ نيوزيلندا الحديث.
القاتل رجل أسترالي يُدعى برينتون تارانت، وأقدم على جريمته لتعصبه للعرق الأبيض. وهو محتجز الآن انفرادياً في سجن باريمورمو، وهو السجن النيوزيلندي الوحيد ذو الحراسة المشددة، وقد قدم شكوى أن هذا ينتهك حقوقه الإنسانية.